كنتُ وما أزال أعتقدُ أن السجالات في المجتمع هي أمر صحي تحديداً عندما يكون هذا السجال متعلقاً بقضيةِ رأيٍ عام تهم الجميع، من مطالب اجتماعية إلى قرارات اقتصادية مجحفة وصولاً إلى الأذواق الفنية، مع الأخذِ بالحسبان أن تكون هذهِ السجالات بعيدة عن التجريح، هنا يكمن دور المواطن الغيور على بلدهِ ومجتمعه بقول رأيهِ بكل وضوحٍ وصراحة، وهو ما يتم عادةً عبرَ وسائلِ التواصل الاجتماعي بسببِ انعدام وسائل أخرى أو تكون موجهة أن وجدت، بالوقت ذاته يبرز دور المسؤول في توضيح صوابية هذا القرار أو الطرح والأسس التي بُني عليها هذا القرار أو التوجه، هنا يمكننا القول إننا في سورية نفتقر لمسؤول كهذا، أما إن وجد فعلينا للأمانة التعاطي مع طروحاتهِ بكل احترامٍ بمعزل أن كنا نتفق معها أو لا.
خلال الأسبوع الماضي برزَ الحديث عن موافقة نقابة الفنانين بشروط على غناء بعض المطربين والمطربات في سورية، بمعزلٍ عن كوني شخص يعترف بضحالةِ معلوماتهِ الفنية لكنني مؤيد ومن دون تحفّظ لتوجه كهذا يضبط الذوق الفني بسورية بعد أن تحولت حتى بعض فنون الغناء التراثية التي نعتز بها كـ«العتابا» مثلاً إلى مجردِ جعير، لكن بالوقت ذاته أسأل نقابة الفنانين بكل محبة:
ما تعريف اللفظ البذيء؟ وبصورةٍ أخرى ألا تدخل بعض العبارات الطائفية والتحيات الطائفية لشخصياتٍ غير سورية بمفهوم الانحدار الفني؟
في اتجاهٍ آخر، أعترف بأني لا أُتابع أي مؤتمرٍ صحفي لأي مسؤول عدا ما تنظمهُ وزارة الخارجية السورية، لكن ولشدةِ ما قرأت عن المؤتمر الصحفي الذي عقده نقيب الفنانين محسن غازي وكلامه غير المسؤول وأسلوبه المستفز للصحفيين كما تحدث بعض الأصدقاء، استللت سيفي ودرعي لأخرجَ مدافعاً عن «بني صحفيين» وتابعت اللقاء، لكني للأسف عدت أدراجي خائباً، لم أجد في كلامهِ ما يسيء للصحفيين لأنه فعلياً هناك من يعملون في الصحافة بمعزل إن كانوا صحفيين أم لا يسيئون للمهنة بمستواهم المتواضع في طرح الأسئلة ومناقشة الأجوبة، الرجل كان يدافع عن نفسهِ وهذا حقه، كمثالٍ بسيط كم عدد الوسائل الإعلامية التي عنونت الخبر كما هو: الموافقة على الغناء بشروط؟
أما حديثه عن منع التصوير الفوتوغرافي، قانونياً الرجل لم يخطئ، يحق له المطالبة بمنع تصويره أو أن توزع النقابة (لا أعلم إن كانت تمتلك مكتباً إعلامياً) صورة موحدة للمؤتمر، قرار التصوير من عدمه ملك للشخص يحق له الرفض ويحق له القبول، أين الإساءة؟
في الخلاصة: فعلياً لم يخطئ من قال بين الحق والباطل مسافة أربع أصابع، أن تقول رأيت ولا تقول سمعت، ولعل كثراً من الذين كتبوا يهاجمون النقابة لم يشاهدوا اللقاء، لكنهم استندوا لما كتبه من يثقون بهم، ربما يرى البعض بسجالات كهذه لمجردِ الخلاف على الذوق الفني صورة عن حجم ما نعانيهِ من انقسام لكن الأمر ليسَ كذلك مطلقاً، كل جهة يجب أن تقوم بعملها فنية كانت أم علمية على الأقل شاهدنا هنا مسؤولاً يخرج ويوضح.. لعلها من عجائب الواقع الرسمي السوري السبع!