شؤون محلية

بعد أن وصلت نسبة تراجع الإنتاج لـ40 بالمئة … «الوطن» تكشف أسباب تراجع الحمضيات السورية ومقترحات المعالجة

| طرطوس- هيثم يحيى محمد

كشفت المعلومات الرسمية لمكتب الحمضيات التابع لوزارة الزراعة أن إنتاج سورية من الحمضيات لهذا الموسم بلغ 640 ألف طن فقط، وبمقارنة هذا الرقم مع أرقام إنتاج المواسم السابقة يتضح أن الإنتاج سجل تراجعاً كبيراً يصل لنحو 40‎ بالمئة‎ مقارنة مع إنتاج موسم عام 2018 الذي وصل إلى مليون ومئة ألف طن، على حين كان إنتاج موسم عام 2020 (800) ألف طن وموسم العام الماضي 786 ألف طن.

والسؤال الذي يفرض نفسه ما أسباب هذا التراجع المستمر في كميات الإنتاج وما مقترحات الجهات ذات العلاقة لعودة الإنتاج إلى ما كان عليه وتطويره كماً ونوعاً؟ وما الإجراءات المطلوب القيام بها من الجهات الحكومية ذات العلاقة والفعاليات التجارية والاقتصادية من أجل تسويق إنتاج هذا الموسم للأسواق الداخلية وتصدير الفائض للخارج؟

قبل الإجابة عن هذه الأسئلة يشار إلى أن المساحة المزروعة بالحمضيات تصل لأكثر من أربعين ألف هكتار تضم نحو 14 مليون شجرة والمثمر منها نحو 13 مليوناً، وأن إنتاج هذا الموسم موزع على محافظتي طرطوس واللاذقية (153 ألف طن في طرطوس – و487 ألف طن في اللاذقية) ويتضمن إنتاج الحمضيات 4 مجموعات رئيسية تندرج ضمنها كل الأصناف الرئيسية المنتجة في الساحل السوري، وهي مجموعة البرتقال 56 بالمئة من الإنتاج، واليوسفي 25 بالمئة من الإنتاج، ومجموعة الحامض: 14بالمئة من الإنتاج، والليمون الهندي 6 بالمئة من الإنتاج.

وأعادت مصادر الجهة المعنية في الوزارة سبب تراجع الإنتاج إلى انخفاض درجات الحرارة في نهاية آذار الماضي والتي أثرت بشكل كبير في عدد من الأصناف، منها صنف أبو صرة في محافظة اللاذقية الذي تزامنت فترة إزهاره مع فترة انخفاض درجات الحرارة وكذلك صنف الحامض ماير في طرطوس الذي تعرض لأضرار مشابهة، كما تعرض عدد من بساتين الحمضيات إلى أضرار متفاوتة (من تساقط الثمار إلى القلع الكامل) في ظروف العاصفة التي ضربت الساحل السوري خلال أيار الماضي وتركزت أضرارها في ريف اللاذقية الشمالي بشكل رئيسي، ويضاف إلى ذلك ضعف القدرة المادية للمزارعين على تقديم الخدمات الكافية لشجرة الحمضيات نتيجة ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج، ونتيجة الحمل الخفيف نسبياً فإن نوعية المنتج جيدة وخصوصاً في المزارع المروية من مشاريع الري الحكومي والتي تمت خدمتها بالشكل المناسب والكافي.

وتؤكد المصادر أن وزارة الزراعة تقوم بدورها الكامل تجاه هذه الزراعة المهمة، وأنه يتم العمل حالياً على التنسيق مع الوزارات الأخرى على وضع خطة استجابة فورية للتدخل خلال فترة الذروة التسويقية ( خلال شهري كانون الثاني وشباط). حيث يتم التنسيق من خلال لجان مركزية مع كل من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لاستجرار كميات من المنتج وخصوصاً خلال فترة الذروة، وكذلك التنسيق مع وزارة الصناعة لتفعيل دور منشآت التصنيع (معامل المكثفات والعصائر) وكذلك منح التسهيلات لمصدري الحمضيات من خلال وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية.

كما تقوم وزارة الزراعة بوضع خريطة للأصناف مع التركيز على الأصناف المتأخرة بشكل أساسي (فالنسيا – أورتانيك) والتقليل من زراعة أصناف متوسطة النضج للتخفيض من ذروة التسويق قدر الإمكان، إضافة إلى تشجيع زراعة الأصناف التصديرية مثل الأصناف الملونة (البرتقال الدموي سانغينللي – الكريفون الأحمر) للأسواق الأجنبية، إضافة إلى الأصناف الموجودة والمرغوب فيها للأسواق المجاورة (العراقية مثلاً) مثل أصناف أبو صرة والحامض وأصناف اليوسفي المتحملة للتصدير مثل التانجلو والأورتانيك.

