شؤون محلية

جناحان للحالات المشتبه بإصابتها … حلب تسجل وفاة شخصين متقدمين بالعمر بسبب الكوليرا

| حلب- خالد زنكلو

منذ إماطة وزارة الصحة السبت الماضي اللثام عن رصد ١٥ إصابة بمرض الكوليرا في حلب وإصدارها «بيان استجابة» أعلنت فيه تزويد المشافي بمخزون إضافي من العلاج المتوافر بكل أشكاله تحسباً لزيادة أعداد الإصابات التي ما زالت «ضمن الحد الطبيعي»، سادت مخاوف لدى سكان المدينة من زيادة أعداد الحالات ما لم تتخذ إجراءات وتدابير مشددة وإسعافية، ولاسيما مع ورود تقارير إعلامية تحدثت عن تستر الجهات الصحية عن الأمر في انتظار صدور بيان عن الوزارة.

واستبقت مديرية صحة حلب بيان الوزارة بتخصيص جناحين في أحد مشافيها لاستقبال الحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا، بالتوازي مع تواتر حديث العديد من الأطباء الاختصاصيين في المدينة عن حالات مشتبه بإصابتها بالمرض، مع كشف المديرية عن إجراءات «تقص وتدقيق» في حالات الإسهالات، العرض الأبرز للمرض، الواردة إلى مشافيها مع إصدار تعميم للمشافي باستقبال حالات الإسهالات المائية.

تزامن ذلك مع عقد اجتماع في مجلس محافظة حلب لتوزيع المهام على القطاعات لاتخاذ «تدابير وقائية»، إلى جانب تكثيف جولات الرقابة التموينية لإغلاق معامل الثلج، التي تستخدم مصادر مياه «غير مضبوطة»، ويشك أنها ملوثة بالكوليرا، إلى جانب الإيعاز إلى أصحاب المطاعم بتجنب تقديم الحشائش في أطباق الطعام، واللجوء إلى إتلاف خضراوات وحشائش تسقى بمياه الصرف الصحي من الجهات المعنية، وهنا بيت القصيد!

بعد ذلك، خرج مدير صحة حلب زياد حاج طه إلى العلن بتصريح يقول فيه: إن سبب وفاة حالتين كونهما لشخصين متقدمين في السن وفقدا كميات كبيرة من السوائل بعد تأخرهما عن مراجعة المشفى خمسة أيام، ما أدى إلى جفاف كبير وقصور كلوي، وأشار إلى أن المديرية تتابع جميع الحالات الهضمية التي تردها، وتجري التحاليل اللازمة للكشف عن نوعية الإصابة وعلاجها.

من جهته، صرح مدير مؤسسة المياه في حلب أحمد نور الناصر أن المديرية تراقب بشكل مستمر المياه الموزعة في الخزانات وخطوط الأحياء، وتعمد إلى تعقيمها بالكلور «ضمن الحد الأعلى للتركيز المسموح به»، إضافة إلى أخذ عينات من مياه الشرب من المحطات ومن المصادر لتحليلها بشكل دائم، وشدد على أنه «لا يوجد أي حالة تلوث أو بكتيريا مسببة لأي مرض».

مقابل ذلك، تمنى الناشط الإعلامي والحقوقي علاء السيد، في حديث لـ«الوطن»، أن تلحظ الجهات الحكومية أن الكوليرا مرض ينتقل حصرا عبر براز الشخص المصاب «وذلك بعدما يصب هذا البراز في مجاري الصرف الصحي التي تسير بشكل مواز في مدينة حلب بأنابيب مغلقة ومعزولة إلى جانب مجرى نهر قويق المكشوف، وتصب في محطة معالجة مياه الصرف الصحي في منطقة الراموسة، إذ يجب أن تعالج وتخرج من هذه المحطة مياه نظيفة لكن جرى سرقة معداتها خلال سيطرة المسلحين على منطقتها، وتوقفت عن العمل».

وأضاف السيد: «تلتقي مياه الصرف الصحي بمياه نهر قويق، التي تزود أساساً بالمياه العذبة من نهر الفرات عبر مضخات تصب مياهها في شلال منطقة مشفى الكندي لتسير بقناة مكشوفة عابرة مدينة حلب، بعد ما تلتقي مياه قويق العذبة مع مياه الصرف الصحي (المجاري) في منطقة الراموسة وتصب في سهول جنوب حلب انطلاقا من الراموسة، ثم منطقة الوضيحي باتجاه سهول جنوب حلب لتسقي هذه المياه الأراضي الزراعية، التي تعد المصدر الرئيسي للخضراوات لمدينة حلب».

ولفت إلى أن جميع الخضراوات التي تنمو قريباً من التربة المسقية بمياه الصرف الصحي «يعلق عليها أجزاء غير مرئية بالعين المجردة من هذا البراز الملوث بالكوليرا، وهي لا تزول بالغسيل بالماء، بل يجب قطعاً نقعها بالماء والصابون قبل تناولها، وعدم فعل ذلك يجعل إمكانية الإصابة مرتفعة جداً بمجرد تناولها، وهي تقدم سلطات مرافقة لوجبات المطاعم، ولا يتم التأكد فعليا من قيام المطاعم بنقعها بالماء والصابون قبل تقديمها»، ولفت إلى أن عامل المطعم المصاب الذي لم يقص أظافره ويغسل يديه بعناية بالماء والصابون ويرتدِ الكفوف عند تعامله مع الطعام المقدم للزبائن «هو ناقل أساسي للكوليرا».

وبينما أكد السيد أن مياه الشرب التي تضخها شركة مياه حلب معالجة بالكلور ولا تحمل الجراثيم، وكشف أن مياه الآبار داخل المدينة «قريبة من مياه الصرف الصحي، وتتلوث بها عادة، ومعظم معامل قوالب البوظ الذي يباع في الشوارع تعتمد على مياه الآبار وليس على مياه الشركة لتوفير تكلفة المياه، وهذه القوالب غالباً ملوثة بالجراثيم ويجب الامتناع تماماً عن استخدامها».

واقترح من أجل مكافحة المرض «إعادة ضخ مياه الفرات في مجرى قويق عبر شلال الكندي لتخفيف تركيز مياه الصرف الصحي المستخدمة للري، وبالتالي، تخفيف التركيز الجرثومي في هذه المياه، بعدما توقف الضخ، الذي هو من اختصاص وزارة الموارد المائية، منذ فترة، عدا تأهيل محطة معالجة مياه الصرف الصحي في الشيخ سعيد وإعادتها للعمل، علماً أنها تابعة إدارياً لوزارة الموارد المائية، ومن الممكن في حال عدم توافر التمويل اللازم، الاستعانة بالمنظمات الدولية الداعمة للمشاريع الصحية في سورية لتمويل هذا التأهيل».

ودعا أيضاً إلى منع بيع الخضراوات «الأكثر حملاً للمرض في الأسواق، كالبقدونس مثلاً، عبر مراقبة وجودها في سوق الهال، وهذا من اختصاص مديرية التموين، إلى جانب منع المطاعم ومحال المأكولات من تقديم أي وجبة مرفقة بالخضراوات والسلطات، وهذه المسؤولية على عاتق مديرية الشؤون الصحية التابعة لمجلس مدينة حلب، ويمكن لمديرية السياحة المساهمة بالرقابة على ذلك بالنسبة للمطاعم الخاضعة لإشرافها».

وختم حديثه بالقول: «يجب على جميع الجهات الحكومية المختصة مراقبة نظافة عمال المطاعم وقص أظافرهم والتزامهم بارتداء الكفوف وعزل العامل المصاب فوراً عن عمله بهذه المطاعم، وإيقاع العقوبات الرادعة بمن يتهاون بذلك من أصحاب المطاعم، مع منع عربات الطعام الشعبية المكشوفة، كتلك التي تقدم المشاوي وغيرها، عن العمل هذه الفترة لصعوبة الرقابة على نظافة ما تقدمه من خضراوات تدخل في تركيب السلطات المرفقة بالطعام. وهي مسؤولية قسم شرطة البلدية». وحض مديرية الصحة على القيام بحملة توعية «شعبية واسعة لأسباب الإصابة وطرق الوقاية وطرق العلاج، ويمكن حض المساهمة الشعبية بكل أشكالها على المشاركة بها تحت إشراف مديرية الصحة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن