أثارت الرأي العام ورواد التواصل الاجتماعي … مطالب بإجراءات محاسبة أشد في «قضية» انهيار بناء الفردوس بحلب
| حلب- خالد زنكلو
أثارت «قضية» إزهاق أرواح ١٣ شخصاً، معظمهم من الأطفال والنساء، جراء انهيار بناء مخالف في حي الفردوس القديمة الرأي العام في حلب، والذي طالب باتخاذ إجراءات عقابية أشد بحق المتورطين بالحادث، الذي تكرر مراراً خلال السنوات الماضية.
ورأى ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي أنه وإن كان من الصعب وضع حلول جذرية لهذا الملف بسبب وجود آلاف الأبنية المهددة بالسقوط في الأحياء الشرقية من المدينة بفعل الأعمال الإرهابية، إلا أنه لو جرى محاسبة المسؤولين الفاسدين أو المتهاونين في المديريات الخدمية المعنية عن الانهيارات السابقة للأبنية والتي أودت بحياة أبرياء، لما وصلت تجاوزات تجار الأبنية المخالفة إلى هذه الدرجة المزرية والمقرفة.
محافظ حلب حسين دياب أصدر الخميس، وفي اليوم نفسه الذي انهار فيه البناء، القرار رقم ٩٢٩١، والقاضي بتشكيل لجنة، مؤلفة من عدد من الفنيين من الأمانة العامة لمحافظة حلب ومجلس المدينة ونقابة المهندسين والخدمات الفنية، مهمتها الكشف على البناء المنهار، على أن تقدم تقريرها اللازم مع المقترحات المناسبة خلال مدة أقصاها ٢٤ ساعة. وأوكل للجنة بيان أسباب انهيار البناء المؤلف من ٥ طوابق وتحديد عمره، وجميع الملابسات المتعلقة به من وثائق وملف تفتيشي.
وبالفعل، أصدرت اللجنة تقريرها الجمعة وقبل الموعد المحدد، والذي قضى بتوقيف تاجري البناء «م. عبود» تولد ١٩٧٧ و«ع – عبود» تولد ١٩٧٩، على حين استمرت التحقيقات بعد إحالة تقرير اللجنة إلى فرع الأمن الجنائي «لاستكمال التحقيقات اللازمة وفق الأصول واتخاذ الإجراء القانوني المناسب بحق العاملين المقصرين في أداء واجبهم في الرقابة أو قمع المخالفة، وكل من تثبت مسؤوليته عن المخالفة سواء كان مالكاً أم حائزاً أو متعهداً أو مشرفاً أو دارساً للبناء أو قائماً بالتنفيذ، وذلك استناداً إلى أحكام المرسوم التشريعي رقم ٤٠ لعام ٢٠١٢ وتعليماته التنفيذية»، بحسب قول مصدر في محافظة حلب لـ«الوطن».
وبيّن المصدر أن اللجنة أكدت في تقريرها أن الصور الجوية للبناء «توضح أنه جرى تشييده في النصف الثاني من عام ٢٠٢٠، وأن البناء مبني من دون ترخيص وإشراف ودراسة، وهو يقع ضمن منطقة مخالفات جماعية، كما أن العناصر الحاملة للبناء مكونة من البلوك المفرغ، وهو مخالف لاشتراطات الكود العربي السوري للبناء».
جديد مجريات قضية بناء الفردوس المنهار، ظهور تصدعات في مبنى قديم مؤلف من ٦ طوابق بمنطقة مخالفات جماعية في حي الصالحين المجاور للفردوس، وبعد إعلام قسم الشرطة المختص أول من أمس، وجه محافظ حلب باتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة حرصاً على سلامة السكان، حيث قررت لجنة السلامة العامة بعد معاينة الوضع الإنشائي إخلاء المبنى والمباني المجاورة وقطع المحاور المؤدية إلى الموقع. وأبلغ السكان الذين تم إخلاؤهم بتأمين السكن المؤقت، لحين استكمال الإجراءات القانونية والفنية.
متابعون لتداعيات القضية أوضحوا لـ«الوطن» أن سرعة استجابة السلطات المعنية بإخلاء بناء الصالحين بعد يوم من انهيار بناء الفردوس، وإن كانت ردة فعل عن سابقتها، إلا أنها يجب أن تستمر مستقبلاً بالتعاون مع المجتمع المحلي ولجان الأحياء المسؤولة عن مراقبة التعديات العمرانية الجديدة، إلا أن دورها شبه مغيب في هذا المجال، تماماً مثل القطاعات الخدمية صاحبة الشأن، والتي يجب محاسبتها عن تقصيرها وتهاونها في إزهاق أرواح الأبرياء.
وتساءل هؤلاء: لماذا غض المسؤولون في بلدية حلب، وفي مقدمتهم المهندسون المسؤولون عن قطاع باب النيرب حيث وقعت الكارثة، الطرف عن إنشاء المبنى المشاد حديثاً، ومن المستفيد من العملية التي غدت ظاهرة في جميع الأحياء العشوائية شرقي المدينة!؟
ووصل الأمر ببعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى مطالبة المرشحين لانتخابات الإدارة المحلية في الدورة القادمة ممن مارسوا مسؤوليات في الدورة الحالية، بتقديم استقالتهم فوراً وسحب ترشيحهم للدورة المقبلة «كي ترتاح ارواح شهداء حي الفردوس في قبورهم»، بحسب قول أحدهم في منشور له على «فيسبوك».
وبين آخر: «أياً تكن التبريرات فإن مجلس مدينة حلب هو المسؤول الأول، صحيح أن المتعهد وتاجر البناء مجرمين ويجب محاسبتهما، لكن من الذي غطى جريمتهما وتغاضى عنها وسمح بها»؟
وفي ذلك قال أحد الصحفيين في حسابه على «الفيسبوك»: «أحضروا تاجر البناء وأسألوه كيف استطاع أن يبني خمسة طوابق من دون أن يعترضه أحد، رغم أن هناك من يجوب الشوارع ليل نهار ليصادر بسطة تشغل رصيفاً في حي شعبي ويبقى صاحبها في حالة تأهب مستمر ليهرب ببسطته قبل أن تصادر»!
وأشار زميل له إلى أن انهيار المبنى ضمن الحيز الجغرافي للدائرة الانتخابية الرابعة في مدينة حلب «ما هو رأي أعضاء مجلسي المحافظة والمدينة المنتخبين عن هذه الدائرة، ما هو رأي مجلس المدينة والقطاع الخدمي، ١٢ عضواً في مجلس مدينة حلب ضمن الدائرة الرابعة التي يتبع لها حي الفردوس، مديرية خدمات باب النيرب وشعبة المراقبة فيها منذ نهاية عام ٢٠١٦ وحتى الآن، أين أنتم من هذا الواقع».