تتأكد الأهمية القصوى لدور البلدان الصديقة القادرة على المساهمة بتمويل إعادة الإعمار في سورية، وخاصة روسيا والصين وإيران، في دعم السيادة الوطنية السورية، ووحدة الأراضي السورية، وضمان حرية الشعب السوري حاضراً ومستقبلاً، ومن ثمَّ الشروع في عملية إعادة إعمار ما دمره الإرهاب، من مناطق سكنية ومؤسسات اقتصادية ومنشآت صناعية وزراعية حيوية وأوابد حضارية تاريخية تراثية وبنى تحتية في الأرجاء السورية.
أهمية هذا الدور تنبع خاصةً، من طبيعة علاقات الصداقة والتعاون الإستراتيجي بين سورية وكل من روسيا والصين وإيران، والقائمة على معايير أخلاقية خلاقة، وعلى أسس المنفعة المتبادلة والمصالح المشروعة المشتركة والاحترام المتبادل، من خلال الاتفاقيات والتفاهمات حول العديد من القضايا المتصلة بدعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية في سورية، والتي أنتجها الحوار الجدي المستمر والمثمر بين هذه الرباعية المعمدة بنِيَّاتٍ صادقة يعود نتاجها بالخير الوفير لشعوبها كافةً، ولعل من المفيد في هذا المجال، الإضاءة على القواسم المشتركة في طبيعة العلاقات بين موسكو وبكين وطهران من جهة، وبين دمشق وكل من العواصم الثلاث من جهة أخرى، حيث نشهد مدى تكامل المواقف الروسية – الصينية – الإيرانية تجاه ما يتصل بالمسألة السورية، وخاصة في مجلس الأمن الدولي وباقي المحافل الدولية، ورفض أي محاولات للنيل من السيادة السورية، والعمل على تعزيز التعاون المتبادل مع دمشق، والتأكيد على أن حل المسألة السورية مرهون بتعجيل عملية إعادة الإعمار ودعم الجهود الرامية للتوصل إلى حلٍ سياسيٍ شاملٍ للمسألة السورية بين السورٍيين ذاتهم، بعيداً كل البعد عن أي تدخلاتٍ أو مؤثراتٍ مشبوهةٍ، تأتي من هنا أو من هناك.
ومن المفيد أيضاً، الإضاءة على مدى حرص الثلاثي الروسي – الصيني – الإيراني على تعزيز العلاقات التجارية مع سورية بما يخدم المشاريع الاقتصادية المرحلية والإستراتيجية للبلدان الأربعة، مع الأخذ بالاعتبار حقيقة كون سورية تشكل مركز التلاقي الاقتصادي في المنطقة العربية بين أقصى الشرق الآسيوي والغرب الأوروبي وبلدان القارة الإفريقية.
غير أن هذا التفاؤل المبني على ما سبق ذكره من معطيات إيجابية موضوعية يمكن البناء عليها لتكثيف الجهود الرامية لإعادة الإعمار، يتراجع نسبياً أمام جملة من المعوقات الأميركية المفتعلة لعرقلة أي مسار عملي للحلّ السياسي للمسألة السورية، وتشديد العقوبات على سورية، والحيلولة عبر «سيناريو ميدانيٍ جديد» من دون خلق المناخ الطبيعي الكفيل بالشروع في عملية إعادة الإعمار، وابتكار أساليب ضغطٍ سياسي واقتصادي إضافيٍ جديدٍ على سورية، يتضمن حسب دوائر متابعة «تقديم تسهيلات ومزايا اقتصادية وإدارية ذاتية للمجموعات الانفصالية في الشمال الشرقي السوري ومنحها حرية التحرك السياسي والمالي والإعلامي، وخلق تشكيلات جديدة تنشط على الأراضي الأميركية واستثناء مناطق وجودها على الأراضي السورية من قانون قيصر المفروض على سورية».