صاحب مشغل إنتاجي لفرز وتسويق الحمضيات ومزارع حمضيات في الوقت نفسه بين أن المردود للفلاح صار ضعيفاً بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج وأسبابها كثيرة ومعروفة منها ارتفاع السماد والمازوت والكهرباء، لذلك هناك كميات كبيرة يتم تركها للتلف لعدم الجدوى المادية لكن في الوقت ذاته أقول إن من استمر بالاهتمام ببساتينه ولم يبخل عليها رغم ما تقدم كما أنا وإخوتي فإن إنتاجه في ازدياد، وبما أن الموسم والإنتاج ممتاز عند البعض نتمنى أن تسهل الحكومة على المصدرين الإجراءات لسهولة العبور، فللأسف لا توجد غير العراقيل بكل المجالات ولا بد أيضاً من تخفيف تكاليف الإنتاج ومعالجة العقبات الكثيرة التي لا تحكى!

رئيس اتحاد فلاحي طرطوس محمد حسين أوضح أنه من أسباب التراجع في إنتاج الحمضيات غلاء مستلزمات الإنتاج من أسمدة وبذار وأدوية زراعية ومبيدات وقلة اليد العاملة وارتفاع الأجور وقلة الكهرباء والمحروقات للري، علماً أن المتوافر من المازوت الزراعي أعطيت الحصة الكبيرة منها للحمضيات بتوجيه من المحافظ.

واقترح حسين ضرورة تكاتف جميع الجهود لإيجاد أسواق لتسويق وتصريف المحصول وإيجاد السعر المناسب من أجل تشجيع المزارع للعودة إلى أرضه.

بدوره رئيس لجنة التصدير في غرفة زراعة طرطوس عدنان رَيَّا وعضو لجنة التصدير في غرفة تجارة وصناعة طرطوس وصاحب مشغل لفرز وتوضيب الخضار والفواكه قال: هناك عدة أسباب للتراجع المستمر لإنتاج الحمضيات منها الظروف الجوية التي لم تكن مساعدة في مرحلة الإزهار والعقد، وأن شجرة الحمضيات لم تأخذ حقها من السماد بسبب صعوبة التأمين وغلاء الأسعار، وهذا سبب مهم في عملية الإزهار والعقد بالنسبة لشجرة الحمضيات، ناهيك عن موضوع الري وعدم توافر الطاقة بكل أنواعها، ما أدى إلى تساقط الثمار بسبب العطش، والمردود المالي الضعيف الذي يحصل عليه المنتج من بيع الحمضيات والذي لا يستطيع من خلاله تأمين مستلزمات الإنتاج والعناية الصحيحة بشجرة الحمضيات.

وأضاف رَيَّا: بكل تأكيد سوف يكون الإنتاج أقل في المواسم القادمة إذا لم نستطع دعم منتج الحمضيات بما يحتاجه من مستلزمات للعناية الصحيحة بشجرة الحمضيات.

وعن الإجراءات المتعلقة بتسويق الحمضيات لهذا الموسم أوضح أن لجنة الحمضيات في غرفة تجارة وصناعة طرطوس عقدت اجتماعاً منذ عدة أيام وأعدت مذكرة ضمنتها التسهيلات المطلوبة للتسويق وهذه المذكرة تتم متابعتها بشكل مباشر من رئيس الغرفة والتي تتضمن مراجعة ومتابعة المصرف المركزي لإلغاء تعهد القطع في عمليات تصدير الحمضيات، والسعي مع الجهات المختصة العراقية للسماح للسيارات والبرادات السورية بدخول العراق، والسعي مع الجهات المختصة في روسيا لاعتماد الأختام والوثائق السورية.

والسعي مع السلطات المختصة السورية لتخفيض الرسوم المستوفاة على المعابر ومعالجة الموضوع مع الجهات الأردنية لإعفاء البرادات السورية من رسم ترانزيت والمحدد بـ300 دولار، إضافة للسعي لتنشيط برنامج الدعم لتصدير الحمضيات ومشاركة الغرف بتفعيل اكبر لبرنامج الاعتمادية والسعي مع الاتحاد لتأسيس سوق بيع للحمضيات لمدة 3 أشهر شتاء في أرض تعود ملكيتها للاتحاد وتقع في كفرسوسة، مع ضرورة المتابعة مع المصرف الزراعي لتسهيل وزيادة القروض على الطاقة الكهروضوئية لمزارع الحمضيات لما لها من فوائد كبيرة على المنتج، ومع المصرف الزراعي ووزارة الزراعة لاستيراد جميع الأسمدة الضرورية (الآزوت- فوسفور- بوتاسيوم) وإقراضها بشكل موسمي للمزارع كما كان متبعاً في السابق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن