من دفتر الوطن

السباحة في المحيط الهائج!!

| عبد الفتاح العوض

هل يمكن أن نتحدث عن أي تجربة للشعوب العربية في الديمقراطية؟

لا أدري إن كان ثمة شعب عربي واحد جرّب الديمقراطية وعاشها بلا أمراضها!

من حيث النتيجة فإننا لم نعش تجربة يعتد بها في مفهوم الديمقراطية وكل محاولاتنا لتزويج الديمقراطية بالأديان كانت محاولات فاشلة منذ البداية.

المسألة هنا تذهب بنا إلى أبعد من ذلك.. تذهب بنا إلى سؤال خطر ولئيم جداً.. هل تصلح الشعوب العربية للديمقراطية؟

دعوني أوضح هذه النقطة بالذات.. إن عدم تجربة الديمقراطية لا يعني أننا غير صالحين لها أو أنها غير صالحة لنا.. شتان بين الرأيين… إن الاعتراف بعدم وجود تجربة سابقة لا يعني بالضرورة أن الديمقراطية لا تناسبنا.. لكن إن كان من يعتقد- وهم كثر- أن الديمقراطية غير صالحة للشعوب العربية فإننا نحكم على أي تجربة قادمة بأنها فاشلة قبل أن تبدأ.

السبب الرئيس الذي يستند إليه أصحاب هذا الرأي أن الشعوب العربية لم تخرج من عباءة الدين والطائفة والعشيرة، ومن ثم فإن أي ديمقراطية فيها ممثلة بالانتخابات كأحد أهم وجوه الديمقراطية ستكون محكومة بالعودة إلى الدين والطائفة والعشيرة وما هو أصغر من العشيرة.. هذه الحجة بالذات غير صحيحة فكل الشعوب لديها مثل هذه الاختلافات وقد استطاعت بشكل أو بآخر أن تتجاوزها.

ومن ثم فإن الشعوب العربية قادرة أيضاً على تجاوز هذه العقبات بالممارسة والتجربة، لكن لم يحدث حتى الآن أن عاشت هذه التجربة بشكل متكرر وأن التجارب القصيرة التي حدثت في بلدان معينة أفضت مع كل أسف إلى تكريس الانتماءات غير الوطنية.

إن كان لأحد أن يتخذ شعار «الديمقراطية هي الحل» فإن هذا الشعار إلى جانب أنه مغرٍ وجاذب فهو يحتاج الكثير من الشعارات القابلة للتحقق قبله وإلا فإننا نتحدث عن العنقاء أو الغول أو الخل الوفي!!

هل يمكن أن نبدأ الآن بتجارب الانتخابات الديمقراطية؟

في الحالة العامة فإن تبدأ الآن خير من أن تبدأ غداً، لكن من باب الواقعية فإنك إن كنت الآن بحالة مرض والمحيط حولك هائج ومائج فهل الوقت مناسب لتعلم السباحة في محيط الديمقراطية الهائج؟

هو سؤال افتراضي أن قسماً من الناس يعتقد أن المهم أن تبدأ وأن التأخير في ذلك لن يكون عبئاً على التاريخ. لكن في الوقت نفسه أفترض أن التجارب المحكومة بالفشل ستكون بمنزلة صدمة تعيدنا إلى الخلف من دون أن تسهم في تراكم أي خبرة إلا الخبرة بالفشل وهذا ما لا نحتاجه الآن ولا في أي وقت.

لنصغر الدائرة ونتحدث عن سورية، وبكثير من الواقعية فإن قوائم الوحدة الوطنية هي التي تسمح لفئات من المجتمع أن يتم تمثيلها في المجالس المحلية، ولو أننا ندرك جيداً فإن انتخابات على المستوى المحلي تجرب الديمقراطية ستكون محكومة بزمانها ومكانها.

أخيراً… الناس تحتاج إلى خبز أم إلى ديمقراطية؟

هناك بلدان حققت الديمقراطية ولم تحصل على الخبز.. وهناك بلدان حصلت على الخبز بلا ديمقراطية.

المشكلة عند الدول التي لا خبز ولا ديمقراطية!!

أقوال:

– لا تزيد الديمقراطية عن كونها حكم الغوغاء، حيث يمكن لواحد وخمسين في المئة من الشعب استلاب حقوق تسعة وأربعين في المئة الآخرين.

– رصيد الديمقراطية الحقيقي ليس في صناديق الانتخابات فحسب، بل في وعي الناس.

– الديمقراطية هي جهاز يضمن عدم عيشنا أفضل مما نستحق.

– الشيء المقرف في الديمقراطية أنك تضطر لسماع الأحمق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن