قضايا وآراء

دعوة إلى العراك

| أحمد ضيف الله

رفض مقتدى الصدر كل محاولات التواصل الشخصي معه، للحوار من أجل إنهاء الأزمة السياسية، وجينين بلاسخارت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، هي الشخص الوحيد الذي نجح في الوصول إليه والتحدث معه في الخامس من آب الحالي في مقر إقامته بالنجف، وقد كان واضحاً أنه رفض الانفتاح على إجراء أي حوار مع خصومه.

مقتدى الصدر بعد أن أعلن في تغريدته في الـ20 من آب الجاري، أنه قدم «مقترحاً للأمم المتحدة لجلسة حوار بل مناظرة علنية وببث مباشر مع الفرقاء السياسيين أجمع.. فلم نر تجاوباً ملموساً منهم»، أوضح عضو تحالف الفتح حامد الموسوي في حديث لبرنامج «بالمختزل» الذي بثته قناة «السومرية» الفضائية في العشرين من آب الجاري، أن «بلاسخارت خلال لقاءاتها قيادات التنسيقي لم تُبلغ بوجود رغبة صدرية لحوار علني»، معتبراً تغريدة الصدر «خطوة إلى الأمام للقبول بالحوار»، بينما رحب بدعوة «المناظرة»، محمود الربيعي عضو المكتب السياسي في عصائب أهل الحق الذي يرأسه قيس الخزعلي، وبليغ أبو كلل القيادي في تيار الحكمة الذي يرأسه عمار الحكيم، وشخصيات أخرى من قوى الإطار التنسيقي.

حتى الآن، لا أحد يعرف كيف ستجري «المناظرة»، وهل ستشارك فيها كل أطراف العملية السياسية، أم هي مع قوى الإطار التنسيقي فقط؟! أم هل سيشارك مقتدى الصدر ورجاله في المناظرة، مقابل كل قادة الإطار التنسيقي؟ أم سينتدب الصدر وزيره مقابل شخصية يختارها الإطار؟

المناظرة التي ستكون على الهواء مباشرة، هل سيديرها ويشرف عليها فريق تحكيم دولي مختص؟ أم ماذا؟ وهل هي من أجل إنهاء حالة الانسداد السياسي؟ وكيف؟ أم هي للاستهلاك المحلي وإضاعة الوقت، لإبقاء الحال على ما هو عليه؟

أسئلة عديدة لا حصر لها عن «المناظرة»، وليس من مجيب.

في الثالث عشر من أيلول الماضي، وخلال حملة المناظرات الإعلامية بين مرشحي انتخابات مجلس النواب الحالي، وصف النائب المستقل باسم خشان في برنامج «القرار لكم» لقناة «دجلة» الفضائية، وبحضور القيادي الصدري عواد العوادي، ادعاءات الإصلاح التي يطلقها مقتدى الصدر، بأنها «منافقة»، وبأن الصدر «زعيم كتلة فاسدة».

النائب خشان، بعد إعلان أبي ياسر المعاون الجهادي لمقتدى الصدر في بيان له، أنه «مازلنا نتابع الموضوع عن كثب وسيكون لنا موقف في حالة عدم تقديم الاعتذار من «فاقد الأدب» بكل الطرق القانونية والعرفية وبما لا يخرج عن تربية آل الصدر»، قال خشان: «لن أتراجع عن أقوالي، ولن أقدم اعتذاري للسيد الصدر، لأني محق وأنا أقف بجانب الحق دائماً، وقولي كان ينصرف إلى أن ادعاء الصدر للإصلاح غير صحيح ولا وجود له على أرض الواقع، حيث أفعاله وأقواله متناقضة ومتباعدة»، مشيراً إلى أن «الصدر عمل على تلوين وتزييف الحقائق بعكس ما موجود حالياً، وأنا لن أحيد عن الحق».

عشيرة «البركات» التي ينتمي لها النائب خشان، في بيان لها، حملت «مقتدى الصدر شخصياً مسؤولية أي تجاوز يحدث من أتباعه أو فعل يؤدي إلى المساس بأمن وسلامة النائب باسم خشان».

في الرابع عشر من آب الجاري، هاجم مسلحون يحملون الهروات النائب خشان وشقيقه واثنين من أبناء عمه في منطقة «عفك» بمحافظة القادسية، قال إنهم عناصر «تابعون لسرايا السلام» الصدرية، وتسببوا وفق تصريحاته برضوض في جسمه وإلحاق أضرار بسيارته، وإثر ذلك استعرض المئات من عشيرة النائب خشان، وعشائر آل حمزة، وآل حميد، وقيس، والعدنانية وعشائر أخرى من المنطقة، قوتهم بإطلاق النار في الهواء، مهددين بأخذ الثأر.

ومن هنا يمكن فهم مغزى تغريدة رئيس حركة إرادة النائب حنان الفتلاوي في الحادي والعشرين من آب الحالي، بإعلان قبولها «بالمناظرة باعتباري أحد قادة الكتل في الإطار التنسيقي شرط أن يضمن سماحته سلامتي بعد انتهاء المناظرة».

أيام ثقيلة تمضي، والتباعد بين الخصمين السياسيين التيار الصدري والإطار التنسيقي يزداد، حيث يؤجج وزير الصدر «الشبح»، نار الخلافات بين تياره، ومن سماهم بـ«الثالوث الإطاري المشؤوم»، تيار الحكمة برئاسة عمار الحكيم، وائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي، و«كتلة صادقون» التابعة لعصائب أهل الحق، محرضاً كذلك باتجاه القضاء ومجلسه.

مستشارو مقتدى الصدر، ممن يَطلق عليهم بعض العراقيين اسم «أولاد الرفيقات»، دفعوا بمقتدى الصدر إلى قعر بئر عميقة، ولم يبقَ من أمل لإخراجه من البئر سوى مبادرة من «شيخ الإطار» هادي العامري رئيس تحالف الفتح بالذهاب إلى منزله في النجف بصحبة حكماء القوم لإخراجه من البئر، ومن دون انتظار قبول الصدر ذلك، إنقاذاً للعراق، ولسمعة ونضالات آل الصدر الشهداء، والده، وعمه محمد باقر الصدر، وعمته بنت الهدى، وإمام المقاومة اللبنانية المغيب موسى الصدر، واحتراماً لحكيمهم إسماعيل الصدر، علّ ذلك ينهي محنة العراقيين ووجعهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن