عربي ودولي

بكين أكدت استعدادها لبناء شراكة إستراتيجية قائمة على التعاون الشامل … المنتدى الصيني- العربي للإصلاح: الدفع لتسريع التنمية المشتركة والتكامل الاقتصادي

| سيلفا رزوق

أكد مبعوث الصين الخاص للشرق الأوسط تشاي جون، أن مبادرة التنمية العالمية، التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ بعد مبادرة «الحزام والطريق»، تهدف إلى لفت انتباه المجتمع الدولي إلى قضايا التنمية، ودعم تقوية الشراكات الإنمائية العالمية، وتعزيز التعاون الإنمائي الدولي، وتسريع تنفيذ جدول التنمية المستدامة لعام 2030، بما يدفع لتنمية عالمية خضراء أقوى.

وفي كلمة له خلال المنتدى الصيني- العربي للإصلاح والتنمية الذي عقد دورته الثالثة يوم الخميس الفائت، وأقامته وزارة الخارجية الصينية عبر تقنية « الفيديو كونفرانس» وحضرته جريدة «الوطن»، بيّن تشاي جون، أن الجوهر الأساسي لمبادرة التنمية العالمية يتمثل في الالتزام بأولوية التنمية، والتركيز على الشعب، والشمولية والمنافع الشاملة، والابتكار والتعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، وتعزيز التآزر في التعاون الإنمائي المتعدد الأطراف، والتركيز على تعزيز مكافحة الفقر، والتعاون في ثمانية مجالات بما في ذلك الأمن الغذائي، ومكافحة الجائحة واللقاحات وتمويل التنمية ، وتغير المناخ والتنمية الخضراء والتصنيع والاقتصاد الرقمي، والاتصال في العصر الرقمي.

واعتبر أن هذه المبادرة المهمة تحدد الاتجاه إلى الأمام وتوفر الإجراءات التي يجب اتباعها من أجل النهوض بالتنمية العالمية بشكل مشترك ودفعها إلى مرحلة جديدة من التوازن والتنسيق والشمولية، والكسب المشترك والازدهار المشترك.

ولفت تشاي جون إلى أنه في السنوات الأخيرة، تطورت العلاقات الصينية- العربية بشكل شامل وسريع.

وأقامت الصين والدول العربية شراكة إستراتيجية قائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة لمستقبل أفضل، وتعمق التعاون الثنائي في البناء المشترك لـ «الحزام والطريق» وحققت نتائج مثمرة في مواجهة التغييرات غير المسبوقة منذ مئة سنة وجائحة القرن، وأضاف: «وقفت الصين والدول العربية دائماً معاً في السراء والضراء وتقاسمت المصير المشترك، بما يضع نموذجاً للتضامن والتعاون بين الدول النامية، وفي الوقت الحاضر تستعد الصين والدول العربية لعقد القمة الصينية- العربية الأولى، وتسعى جاهدة لبناء مجتمع صيني- عربي مشترك ذي مستقبل مشترك في العصر الجديد، والذي سيصبح بالتأكيد حدثاً بارزاً مسجلاً في التاريخ أمام الوضع الجديد والفرص الجديدة والتحديات الجديدة، حيث إن التعاون التنموي الصيني- العربي له آفاق واسعة وفرص كثيرة».

وبين تشاي جون ضرورة تعزيز التوافق في الآراء بشأن التنمية وتعزيز الالتقاء الإستراتيجي، حيث على الجانبين مواصلة دعم بعضهما بعضاً بحزم في استكشاف مسار التنمية الذي يناسب ظروفهما الوطنية بشكل مستقل، ودعم بعضهما بعضاً بقوة في حماية حقوقهما ومصالحهما التنموية المشروعة والمصالح المشتركة للبلدان النامية الفقيرة.

ولفت إلى أهمية التمسك بالمنفعة المتبادلة والكسب المشترك وتعميق التعاون العملي، مشيراً إلى أن الصين ترغب في العمل مع الجانب العربي لمواصلة توسيع التجارة الثنائية وزيادة تسهيل التجارة وتعزيز الاستثمارات المتبادلة، وتحسين الهيكل التجاري الثنائي باستمرار؛ وتوظيف مزايا الصين في الطاقة الإنتاجية لتعزيز الصلابة الصناعية وسلاسل التوريد، ومساعدة الدول العربية في تحسين مزاياها في الصناعة، وتعزيز التعاون في بناء البنية التحتية مثل السكك الحديدية والمطارات والموانئ والمستشفيات، بما يدعم قدرتها على ضمان معيشة الشعب.

وأكد المسؤول الصيني ضرورة الالتزام بالابتكار وتطوير محركات تنموية جديدة، وعلى الصين والدول العربية زيادة تعزيز التعاون الابتكاري، ولاسيما تعزيز بناء القدرات الرقمية، وتعزيز تكامل التكنولوجيا الرقمية والاقتصاد الحقيقي، وإنشاء مشروعات نموذجية للتكنولوجيا الحديثة والصناعات الناشئة، والعمل مع الجانب العربي لتحقيق قفزات التنمية، من أجل تسريع القطار فائق السرعة للتعاون الصيني- العربي، إضافة إلى تعزيز التنمية الخضراء بشكل مشترك واستكشاف مسارات التنمية المستدامة.

المسؤول الصيني أكد استعداد بلاده للعمل مع الدول العربية لتنفيذ مبادرة التنمية العالمية بإجراءات عملية، وجعل الإنجازات التنموية تعود بالفائدة على الشعب الصيني والشعوب العربية، والعمل على تعزيز إقامة شراكة تنموية عالمية قوامها الوحدة والمساواة والتوازن والمزايا العالمية، بما يسهم في تنشيط قضية التنمية العالمية.

من جهته شكر الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية إبراهيم الذوادي المساعي الصينية للدفع بالتعاون في تسريع أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة وحشد الجهود في سبيل التنمية، موضحاً أن التنمية والسلام وجهان لعملة واحدة، مثمناً موقف الصين الداعم للقضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.

ولفت الذوادي إلى أن الوطن العربي يمر بمنعطفات خطيرة ما يستوجب تضاعف الجهود لإيجاد الحلول السياسية للأزمات، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية وتعزيز فرص التعاون ورفض التدخلات الإقليمية في شؤونه الداخلية، وأضاف: «نثمن الجهود التي تبذلها الصين لدعم قضايانا العربية ودعمها لإيجاد الحلول لمنطقتنا، ونحن ندعم مبدأ الصين الواحدة، وحريصون على تعزيز علاقاتنا معها».

وشدد الذوادي على أن العلاقات العربية- الصينية هي من أمتن العلاقات وأصبح المنتدى من أنجح المنتديات وباتت فعالياته شاملة في كل المجالات التنموية والاقتصادية والسياسية والعلمية والسياسية، وبات يضم الكثير من مذكرات التعاون في كل المجالات، ومن المنتظر أن تمثل القمة الصينية- العربية الأولى التي ستستضيفها السعودية محطة إستراتيجية في العلاقات بين الجانبين.

رئيس دائرة تنمية المجتمع في أبو ظبي مغير خميس الخييلي، أشار بدوره إلى ما قدمته الإمارات في مجال الدفع بالتنمية في البلاد والمنطقة، معتبراً أن الإصلاح والتنمية من المرتكزات المهمة لدعم الاستقرار وتعزيز الابتكار ورفع الكفاءات، مؤكداً استمرار بلاده بالعمل والتفاني لتحقيق تنمية المجتمع.

رئيس جامعة شانغهاي للدراسات الدولية لي يانسونغ، أكد أن الصين تطلع بمهمة كبيرة للإصلاح والتنمية، مبيناً أن الرئيس الصيني تشي جين بينغ اعتبر أن الاضطرابات العالمية جاءت بسبب غياب التنمية العادلة، وهذه الاضطرابات ستحل بالتنمية.

ولفت إلى أن مبادرة التنمية العالمية تجس نبض الرغبة العالمية بالتنمية، وتتماشى مع تطلعات شعوب العالم بالتنمية والاستقرار، وهي تحشد قوة هائلة لإقامة مجتمع المستقبل وترسم خريطة طريق لتقليص الفارق بين الجنوب والشمال، وأضاف: المركز الصيني- العربي للإصلاح والتنمية، نشأ بمبادرة الرئيس الصيني لتبادل الخبرات والاستفادة المتبادلة بين الجانبين، وحقق المركز نتائج مهمة في عدة مجالات، وخلال السنوات الخمس القادمة سيبذل المركز قصارى جهوده لتقوية المركز وتحقيق أهدافه».

وناقش أكثر من عشرين خبيراً وباحثاً من الصين والدول العربية، مبادرات التنمية العالمية، وخطط التنمية الصينية- العربية، من خلال محورين: الأول ركز على تعزيز المواءمة بين الإستراتيجيات الإنمائية والعمل على دفع مبادرة التنمية العالمية، والثاني الالتزام بالتنمية المدفوعة بالابتكار وتحقيق تنمية قوية وخضراء وسليمة، حيث أكدت مداخلات المشاركين أهمية التعلم من التجربة الصينية بالقضاء على الفقر وتحقيق أهدافها بالتنمية المستدامة، وأهمية مكافحة الفقر من خلال توفير المساعدات والخدمات والحياة الكريمة للفئات المهمشة وتعزيز المساواة والعدالة وتمكين المرأة والشباب، وضرورة تدريب الكوادر من الدول العربية لنقل التجربة الصينية للدول العربية لاسيما في ظل المتغيرات الدولية التي تفرض تحديات كبيرة على العالم العربي.

وأثنى الخبراء الحاضرون عالياً على مبادرة التنمية العالمية، وقالوا: إن هذه المبادرة تساعد على دفع إعادة موضوع التنمية إلى جدول الأعمال الدولية الجوهرية، مؤكدين الرغبة المشتركة والاتجاه المشترك للصين والدول العربية في السعي إلى السلام ودفع التنمية والبحث عن التعاون.

واعتبروا أنه ينبغي على الجانبين أن يكثّفا القوة الموحدة لتعزيز التوافق الصيني- العربي على التنمية، ويعززا تكامل المزايا، ويدفعا التعاون الفعلي في الابتكار العلمي والتكنولوجي والأمن الغذائي والوقاية من التصحر ومعالجته وتحلية مياه البحر وتغير المناخ وبحث وتطوير اللقاحات والاقتصاد الرقمي وتخفيف حدة الفقر وغيرها من المجالات، ويوفرا دعماً ذكياً لدفع تنفيذ مبادرة التنمية العالمية في الدول العربية، ويساهما بقوة في بناء رابطة المصير المشترك في العصر الجديد.

يذكر أن الدورتين الأولى والثانية للمنتدى أقيمتا في عامي 2018 و2019 على التوالي، ما وفر منصة فاعلة لتبادل الخبرات والتجارب الصينية- العربية عن الحوكمة والإصلاح والتنمية.

ومبادرة التنمية العالمية، هي مبادرة عالمية طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال مشاركته في المناقشة العامة للدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 أيلول عام 2021، وتهدف لدفع التنمية العالمية نحو مرحلة جديدة تتميز فيها بالتوازن والتناسق والشمولية إضافة إلى إنعاش الاقتصاد وتحقيق تنمية عالمية أقوى وأكثر اخضراراً وصحة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن