الأميركي يضغط على إسرائيل.. وحزب اللـه رفع جهوزيته العسكرية … عون استقبل ميقاتي من دون تصريحات.. وتشكيل الحكومة وتسمية الرئيس مرتبطان بالترسيم البحري
| بيروت - سماهر الخطيب
في خضم ما يعانيه لبنان من أزمات متتالية ووسط أجواء سياسية متشنجة وخاصة أن البلاد ستدخل الأسبوع المقبل في مهلة الـ60 يوماً الدستورية لانتخاب رئيس جمهورية جديد، ليكون هذا الأسبوع هو الأخير لتأليف الحكومة وإلا بقي لبنان أمام حكومة تصريف أعمال وربما شغور منصب الرئيس وهو ما يمكن تسميته أزمة دستورية.
وأمس وخلال استقباله له للمرة الرابعة منذ تكليفه بتشكيل الحكومة، بحث الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي، في أقل من ساعة، تطورات ملف تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك خلال لقاء جمعهما بقصر الرئاسة في بعبدا، وتناول اللقاء بحث مختلف المعطيات المرتبطة بعملية التشكيل، فيما انتهى اللقاء إلى استكمال التشاور في وقت لاحق، وخرج ميقاتي منه من دون الإدلاء بأي تصريحات.
وفي هذا الصدد أعربت مصادر وزارية مقربة من الرئاسة اللبنانية عن تفاؤلها بإمكانية الاتفاق على تأليف الحكومة «إذا لم يحصل ما لم يكن في الحسبان»، عازية السبب إلى «دفع خارجي وتحديداً فرنسي، وداخلي من قِبل حزب اللـه للضغط باتجاه التأليف قبل الدخول في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية».
مصادر مطلعة أشارت إلى أن سبب الزيارة التي قام بها ميقاتي أمس لرئيس الجمهورية اللبنانية كانت بهدف «استكمال البحث بالتشكيلة الوزارية»، مشيرة إلى «تقدم خيار تبديل وزيرين، هما وزير الاقتصاد أمين سلام والشؤون الاجتماعية عصام شرف الدين، مع إضافة ستة وزراء مقربين من الفرقاء السياسيين إنما غير حزبيين، بعد المرونة التي أبداها ميقاتي في هذا الإطار؛ وذلك لتأمين غطاء سياسي للحكومة وقراراتها في حال دخل لبنان مرحلة الفراغ الرئاسي»، وفي هذه الحالة يتولى مجلس الوزراء مجتمعاً صلاحيات رئاسة الجمهورية وذلك وفق ما ينص عليه الدستور.
أوساط لبنانية ربطت في تصريح لـ«الوطن»، تأليف الحكومة وتسمية رئيس الجمهورية بملف الترسيم البحري المرتبط برأيها بمفاوضات فيينا حول الاتفاق النووي الإيراني، وبحسب الأوساط ذاتها فإن بداية أيلول هي نهاية المهلة التي حددها الأمين العام لحزب اللـه حسن نصر اللـه للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين ومن خلاله للمفاوض الإسرائيلي، كما أن هذه المهلة نفسها هي بداية الدخول في تسمية رئيس الجمهورية، وبالتالي يبدو أن الأميركي يضغط على إسرائيل للموافقة على الشروط اللبنانية فيما يختص بملف الترسيم، كما أنه يضغط لتشكيل حكومة وتسمية رئيس للجمهورية، لأن الأميركي يسعى لتسويات في المنطقة تبدأ مع توقيع الاتفاق النووي الإيراني لتنسحب على المنطقة برمتها.
وأوضحت الأوساط السابقة أن «واشنطن ليست معنية بالتصعيد في المنطقة، فهي تبحث عن بديل من الغاز الروسي، وتريد أن يتوصل كل من لبنان وإسرائيل إلى اتفاق بعد الانتخابات الرئاسية في لبنان»، مشيرة إلى أن الأميركيين يعملون على صيغة تسمح لإسرائيل ولبنان ببدء إنتاج الغاز الطبيعي في الوقت نفسه بعد التوصل إلى اتفاق بشأن حقوق الغاز وترسيم الحدود البحرية بينهما.
من جهتها كشفت مصادر مقربة من حزب اللـه لـ«الوطن» أن «الحزب رفع جهوزيته العسكرية إلى 100 بالمئة وينتظر ساعة الصفر، في تأكيد لجدية المقاومة في الدفاع عن نفط لبنان، الذي تحاول إسرائيل سرقته سراً وعلناً»، ووفق المعلومات فإن «هناك رسائل عسكرية ستوجه مباشرة إذا فشلت المفاوضات»، وأكدت المصادر نفسها أن «ترسيم الحدود البرية سيكون قريباً بعد البحرية»، محددة تلك الحدود البرية بأنها «تلال كفرشوبا والجهة الشرقية من الغجر»، وأكدت المصادر أن «المسيّرات التي كانت فوق كاريش ستكون فوق مستوطنات شمال الكيان المؤقت»، وبتفاؤل مقاوم أكدت المصادر أن «هناك إنجازاً سيادياً قريباً للبنان من توقيع المقاومة، والجيش اللبناني شريك والدولة ستتجرّأ بعد وهن»، وختمت المصادر بقولها «في القريب سنشهد لبنان الكبير مقابل الكيان الصغير».
غير أن الاستحقاق الرئاسي والبحث عن اتفاق على مرشّح تسوية بين الكتل النيابية، يحتل الأولوية على الساحة الداخلية، حيث تعتبر مصادر ديبلوماسية، أن «الطبخة الرئاسية تستلزم معادلة توافقية خارجية في الدرجة الأولى، قبل أن تكون داخلية»، وهو ما كان واضحاً في كل المحطات الرئاسية السابقة، إذ لم يسبق أن انتُخب أي رئيس جديد للبنان إلا من خلال تسوية بتوافق دولي وعربي، باستثناء بعض المحطات النادرة، إلا أن الوصول إلى هذا التوافق، تعترضه عوائق عدة وفق المصادر الديبلوماسية نفسها التي لخصتها بـ«طرح الموضوع على النقاش على الساحتين الإقليمية والدولية، ولذلك، لم تتحرّك بعد الآليات السياسية والدستورية في هذا الإطار».
وتوقعت المصادر الديبلوماسية ذاتها أن «يبدأ الحراك الخارجي على هذا الصعيد»، وسط معلومات عن وصول موفد روسي إلى بيروت في وقت قريب، في موازاة الانشغال الفرنسي الذي كان قد لوحظ في الآونة الأخيرة على خطّ التهدئة بين القوى السياسية بعد جولة التصعيد الأخيرة، من خلال التواصل مع قيادات سياسية محلية فاعلة، والعمل على تركيز الجهود على الاستحقاقات الداخلية والتي يأتي في مقدمها انتخابات رئاسة الجمهورية.
وأشارت المصادر الديبلوماسية إلى أن الحركة الديبلوماسية الخارجية باتجاه الداخل اللبناني، يمكن أن تتبلور بعد سلسلة اللقاءات التي سوف يقوم بها موفدون إلى لبنان»، في مقابل رغبة الولايات المتحدة الأميركية بتوصل كل من إسرائيل ولبنان إلى اتفاق بعد الانتخابات الرئاسية في لبنان.