سورية

أبرزها إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وحل مشكلات المياه … المقداد: هناك استحقاقات على تركيا القيام بها لإعادة العلاقات مع سورية … لافروف: روسيا تعمل على التقريب بين البلدين على أساس قرارات الأمم المتحدة

| وكالات

أكد وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد أمس أن هناك استحقاقات يجب أن، تقوم بها تركيا وأن تتم على أساس احترام سيادة الدول لكي تعود العلاقات بين البلدين إلى ما كانت عليه قبل بدء الحرب الإرهابية على سورية، موضحاً أن هذه الاستحقاقات هي إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لسورية وحل مشكلات المياه بين البلدين، معتبراً أن هذا يشكل مقدمة لإعادة العلاقات إلى ما كانت عليه.

المقداد الذي كان يتحدث خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو عقب جلسة محادثات بينهما، قال حسب وكالة «سانا» للأنباء: «ناقشنا خلال جلسة مباحثات مطولة ومعمقة علاقاتنا الإستراتيجية ومواقف بلدينا الصديقين على صعيد الأوضاع التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط وعلى صعيد الأمم المتحدة وكما يعلم الجميع فإن العلاقات السورية- الروسية إستراتيجية وتاريخية وثابتة وقائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وتأتي تعبيراً عن إرادة شعبي البلدين في إقامة أفضل العلاقات».

وأضاف: «ناقشنا أيضاً التنسيق السياسي بين البلدين على المستويات كافة ونحن دائماً على خط واحد مع الأصدقاء الروس ونرى أنه من الضروري استمرار هذا التنسيق الوثيق لأننا نمثل قضايا عالمية عادلة في عالم اليوم الذي يسوده النفاق والصلف الغربي في تحدٍ لإرادة البشرية في الحرية والاستقلال».

وأشار المقداد إلى أن روسيا وقفت خلال السنوات الماضية إلى جانب سورية في حربها على الإرهاب المدعوم من الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي تدعي أنها تحارب الإرهاب لكنها في الحقيقة تدعم هذا الإرهاب الذي دمر البنى التحتية والاقتصاد السوري وما بناه المواطن السوري خلال مئات السنين وخاصة الاعتداءات الواضحة على الإرث التاريخي بما فيها الآثار التي اعتدى عليها هؤلاء الإرهابيون ودمروها بناء على تعليمات من أسيادهم.

وأوضح، أن المباحثات تركزت أيضاً على الدعم الذي تقدمه روسيا لسورية في المجالات كافة رغم الحصار الاقتصادي الذي يفرضه الغرب على البلدين وفي مواجهة التنظيمات الإرهابية المدعومة من بعض الدول التي لا تجد حرجاً في إعلان دعمها لهذه التنظيمات لافتاً إلى أن تفعيل اللجنة المشتركة السورية- الروسية يأتي في مقدمة أولويات البلدين بهدف مواصلة تعزيز علاقاتهما الثنائية.

وبين المقداد أن الولايات المتحدة تواصل احتلال أجزاء من شمال شرق سورية ودعمها ميليشيات انفصالية بالمال والسلاح ونهبها بالتعاون مع هذه الميليشيات ثروات الشعب السوري، حيث أخرجت خلال الأيام القليلة الماضية أكثر من 500 صهريج معبأة بنفط سوري مسروق إلى قواعدها في العراق غير مكترثة بمعاناة المواطن السوري في تأمين حاجته من المشتقات النفطية فالهم الأساسي لها كما حال كل الدول الغربية تحقيق مصالحها وأهدافها ولو كان ذلك على حساب آخر طفل سوري مؤكداً أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار في المنطقة من دون انسحاب قوات الاحتلال الأميركي من سورية ووقف دعمها للتنظيمات الإرهابية والميليشيات الانفصالية.

وقال: «على الميليشيات الانفصالية المدعومة من واشنطن أن تعي أن مصلحتها تكمن في وقوفها إلى جانب الجيش العربي السوري في الدفاع عن وحدة سورية واستقلالها والتراجع عن تعاونها مع المحتل الأميركي فمن لا يقف إلى جانب وطنه لا وطن له وعلى هذا الأساس سورية مصرة على الحفاظ على وحدة أرضها وشعبها والشيء ذاته ينطبق على الاحتلال التركي في شمال غرب سورية ويجب خروج قواته من جميع الأراضي التي يحتلها ووقف النظام التركي دعمه للتنظيمات الإرهابية والتدخل في الشؤون الداخلية لسورية».

ورداً على سؤال، أكد المقداد ثقة سورية الكاملة بالصديقين الروسي والإيراني، حيث قام الرئيسان فلاديمير بوتين وإبراهيم رئيسي خلال قمة الدول الضامنة لأستانا في طهران بدور يدل على الحكمة والحرص المشترك على إنهاء التدخلات التي تقوم بها قوى يجب أن تحترم سيادة سورية ووحدة أراضيها مبيناً أن بيان القمة يلبي تطلعات سورية إلى حد كبير بتأكيده الالتزام بسيادتها ووحدة وسلامة أراضيها ورفض أي تحركات انفصالية وإدانة الاعتداءات الإسرائيلية.

وقال: «نؤكد على المبادرات والجهود التي تبذلها روسيا وإيران لإصلاح ذات البين مع تركيا لكن في الوقت ذاته نشدد على أنه لا يمكن الوثوق بمن يرعى الإرهاب ويدعمه فهناك استحقاقات يجب أن تتم على أساس احترام سيادة الدول وإنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وحل مشكلات المياه بين البلدين، كل هذه القضايا تحتاج إلى حل وعندما نتوصل لمثل هذا الحل سيكون ذلك في مصلحة سورية وتركيا وهذا يشكل مقدمة لإعادة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل بدء الحرب الإرهابية على سورية».

وجدد المقداد دعم سورية لحق روسيا في الدفاع عن نفسها وتأييدها العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا التي جاءت لإعادة تصحيح الأوضاع في المنطقة ورداً على سياسات الغرب العدوانية ونشره القواعد العسكرية في محيط الدول المستقلة ذات السيادة في انتهاك سافر لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.

وبشأن اعتراف سورية بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، أوضح المقداد أن سورية كانت من أوائل الدول التي اعترفت باستقلالهما ويتم العمل لإقامة علاقات دبلوماسية وتبادل البعثات خلال الأيام القليلة القادمة.

وأعرب المقداد عن التعازي لروسيا ولأهالي الصحفية الروسية داريا دوغين التي قتلت بتفجير استهدف سيارتها في ضواحي موسكو قبل أيام بتخطيط وتنفيذ الاستخبارات الأوكرانية مشدداً على أن اغتيالها عمل إجرامي لا يمكن التسامح معه ويجب محاسبة مرتكبيه.

وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، أشار المقداد إلى أن طهران قدمت كل ما هو مطلوب منها لإعادة إحياء الاتفاق وهي لم تنسحب منه لكن الولايات المتحدة هي التي انسحبت وتريد فرض شروطها للعودة إليه مجدداً ودعم سورية لإيران في الدفاع عن حقوقها ومصالح شعبها.

من جهته، قال لافروف: «بحثنا تعزيز التعاون الثنائي وتطوير العلاقات بين البلدين في جميع المجالات وفيما يتعلق بالاقتصاد أكدنا على دور اللجنة الروسية- السورية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني واتفقنا على عقد اجتماع لها نهاية العام الجاري وبحثنا تقديم الدعم الإنساني لسورية وضرورة تنفيذ قرارات الأمم المتحدة التي اتخذت في الأشهر الماضية لدعم مشاريع بناء البنية التحتية فيها كما ناقشنا نتائج قمة الدول الضامنة لمسار أستانا في طهران وجددنا التأكيد على ضرورة حل الأزمة في سورية سياسياً ورفض أي تدخلات خارجية في شؤونها».

وأضاف: «أكدنا على ضرورة دعم المجتمع الدولي لعودة اللاجئين السوريين بعيداً عن التسييس الذي تمارسه الدول الغربية وجددنا إدانة اعتداء إسرائيل على الأراضي السورية وأعربنا عن القلق من مواصلة استهداف المنشآت الحيوية في سورية كما حصل في مطار دمشق الدولي»، مشدداً ضرورة التزام إسرائيل بقرارات الأمم المتحدة واحترام سيادة سورية ووحدة أراضيها.

وتابع: «تحدثنا أيضاً عن الوجود الأميركي غير الشرعي في الأراضي السورية ودعم واشنطن للانفصاليين وخرقها قرارات الأمم المتحدة وعن الوضع في الشرق الأوسط وأعربنا عن ارتياحنا لعودة العلاقات بين سورية وعدد من الدول العربية وعن استعدادنا لتطوير هذا النهج الإيجابي كما أعربنا عن شكرنا لسورية لدعمها عمليتنا الخاصة في أوكرانيا ولاعترافها بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين انطلاقاً من مبادئ التمسك بحق الشعوب في تقرير مصيرها لافتاً إلى أن نظام كييف لا يمثل مصالح أهالي إقليم دونباس وحقوقهم.

ورداً على سؤال حول قمة الدول الضامنة لأستانا في طهران، أوضح لافروف أن القمة جددت التزام الدول الثلاث (روسيا وإيران وتركيا) الراسخ بسيادة سورية ووحدة أراضيها ومواصلة مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ورفضها المخططات الانفصالية الهادفة إلى تقويض سيادة سورية. وقال: «روسيا تعمل على التقريب بين سورية وتركيا بما في ذلك في إطار صيغة أستانا على أساس قرارات الأمم المتحدة التي تؤكد الحفاظ على سيادة سورية ووحدة أراضيها وفيما يتعلق بالوضع في شمال سورية فالأمر الأساسي هو منع اندلاع أعمال عسكرية جديدة وضرورة التباحث عبر القنوات الدبلوماسية على أساس المبادئ السياسية الموجودة في العلاقات بين سورية وتركيا».

وحول إحياء الاتفاق النووي الإيراني لفت لافروف إلى أن الولايات المتحدة هي من تعرقل جهود إحيائه وأن إيران قدمت ردها على النص المقترح من قبل الاتحاد الأوروبي في مفاوضات فيينا وبقي أن تقدم واشنطن ردها.

وفي مستهل لقائه مع نظيره الروسي الذي سبق المؤتمر الصحفي قال المقداد: «بداية أنقل تحيات السيد الرئيس بشار الأسد إلى الرئيس فلاديمير بوتين وتمنياته له بتحقيق النصر في الحرب التي تخوضها روسيا في أوكرانيا من أجل الحق ومستقبل البشرية ونحن على ثقة بتحقيق ذلك»، لافتاً إلى أن العلاقات السورية- الروسية تتقدم وتتطور بشكل مستمر وتشهد الآن مرحلة جديدة في تطورها تتويجاً لما يجمع شعبي البلدين من محبة ورغبة متبادلة في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وفي إطار الدعم الذي تقدمه روسيا دائماً لسورية في مختلف المجالات.

وأشار إلى أن روسيا تحارب النازية والتطرف في أوكرانيا مثلما تحارب سورية الإرهاب والتطرف، مجدداً وقوف سورية إلى جانب روسيا في حربها العادلة ضد قوى النازية التي يجب أن تواجهها البشرية جمعاء لأن خطرها سيمتد أكثر في حال السماح لها بالاستمرار.

وبين المقداد أنه بعد اكتشاف النيات الحقيقية للغرب واستخدام أوكرانيا كرأس حربة ضد روسيا وضد دول أخرى فإن العملية الخاصة التي تقوم بها القوات الروسية عادلة ومشروعة لأن العالم لا يمكن أن يكون رهينة لإرادة القطب الواحد في الاعتداء على الدول الأخرى ويجب على الغرب ألا يراهن على قوته المادية أو العسكرية لأنه سيخسر.

وأكد، أن روسيا أظهرت للجميع مصداقيتها في تعاملها مع دول العالم في إطار الحفاظ على ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وكانت مدافعاً حقيقياً عن مصالح الشعوب في المحافل الدولية في حين تستخدم الدول الغربية الأمم المتحدة والقانون الدولي لتشويه صورة العالم وللحفاظ على مصالحها الاستعمارية فقط.

وأوضح المقداد أن اعتراف سورية بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين جاء انطلاقاً من المبادئ والحقائق التاريخية، لافتاً إلى أنه خلال الأيام القادمة سيكون هناك تبادل للبعثات الدبلوماسية معهما.

وقال: «سأكون يوم غد «اليوم الأربعاء» في أبخازيا وهذا دليل واضح على دعمنا لحقوق الشعوب في الحرية والعدالة وتقرير المصير».

من جهته، أوضح لافروف أن التواصل الدائم بين وزارتي خارجية البلدين يأتي تنفيذاً لتوجيهات الرئيسين فلاديمير بوتين وبشار الأسد المتعلقة بتعزيز العلاقات الثنائية ودفع عملية التسوية السياسية في سورية قدماً، مشيراً إلى أن روسيا وسورية ودولاً أخرى تدعم احترام مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والسيادة والعدالة في العلاقات الدولية وانطلاقاً من هذه المبادئ فإن روسيا مستمرة بدعم سورية في مكافحة الإرهاب والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها.

وجدد لافروف التأكيد على تقدير روسيا لتضامن سورية معها وخاصة فيما يتعلق بالعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا واعترافها رسمياً باستقلال وسيادة جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين.

وأوضح، أن التطورات العالمية تصبح أكثر تعقيداً نتيجة سياسات واشنطن العدوانية التي هي بمثابة استعمار جديد وتظهر بوضوح سواء في الشرق الأوسط أم شمال إفريقيا ومحيط الاتحاد السوفييتي سابقاً.

وبين لافروف أن العالم يشهد حالياً اصطداماً بين السياسات الاستعمارية الجديدة الرامية إلى تكريس أحادية القطب وبين تطلعات الدول الراغبة بحماية وترسيخ مبادئ القانون والشرعية الدولية مضيفاً: «لهذا نعير أهمية كبرى لمواصلة تعزيز تنسيقنا الثنائي في إطار مجموعة أصدقاء الدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن