قضايا وآراء

أشكال العدوان الإسرائيلي وأهدافه

| تحسين حلبي

اعتادت قوى الاستعمار البريطاني والفرنسي والأميركي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وخاصة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي استخدام شعار «الحد من انتشار الأسلحة» لمنع الشعوب والدول التي تحررت من الاستعمار من بناء قدراتها العسكرية الدفاعية لكي تبقى خاضعة لمصالحه وعاجزة عن الدفاع عن نفسها أو تحرير أراضيها المحتلة، لكن هذه الشعوب وجدت في الاتحاد السوفييتي والصين الشعبية قاعدة رئيسة لها في الحصول على الدعم في السلاح والتدريب لمقاومة الاستعمار والامبريالية وهو ما عزز قوة حركات تحرر كثيرة في آسيا وإفريقيا وحقق استقلالها في تلك الفترة.

في 13 أيلول الجاري عقد «معهد أبحاث الأمن القومي» الإسرائيلي ندوة للبحث في الوسائل التي يتعين على جيش الاحتلال انتهاجها لتطبيق «الحد من انتشار الأسلحة» لمنع الدول المناهضة للاستعمار والامبريالية في منطقة الشرق الأوسط وبخاصة لمنع دول وأطراف محور المقاومة التي تتصدى للاحتلال الإسرائيلي من زيادة قدراتها العسكرية وما تحمله من تحديات وأخطار على جيش الاحتلال.

في هذه الندوة سلط رئيس المعهد مانويل تاختينبيرغ الضوء على أهمية ملحة لضرورة أن يقدم المعهد الأبحاث والدراسات المطلوبة لأصحاب القرار في القيادتين السياسية والعسكرية بهدف منع تطور القدرات العسكرية لسورية وإيران وحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية.

وأوضح العميد المتقاعد من جيش الاحتلال ورئيس قسم الأبحاث العسكرية سابقاً في المخابرات العسكرية أودي ديكيل أن «الجيش الإسرائيلي يواجه أخطر ثلاثة تحديات مركزية منذ فترة وهي:

1- على مستوى الأسلحة التقليدية، وجود أسلحة صاروخية ذات دقة في إصابة الأهداف وتكنولوجية من صناعتها هي والمسيرات الموجهة.

2- امتلاك قدرة نووية عسكرية

3- امتلاك أسلحة «كيميائية أو بيولوجية».

وبين أن «أخطر الأسلحة التي يتعين على الجيش الحد منها ومنع امتلاكها للأعداء هي الصواريخ ذات الدقة بإصابة الأهداف وخاصة في جبهة الشمال»، وأضاف إن «نجاح الجيش الإسرائيلي في منع تزايد أو وجود هذا النوع من الأسلحة يشكل أهم عامل في إضعاف سورية وإيران وحزب الله ويحول دون شن حرب على إسرائيل».

وأضاف في الندوة إن «تحقيق هذا الهدف يتطلب: تحديد مواقع وجود هذه الأسلحة أو مواقع مختبرات صناعتها وابتكارها على الأرض، لأن التكنولوجيا العسكرية الحديثة يمكن أن توفر على هذه الأطراف إمكانية ملاحقتها وضربها أثناء النقل الذي يعرضها للكشف».

ويضيف ديكيل: «ولتحقيق هذه المهمة سيتعين زيادة قدرة الاستخبارات على معرفة كل ما يتعلق بهذا الابتكار ونظام عمله وبالمختصين الذين يتولون ابتكاره وصناعته».

وشدد ديكيل على الأهمية القصوى لهذا الدور الاستخباراتي الذي يعرف الجميع أن جيش الاحتلال عول عليه في الموضوع النووي الإيراني في السنوات الماضية حين استهدف بعمليات الاغتيال بعض المختصين الإيرانيين في هذا الاختصاص، وقال علناً إن هذا الدور مطلوب «لمنع انتقال الخبرة النظرية والعملية لصناعة أسلحة دقة الإصابة وصواريخها وهي مهمة معقدة في عصر الرقميات وتطور منظومات ووسائل انتقال المعلومات بأشكال سرية متعددة».

يبدو من الواضح تماماً أن ديكيل يشير ضمناً إلى أن الحرب الدائرة بأشكال مختلفة بين الكيان الإسرائيلي ومحور المقاومة وبخاصة ما يطلق عليه الكيان استراتيجية «المعركة بين الحروب» هي واحدة من وسائله الرئيسية التي يستهدف بها سورية وإيران والمقاومة اللبنانية والفلسطيني، وهي التي يعول عليها في حماية احتلاله ووجوده وهو يحاول بواسطتها الاستفراد بكل طرف لكي يدرأ أخطار الحرب الشاملة على كل كيانه بموجب ما اعترف رئيس الأركان السابق غادي آيزينكوت حين حذر من لجوء جيش الاحتلال لحرب شاملة على جبهة الشمال.

يبدو أن آخر غارة شنها جيش الاحتلال على إحدى المناطق في سورية قبل يومين تندرج في هذا النوع من المهام العدوانية علماً أن تصدي الجيش السوري لغاراته أحبط أهداف هذه الاستراتيجية العدوانية وأبطل مفاعيلها أمام استمرار سورية في تعزيز قدراتها الدفاعية والعمل على الارتقاء في تطوير أسلحتها وإحباط الهدف الإسرائيلي من الحد من زيادة قدرتها العسكرية ومن زيادة متانة تحالفاتها الإقليمية والدولية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن