المرأة.. هي أكبر عدو للمرأة، عبارة ما إِن تنطِق بها حتى تنهال عليك اتهامات بالذكوريةِ والتخلف قد تصل إلى التواطؤ مع الماسونية والعمل على وهنِ عزيمةِ الأمة، مع ذلك عليكَ فعلياً بالعودةِ إلى هذهِ العبارة في كل مرة يسرقنَ فيها النساء الحدث لا لأجلِ اختراعٍ اخترعنه ولا لأجل فضاءٍ استكشفنه لكن لأجلِ صناعةِ «الترند» لا أكثر، كم صارَت هذهِ الصناعة رخيصة حتى باتَت مهنةَ من لامهنة له على اختلاف الجنس.
نحمدُ الله بأنَّ الأمنَ والأمان يلفانِ العالم العربي من المحيطِ إلى الخليج، ولأنَّ نسب البطالة في انخفاضٍ مرعب و«الفيزا» باتجاهِ أي بلدٍ عربي باتت حلماً بعدَ أن تحولت هذهِ البلدان إلى مناراتٍ في الديمقراطية وحرية الرأي والبحبوحة الاقتصادية والتنمية الفكرية، صار لابد لنا من الترفِ الفكري، هذا الترف يجعلنا نفكر بما لا وقتَ للآخرين في التفكيرِ به لأنهم منشغلونَ عنه بتأمينِ قوت يومهم، فكيف وعندما يكون هذا الترف الفكري مصبوغاً بصبغة «النَّسويات» والأفكار التي لا نفلح حتى بسرقتها من الغرب؟!
مبدئياً لا يحتاج من ينتقِد هذهِ الجمعيات واللواتي يُروجنَ لأفكارهنَّ إلى شهادِة حسن سلوك تجاه الجنس الآخر، تحديداً عندما يكون هذا الشخص نفسه يعترف بأن هناك قوانين مجحفة بحق المرأة يجب أن تنتهي مرجعيتها الدينية لأنها غير عادلة كتلكَ المتعلقة بالميراث، أو إنها غير عقلانية كحق الرجل بالزواج مثنى وثلاث ورباع لأنه في النهاية «لن يعدل»، بذات السياق لا مانع من نقاش بعض الأفكار المتعلقة بالواجبات الزوجية وغيرها إذ لا يمكن لأحد أن يكون ضد وجود جمعيات تدافع عن حقوق النساء كالمطالبة بالمساواة مثلاً، لماذا لا تكون هذه المساواة حتى في الخدمة الإلزامية! كل هذا الأمر يختلف عن مصطلح «المرأة العدو للمرأة» وهي ما تجسدهُ تلك الجمعيات التي فعلياً لم تعد تعرف ماذا تريد بمعزل عن خطابات الكراهية التي باتت ملازمة لكل ما ينطق به، آخر ما حُرِّر: المرأة ليست ملزمة بإرضاع أبنائها ويحق لها أن تطالب بأجرٍ على ذلك!
لستُ معنياً بما يقوله الشرع في هكذا حالات، كنتُ ولا أزال مع فكرة أن الأخلاق تتقدم على الدين لأنها موجودة قبله، الشخص الذي يتمتع بالأخلاق الحسنة يأتي الدين ليكملها، لكن من لا أخلاقَ له أي دين في العالم عاجز على إصلاحه، إن الطفل الذي يبدأ دقائقه الأولى بالفطرة بالرضاعةِ من ثدي والدته لا يحمل أي دين ولا فكر، نتحدث هنا عن الفعل الإنساني والأخلاقي المتعلق بالفكرة لذلك دعونا نتكلم من منطلق إنساني، من هو الذي يحول المرأة إلى سلعة؟ ألسن اللواتي يُهاجمنَ هذه الفكرة هن ذاتهن من يطلبنَ مهراً وذهباً وقد تنتهي الزيجة بسبب عدم الاتفاق على المهر! ألسن اللواتي يطلبنَ «أجراً» حتى مقابل الشعور الأعظم في العالم وهو شعور الأمومة هن أكثر من يحارب المرأة؟ هل وصل حد «النضال النسوي» إلى المتاجرة حتى بإرضاع الطفل؟!
في الخلاصة: دعونا لا نجامِل بالنظرةِ لدعوات كهذه، لا أكترث لمن سيزعجهن مقاربتي هذه لكن الجمعيات النسوية باتت عملياً أقرب لجمعيات الدفاع عن حقوق الشواذ لا فرق بينهما إلا أنه في حالة النسويات تتجسد فعلياً عبارة: المرأة.. هي أكبر عدو للمرأة.