لم يكن غريباً هذا التدافع بين السوريين لشراء بطاقات حفل أمير الغناء العربي هاني شاكر الذي يزور سورية لأول مرة منذ ١٥ عاماً، حيث كان من المقرر أن يحيي حفلاً واحداً فقط، ولكن نتيجة الإقبال الكبير وبعد التواصل معه تمت إضافة حفل ثان في بادرة تؤكد حرص دار الأوبرا بدمشق ونقابة الفنانين وكل المنظمين وهاني شاكر، على أن يكون الحفل رسالة محبة من الشعب المصري إلى الشعب السوري، وخاصة أنه استبق حفلته بدمشق بإطلاق أغنية خاصة لمصر وسورية من كلمات صفوح شغالة والحان محمود الخيمي وتقدمة الجالية السورية في مصر.
لا شك أن هذا الحفل وعلى الرغم من كل ما حصل من انتقادات محقة وغير محقة في أغلبيتها، إلا أنه يمثل حالة استثنائية لا تشبه مثيلاتها من الحفلات التي أقيمت في سورية خلال السنوات القليلة الماضية -وإن كانت ناجحة بامتياز- لكونه أول حفل لفنان مصري كبير ولأمير الغناء العربي، الأمر الذي وصفه الإعلام المصري برسالة من الفن المصري إلى الفن السوري، وهذا الحفل لم يكن ليقام لولا جهود الجالية السورية في مصر وما تحظى به من احترام عند المصريين الذين كانوا السبّاقين بين الشعوب العربية لاستقبال أشقائهم السوريين وتقديم كل ما يلزم لهم من مساعدة ودعم حيث بات السوريون في مصر مضرب مثال للعمالة المجتهدة وللمستثمرين الجادين ولرجال الأعمال الناجحين.
وفي الحديث عن حفل هاني شاكر بدمشق ولماذا تم اختيار دار الأوبرا، لا بد من التأكيد أولاً أن هذا الدار هو الجدير واللائق باستقبال ضيوف سورية الكبار من الجنسيات المختلفة، وهو المكان الصحيح لعشاق الغناء الأصيل ليستمتعوا بأجمل الأوقات بحضور قامات فنية كبيرة، فالحفل هنا لا يدخل في إطار مهرجان شعبي بل حفل غنائي يتطلب الكثير من الجهد والتنظيم، وهذا ما كان ليتم من دون جهود إدارة دار الأسد للثقافة والفنون (الأوبرا) وتواصلها الدائم مع النجم المصري وفرقته الموسيقية والتنسيق مع نقابة الفنانين والوزارات الراعية، حيث كان لزاماً على الجميع إنجاح هذا الحفل لما يتضمنه من رسائل محبة من شعب مصر لشعب سورية، ولما يرمز إليه ثقافياً من علاقة راسخة بين الفن المصري والفن السوري.
لقد سبق هاني شاكر إلى سورية عدد من كبار نجوم مصر، وشاركوا في العديد من المناسبات حيث عبروا في كل تصريحاتهم عن محبة الشعب المصري للشعب السوري، وعن مواقفهم المساندة لسورية، ونذكر منهم النجمتين الكبيرتين إلهام شاهين وسمية الخشاب والإعلامية بوسي شلبي والناقد الأمير أباظة مدير مهرجان الاسكندرية السينمائي والمنتج محسن علم الدين، وذلك دون أن تنقطع سورية ونجومها يوماً عن المشاركات في مختلف المهرجانات الفنية في مصر وحصولها على العديد من الجوائز والتكريمات.
لكن زيارة هاني شاكر وإقامة حفلتين له في دار الأوبرا سيكون لهما أبعاد مختلفة، وهذا ما أكده الإعلام المصري الذي يتابع عن قرب زيارة أمير الغناء العربي إلى دمشق ويصفها بأجمل العبارات لكونه مدركاً أن هذا الحفل يحمل رسالة حب من جهة، ورسالة إخلاص من جهة ثانية ترسلها الجالية السورية في مصر لوطنها الأم سورية.