سورية

إطلاق تهديدات جديدة باحتلال أراض سورية هي «بازار سياسي» لابتزاز الوسيط الروسي … مصادر لـ«الوطن»: أردوغان يسعى لإعادة العلاقة مع دمشق لقطع الطريق على معارضيه

| حلب- خالد زنكلو

بدأت الأمور تتكشف أكثر فأكثر لفك شيفرة التصريحات التركية المتناقضة والغاية منها في كل مرحلة، فبعد تراجع الضجيج الإعلامي عن الاستعداد لإعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين، عاود أركان نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نهاية الأسبوع الماضي، لإطلاق تهديدات كانوا قد رددوها على مدى أشهر، بشن عملية عسكرية لاقتطاع شريط داخل الأراضي السورية لإقامة ما يسمى «المنطقة الآمنة» المزعومة بعمق 30 كيلو متراً.

مصادر تركية وعربية في تركيا، متابعة لتصريحات المسؤولين الأتراك عن عملية غزو الأراضي السورية أو التصريحات عن تقارب أنقرة مع دمشق، أكدت أن لدى أردوغان توجهاً حقيقياً ومصلحة عارمة في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية يخرجه من المستنقع الذي ورط فيه بلاده طوال عقد مضى، لكن بما ينسجم مع مصالحه الشخصية في الفوز بانتخابات حزيران 2023، ومن دون الإفصاح للرأي العام بشكل مباشر وجلي عن عزمه القيام باستدارة كاملة لتحقيق أجندته الداخلية والخارجية.

وكشفت المصادر، في تصريحات لـ«الوطن»، أن إعادة أردوغان في المدى المنظور الحرارة للعلاقة مع دمشق، وإطلاق مسؤوليه «بالونات اختبار» في هذا المجال، هي لقطع الطريق على أحزاب المعارضة التركية التي تركب موجة تطبيع العلاقات مع دمشق فور فوزها بالانتخابات، وينزع منها ورقة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، والتي تساوم عليها لكسب ود الرافضين لوجودهم داخل تركيا.

ورأت المصادر، أن إطلاق نظام أردوغان مجدداً نهاية الأسبوع الماضي تهديدات بما يخص نيته احتلال أراض سورية جديدة، بمثابة «أداة للتفاوض» ومجرد «بازار سياسي»، يستهدف ابتزاز الوسيط الروسي في المفاوضات الأمنية الدائرة راهناً بين الاستخبارات السورية والروسية في موسكو، حسب بعض التسريبات، ومن أجل رفع سقف مطالب «الضمانات» الأمنية لأنقرة فيها، ولتعزيز تصوراتها المرتقبة للحل السياسي مستقبلاً.

وتوقعت المصادر أن يشتغل نظام أردوغان على الموازنة والمزاوجة بين مصالح الكرملين والإدارة الأميركية، لإحداث تقارب مع القيادة السورية قبيل حلول الاستحقاقات الانتخابية، بعد أن أعلنت واشنطن رفضها إعادة التطبيع مع دمشق وتحريضها أنقرة على عدم التقارب مع العاصمة السورية، على أن يواصل أردوغان شخصياً سياسة الانفتاح على العاصمتين الروسية والسورية، وبالتدريج، بغية ردم عمق الفجوة مع الأخيرة للتوصل إلى «حلول وسط» تصر الأولى عليها، من شأنها وضع الحل السياسي للأزمة السورية على سكته الصحيحة، وفق رؤيتها للحل، بعد تعليق أو إلغاء الحل العسكري.

وأعربت المصادر عن قناعتها بأن تغير خطاب أنقرة حيال دمشق لا يزال إعلامياً وفي سياق الأقوال لا الأفعال، أما كشف المسؤولين الأتراك عن تسريبات هنا وهناك، وبعضها مضى عليه أكثر من 10 أشهر، فكله مدروس ويصب في خدمة سياسات أردوغان الداخلية، بما في ذلك المظاهرات التي خرجت في المناطق التي يحتلها نظامه في سورية إثر تصريحات وزير خارجيته مولود جاووش أوغلو عن ضرورة المصالحة بين الدولة السورية و«المعارضة» السورية.

وذكرت المصادر بتصريحات أدلى بها وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو الأسبوع الماضي وأثنى خلالها على «المبادرات والجهود التي تبذلها روسيا وإيران لإصلاح ذات البين مع تركيا»، لكن المقداد شدد على أنه «لا يمكن الوثوق بمن يرعى الإرهاب ويدعمه»، مشيراً إلى وجود «استحقاقات يجب أن تتم على أساس احترام سيادة الدول وإنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وحل مشكلات المياه بين البلدين»، مؤكداً أنه عند التوصل لحل هذه القضايا فذلك «سيشكل مقدمة لإعادة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل بدء الحرب الإرهابية على سورية».

وختمت المصادر تصريحاتها بالقول: «إن كان لدى أردوغان حالياً وكعادته فرصة للمتاجرة في مواقفه وتصريحاته لتحقيق مكاسب لدى عواصم القرار المعنية بالأزمة السورية، إلا أنه لا يمتلك ترف الوقت اللازم للاستمرار بمناوراته وألاعيبه الانتهازية المعروفة والمكشوفة، مع قناعته بأن استمرار نزيف جارته سورية ليس من مصلحة نظامه وحزبه «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، ما لم يسارع إلى تضميد الجراح ومراجعة حساباته الخاطئة التي انعكست سلبا على اقتصاده وشعبيته، وربما أمنياً على بلاده مستقبلاً».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن