رسم لوحة المقاومة وعمل معها سنوات طويلة … الفنان علي الكفري.. يرحل عن عالمنا بعد رحلة تشكيلية مهمة
| سارة سلامة
غيّب الموت الفنان التشكيلي الفلسطيني علي الكفري في دمشق عن عمر يناهز 74 عاماً، وهو من رواد الحركة التشكيلية الفلسطينية المعاصرة، بدأت تجربته منذ أوائل السبعينيات، ومرت بمحطات عديدة منها ما كان عبر الطين والصلصال في أهم لوحاته، وبعدها اعتمد تجربة الزيت والشمع والنار، وأخيراً الخط العربي في محاولة حقيقية لإحيائه.
ومنذ معرضه الأول في دمشق تنوع خطه بين الواقعية والسريالية والتجريدية والكلاسيكية، وأول لوحة رسمها خلال دراسته الثانوية بمدرسة جودت الهاشمي، كانت لمصلحة الثورة الفلسطينية بعد قيامها عام 1965، وشارك فيها مع مجموعة من الفنانين من أجل المقاومة، هكذا بدأت المسيرة الفنية لفنان رسم لوحة المقاومة وعمل معها سنوات طويلة.
المسيرة والتجربة
عمل الكفري منذ بداية انطلاقته على استعادة التراث العربي الإسلامي بشكل جديد ومعاصر، في لوحات واقعية تزيينية مطرّزة بالخطوط العربية ومظاهر التراث المختلفة، وهي لوحات حرص على ألا تأخذ صيغة تسجيلية جامدة، أو تهدف إلى التوثيق فقط، بل لطالما قدمها في شكل لوحات فنية تشكيلية متكاملة المقوّمات، تنتصر لجماليات المكان وخصائصه الحضرية الأصيلة، وتنتمي في الوقت ذاته إلى عصرها.
بدايته الفنية كانت مع الإنسان المناضل الفلسطيني الذي يتبنى قضية أمّة، فكانت لوحاته تجسيداً لمواقف النضال وبعض مجازر الكيان الصهيوني في قانا وغزة. ولأنه كان يرى أن الفن لم يخلق لقضية واحدة وشعب واحد، انطلق في رسم المرأة والجمال والحياة بكثافة لونية، كما تتّسم لوحاته بطبيعة تراثية خالصة سهلة الاستدلال على الفنان الذي أبدعها خامة وشكلاً.
واستخدم الكفري ألواناً مختلفة وخاصة التراث الفلسطيني، كما عمل على الخط العربي والتراث الشرقي بشكل عام، إضافة إلى أنه قدم في لوحاته الأدوات والجرار «الطبيعة الصامتة» بألوان حارة نسبياً أمام العين بشكل يفصح عن جماليات الأشياء وحس الفنان بها؛ ولابد من الإشارة إلى شيء مهم ميز رحلة الفنان علي الكفري وهي التدريس لمادة التربية الفنية ودراسته لأكثر من 30 ألف لوحة لرسوم الأطفال، فقد عايش الكفري تجربة تبدأ ما قبل التعليم الابتدائي وحتى نهاية المرحلة الابتدائية. وكانت تجربة غنية وجميلة كما أشار حيث طالب في لقاء صحفي الفنانين التشكيليين بالاهتمام بهذا الفن وإعطائه القدر الذي يستحق.
واكب الهمّ الفلسطيني
والفنان «علي الكفري» من مواليد فلسطين عام 1947 نزح مع أهله إلى دمشق وتخرج في معهد إعداد المدرسين، بدأ مسيرته الفنية منذ عام 1970، وهو عضو اتحاد الفنانين التشكيليين العرب والسوريين، والتشكيليين الفلسطينيين، وعضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، عمل في التلفزيون والصحافة والإخراج الفني لعدد من الصحف، وشارك في جميع المعارض الرسمية لوزارة الثقافة ونقابة الفنون الجميلة، اشتغل في تدريس التربية الفنية حيث لقيت فنون الأطفال اهتماماً كبيراً منه، فأشرف على كثير من الفعاليات الفنية الخاصة بالأطفال. ومن ثم تطورت تجربته الفنية بجهود ذاتية، وواكب نتاجه الفني الهم الفلسطيني حيث ركز في أعماله على التراث مستعيداً ثيمات الأرض والمرأة والهوية.
معارضه وأعماله
قدم خلال مسيرته الفنية أكثر من ثلاثة آلاف لوحة جسد من خلالها صوراً لمقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الصهيوني وصوراً أخرى عبرت عن المجازر التي ارتكبها العدو بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني في قانا وغزة.
له معارض فردية ومشتركة في عدد كبير من الدول العربية والأجنبية: ألمانيا، إسبانيا، البرتغال، سويسرا، فرنسا، الاتحاد السوفييتي سابقاً، العراق، الجزائر، السعودية، الكويت، اليمن، الإمارات، بلغاريا، إيران، سورية.
أعماله مقتناة في كل من: «المتحف الوطني دمشق»، «المتحف الوطني الرياض»، «المتحف الوطني الإيراني»، «القصر الملكي في الرياض»، ومقتنيات خاصة في سورية، لبنان، الأردن، الكويت، «أبوظبي»، المغرب، قطر، الجزائر، بلغاريا، ألمانيا، كندا، الأرجنتين، اليونان، تركيا، هولندا، الصين.