التقدم نحو المجال السياسي رهن بتحقيق اختراق في المفاوضات الأمنية … مصادر دبلوماسية في أنقرة لـ«الوطن»: ليس بمقدور أردوغان التضحية بـ«المغريات»
| حلب- خالد زنكلو
قالت مصادر عربية دبلوماسية في أنقرة إنه لم يعد بمقدور رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان في المستقبل المنظور حل أبرز مشكلة داخلية في بلاده والمتعلقة بملف اللاجئين السوريين بمعزل عن مسار التقارب مع دمشق برعاية روسية، الذي يحمل «مغريات» جمّة لا يمكن التضحية بها، في ظل انغلاق خيار شن عدوان على الأراضي السورية لإقامة ما سماه «المنطقة الآمنة» المزعومة لترحيل هؤلاء قبيل انتخابات حزيران 2023.
وأكدت المصادر، في تصريحات لـ«الوطن»، أن خيار النظام التركي شن عدوان لاقتطاع شريط حدودي بعمق 30 كيلو متراً داخل الأراضي السورية، وان كان لا يزال مطروحاً داخل أروقة المؤسسة العسكرية التركية إلا أن تكلفته العالية على جميع الصعد ترجح كفة المضي في مسار استدارة نظام أردوغان نحو دمشق لمعالجة مشكلات أمن الحدود وملف اللاجئين السوريين قبل الانتخابات، إذ أن التخلص منهم بأي ثمن هاجس حيوي لكسب أصوات المناوئين لوجودهم داخل تركيا، وهو ما تأمله أنقرة من الوساطة الروسية حيال ذلك بعيداً عن ساحة المعارك، عدا جملة من المغريات الاقتصادية والعسكرية في علاقتها مع موسكو.
ورجحت تسريع وتيرة المفاوضات الأمنية السورية – التركية في المرحلة القريبة المقبلة للتوصل إلى «تفاهمات» بغية إيجاد خرق فيها يؤدي إلى إنعاش المجال السياسي بين البلدين، وذلك لأن زخم الحراك الأمني والدبلوماسي في أروقة صنع القرار التركية خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة، لم ينعكس إيجاباً بما يكفي على صعيد تحسين مناخ العلاقة مع القيادة السورية.
وأشارت المصادر إلى أن القيادة السورية لا تثق بأردوغان الذي يسعى دائماً إلى تحقيق مكاسب من دون تقديم تنازلات جوهرية، لكن وقوعه في مخلب انتخاباته الداخلية فرض عليه المناورة من خلال تهيئة الرأي العام التركي لتقبل المصالحة مع دمشق، بحملات وتصريحات إعلامية من مسؤوليه لا ترتقي ولا تستجيب لمطالب دمشق المصرة على تنفيذ استحقاقي انسحاب الاحتلال التركي من الأراضي السورية ووقف دعم أنقرة للتنظيمات الإرهابية كمقدمة لعودة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها قبل عام 2011.
المصادر رأت أن من مصلحة نظام أردوغان الانفتاح على سورية، أسوة بانفتاحه على دول الجوار، وتحويل مسار المفاوضات الأمنية معها إلى المسار السياسي، في انتظار نضج الظروف الملائمة لإيجاد خرق فيه أيضاً يوسع دائرة الاستدارة نحو دمشق عبر تسريع فتح أقنية التواصل معها بأسرع ما يمكن.
ولفتت إلى أن أنقرة، وكما انخرطت في مسار «أستانا» مع الضامنين الروسي والإيراني مطلع 2017 وقبلت بتنفيذ جزء لا بأس به من مخرجاته، على استعداد راهناً للانخراط مجدداً في مسار التسوية الجديد، الذي تخطط له موسكو وتقوده كحل مكمل للمسار السابق الذي فقد زخمه مع انسداد أفق إيجاد تسوية مستدامة للأزمة واستعادة الدولة السورية مناطق خارج هيمنتها شمال غرب وشمال شرق البلاد، ما دام ذلك يصب في مصلحة أردوغان شخصياً ومصلحة حزبه الحاكم «العدالة والتنمية».