قضايا وآراء

عصا الطاقة

| أحمد ضيف الله

في أحدث تحرك للسيطرة على عائدات النفط المُهرب من إقليم كردستان، هددت شركة تسويق النفط العراقية «سومو» في رسالة لها في الـ23 من آب 2022، مشتري النفط الخام من إقليم كردستان، بأنه «سيتم اتخاذ إجراءات قانونية حازمة ضد جميع الأطراف المعنية، من أجل منع تحميل تلك الشحنات غير المشروعة القادمة من العراق، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الشحنات القادمة من إقليم كردستان»، وأن وزارة النفط الاتحادية العراقية و«سومو» كشركة تابعة لها «تحتفظ بالحق في اتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضد أي تاجر أو مشتر للنفط الخام المُهرب يثبت أنه قام بتحميل النفط العراقي من مرفأ جيهان النفطي التركي، من دون تأييد صريح من «سومو»، على وجه التحديد.

وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كردستان، ردت في بيان لها في الـ25 من آب 2022، بأنها «تدين بشدة رسالة «سومو»، التي تمثل جزءاً من معركة سياسية ضد الإقليم»، مشيرة إلى أن رسالة «سومو» هي امتداد لسياسة المحكمة الاتحادية التي انتهجتها ضد إقليم كردستان»! مؤكدة أنه «لا يزال إنتاج النفط وشحنه وبيعه وتكريره واستهلاكه مستمر في إقليم كردستان، وما زال هناك اهتمام بالاستثمار، ومن المتوقع زيادة الإنتاج»، مشيرة إلى أن «قرارات المحكمة الاتحادية لا وزنَ قانونياً لها في العراق وأماكن أخرى»! مؤكدة أن «إنتاج النفط وتصديره سيستمر في الإقليم»، مجددة «رفض حكومة إقليم كردستان لقرار المحكمة الاتحادية العليا»، وبأنه «لا توجد محكمة اتحادية في العراق، وبالتالي قرارها غير ملزم».

صحيفة «التآخي» الكردية نشرت في الـ2 من آب الماضي، تصريحاً لنائب رئيس غرفة التجارة الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ستيف لوتس، قال فيه: «إنهم يحثون الإدارة ووزارة الخارجية الأميركية على تكثيف مساعيها للحوار مع بغداد وأربيل»، مؤكداً أن «هذه المسألة تحظى بأهمية بالغة بالنسبة لهم، لكونها تعرّض مصالحهم التجارية للخطر». وتصريحاً آخر، لسكرتير مجلس الأعمال الأميركي- الكردستاني جاسمين أمين، أشارت فيه إلى أن «الحكومة الأميركية نفسها وشركة تمويل التنمية الدولية DFC، استثمرت 300 مليون دولار في قطاع النفط والغاز الكردي»، مؤكدة أن «قلقاً كبيراً يعتري القطاع، وأنهم يبذلون مساعي كبيرة لحث الإدارة الأميركية على لعب دور أكبر، وأن تقدم للشركات دعماً أكبر، كي تتمكن من مواصلة استثماراتها في المنطقة»، كذلك أكد القنصل الأميركي في أربيل في بيان له في الـ31 من آب الماضي، دعم الإدارة الأميركية للحوارات بين بغداد وأربيل بشأن الموارد النفطية، وعلى «ضرورة احترام العقود النفطية التي تم إبرامها»!

محكمة غرفة التجارة الدولية في باريس، تنظر في دعوى التحكيم المرفوعة من قبل العراق ضد تركيا منذ العام 2014، لمخالفتها أحكام اتفاقية خط الأنابيب الموقعة عام 1973 التي تنص على وجوب امتثال الحكومة التركية لتعليمات الجانب العراقي، فيما يتعلق بحركة النفط الخام المصدر من العراق، ولسماحها بمرور الصادرات النفطية لإقليم كردستان، والتي تعتبرها غير قانونية، عبر خط أنابيبها إلى ميناء جيهان التركي.

المحكمة التي اختتمت آخر جلسة لها في 13 تموز الماضي، ستصدر قرارها النهائي والحاسم خلال الأشهر القليلة المقبلة، حيث يتوقع أن تلزم تركيا بدفع 32 مليار دولار كتعويضات للدولة العراقية.

شركة «إتش كي أن إنيرجي»، وهي احدى الشركات الأميركية العاملة في مجال النفط والطاقة في إقليم كردستان، طالبت الإدارة الأميركية في رسالة لها في الـ3 من أيلول الجاري، بالتوسط بين أربيل وبغداد لحل المشاكل العالقة حول ملف النفط والطاقة وخط الأنابيب الواصل بين العراق وتركيا، محذرة من أنه «أي توقف لتدفق النفط عبر خط الأنابيب الواصل بين العراق وتركيا سيقود لانهيار اقتصاد كردستان، وإلى دفع تركيا للحصول على مزيد من الخام من إيران وروسيا»، وفقاً لرسالتها.

رئيس إقليم كردستان وحكومة الإقليم وقضاؤه وبرلمانه، أعلنوا مراراً وبشكل رسمي رفضهم جملة وتفصيلاً، حكم المحكمة الاتحادية العليا في الـ15 من شباط 2022، القاضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كردستان، وإلغائه، وبإلزام الإقليم بتسليم كامل الإنتاج النفطي إلى الحكومة الاتحادية، بل إن آل بارزاني، لم يتوقفوا عن الإعلان صراحة، أنهم لا يعترفون بالمحكمة الاتحادية العليا، ولا بقراراتها، وأنهم لن يسلموا الملف النفطي إلى بغداد، مهما كانت الظروف.

آل بارزاني لم يرضخوا مرة لقرارات الحكومة المركزية ومؤسساتها الاتحادية في بغداد، ولم يعودوا إلى رشدهم كل مرة، إلا بالقوة، وفي ظل أزمة الطاقة المتصاعدة في أوروبا وأميركا، آن الأوان لاستخدام «عصا الطاقة»، لمنع وإيقاف سرقة مقدرات الشعب العراقي النفطية والمالية، ولإفشال التوجهات الانفصالية، حفاظاً على وحدة الأرض العراقية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن