ثقافة وفن

ما الصعوبات التي تواجه مغنّي سورية؟ … سمير كويفاتي لـ«الوطن»: الأغنية السورية بخير… وهذه الأسباب هي مجرد حجة

| هلا شكنتنا

يزخر التاريخ الغنائي في سورية بأغانٍ مشهورة جداً، حيث كان معظم المطربين السوريين من أهم مطربي العالم العربي، كما أن أغنياتهم كان لها صدى واسع لدى المستمع.

الأغاني السورية القديمة مازالت حاضرة عند المستمع

حيث أغنى مطربو سورية الساحة الغنائية بالكثير من الأغاني الهادفة والقريبة من قلب المستمع، كما أن الأغنيات التي قدمت على مدى سنوات كانت تتسم بالإبداع والجمال من حيث الألحان والكلمات، كما وضعت سورية بصمتها الخاصة وذلك من خلال أغانيها وموشحاتها المختلفة، ومازالت هذه الأغنيات تتمتع بذات النجاح الذي حققته في السابق.

الأغنية العربية باتت تتصدر القوائم

لكن مع مرور الزمن بدأت الأغنيات العربية تتصدر قوائم الاستماع، وباتت الأغنية السورية تتراجع في الانتشار، وأصبحنا نرى بأن الأغنيات السورية قلّ وهجها ولم يعد لها حضور مثل السابق، كما أن معظم المغنين السوريين وخاصة الشباب باتوا يفضلون السفر للخارج لتحقيق أحلامهم في عالم الغناء، ومن الملاحظ بأن هنالك أصواتاً سورية جميلة وقوية، تعمل على رفع المستوى في الأغنية السورية وكلماتها، لكن الظروف العامة باتت تمنعهم من تقديم أعمال غنائية ترضيهم، إضافة إلى قلة الفرص وعدم وجود شركات إنتاج تساعد هؤلاء المغنين وتساندهم.

تساؤلات حول الأغنية السورية

دائماً ما يسمع في الأحاديث العامة بين المستمعين بأن مطربي سورية وخاصة الشباب باتوا يعيشون خارجاً ويقدمون أغنيات بلهجات مختلفة متناسين اللهجة السورية، ومن هنا تراود لنا عدة أسئلة «هل الأغنية السورية مازالت بخير»؟ «وهل السفر الوسيلة الوحيدة لتحقيق أحلام مغنّي سورية»، «وهل قلة شركات الإنتاج الغنائية السبب في هجرة الأصوات الجميلة»؟

الإعلام يسهم سلباً في نشر هذه الأغاني

وللتحدث أكثر عن الوضع العام للأغنية السورية، وما الصعوبات التي من الممكن أن تواجه مطربي وصانعي الطرب في سورية، تواصلت «الوطن» مع الملحن «سمير كويفاتي» الذي تحدث بكل شفافية عن الوضع الغنائي الراهن في سورية، قائلاً: «الأغنية السورية من دون أي تشاؤم، على الرغم من وجود بعض الدخلاء عليها مثلما نشاهد هذه الأيام، وبرأيي فإن الإعلام في بعض الأحيان يقوم بترويج سلبي لانتشار بعض الأغنيات التي تطرح اليوم، ولولا تسليط الضوء عليهم لما كنا سمعنا بهم، فهم موجودون في النوادي الليلة، وبرأيي فإن هذه الأغنيات ليست أغاني سورية، ونستطيع أن نقول إن الأغنية السورية موجودة ويوجد هنالك محاولات تبرهن هذا الشيء، كما أننا نرى بأن هنالك أشخاصاً يعملون على الأغنية السورية مثل الفنانين «ليندا بيطار، ميس حرب»، كما توجد أغنيات شعبية يمكن أرشفتها تحت هامش الأغنية السورية، لأنه لابد من الاستمرار في بعض التجارب، من دون النظر إلى المحاولات الساقطة التي نشاهدها في هذه الفترة».

السفر ليس وسيلة لتقديم أغنيات جميلة

أما عن الأقاويل والأسباب التي يتحدث عنها بعض المغنين السوريين، بأنها سبب سفرهم للخارج للبحث عن شركات الإنتاج، فقد أفصح «سمير كويفاتي» عن رأيه بهذا الأمر، قائلاً: «برأيي الشخصي السفر لا يعد الوسلية التي يمكن من خلالها أن يقدم الفنانون أعمالهم الغنائية، لأن الأغنية السورية يمكن أن تصنع بأقل إنتاج وأقل كلفة، وأريد التنويه بشيء مهم جداً، وهو بأنني قمت منذ زمن بصنع أغنيات للفنانة الراحلة ميادة بسليس، وحقيقة إنتاجهم كان لا يكلف مبالغ طائلة، ونحن كنا بحاجة لكلمة جميلة، ومحاولات جادة حتى ولو كانت بإنتاج فقير لكن سوف تظهر هذه الأغنية، برأيي فإن هذه الأسباب هي مجرد حجة وعلل نضعها لكي نرمي عليها الأخطاء، وأنا لست مع هذه الفكرة التي يرددها البعض».

الرسالة التي تحملها الأغنية هي الأساس

كما أضاف كويفاتي في حديثه، قائلاً: «صحيح لا توجد شركات إنتاج مثلما هي الحال في الدراما، وهذا الأمر نقوله باستمرار، لكن برأيي الذي يريد أن يغني على آلة واحدة ويريد النجاح لأغنيته، بالتأكيد سوف تنجح، لأن الأغنية يجب أن تحمل رسالة وقضية، وأقرب مثال يمكنني ذكره عندما قدم مارسيل خليفة ديسكاً كاملاً يحمل عنوان: «وعود من العاصفة»، وبغض النظر بأن أغنياته كانت للأرض والشعب، لكنه استطاع أن يحقق انتشاراً عظيماً، لذلك عندما تكون الرسالة صادقة والأغنية تحمل هذه الرسالة، بالتأكيد لا يوجد حاجة لهذه الفلسفة ونقول بأننا بحاجة لعدة أمور، حقيقة هذا الأمر، لم أقتنع ولن أقتنع».

هذه هي الصعوبات التي كانت تواجهنا!

كما تحدث الملحن «سمير كويفاتي» عن الصعوبات التي تواجه صانعي الأغنية في سورية قائلاً: «أعتقد بأن الصعوبات لا تواجه فقط مغني سورية بل تواجه الجميع، لأن الدنيا بشكل عام تواجه مشاكل وصعوبات وأزمات، أما الصعوبات الحقيقية التي كنا نواجهها سابقاً كانت عبارة عن صعوبات تقنية، حيث كنا نملك تقنيات متواضعة، أما حالياً فقد أصبحت هذه التقنيات متطورة بشكل كبير، كما كنا نواجه صعوبات من نوع آخر مثل عدم الانتشار بشكل جيد، إضافة إلى عدم الترويج إلا بشكل قليل وصعوبة بالغة، لكن هذه الصعوبات اليوم اختلفت لأن الإنترنت أصبح متناولاً بيد الجميع ويمكن نشر أعماله الغنائية، كما أن تطور التقنيات سهل الكثير وأصبح من الممكن لأي شخص أن يقوم بافتتاح أستديو بأقل كلفة ممكنة، وأنوه بأن الصعوبة تكمن في صعوبة البحث عن الرسالة الحقيقية التي سوف تقدمها الأغنية».

السفر من أساسيات الفن

وفي تواصل خاص مع المغنية «سهر أبو شروف» التي أوضحت لنا عن الصعوبات التي تواجهها اليوم في عالم الغناء، قائلة: «السفر من أساسيات الفن لكل مطرب، وبالتأكيد الظروف الحالية من تردي الذوق العام وقلة الأجور، تجعل الفنان يلجأ للسفر، أما موضوع قلة الإنتاج فهو أمر قديم حتى من الظروف القاسية التي مرت بها سورية، حقيقة الاهتمام منصب للدراما على حساب المجال الفني».

التسويق هو أصعب الظروف التي تواجهنا

كما أضافت أبو شروف قائلة: «الصعوبات التي تواجهني في عالم الفن اليوم، هو أن التسويق أكثر من الإنتاج، لكوني أصدر أعمالاً تستحق الصدارة، لكن وصولها للناس يكون بغاية الصعوبة لعدم وجود مجال تسويق حقيقي في سورية، وأغلب المتاح وهمي للأسف، وبرأيي فإن الحل لجعل واقعنا أجمل، هو تمييز الجمهور بين الجيد والرديء، ولا أقصد بأن يرفض الجمهور الأغنية الإيقاعية، لكن يجب عليه عدم تصدير فنان للأعلى وللأسف كلمات أغنياته تحمل نوعاً من الإسفاف والبذاءة، ويجب أيضاً على الجمهور أن يدعم مواهب بلده».

الظروف في سورية لا تسمح

أما التواصل مع المغنية «ميرنا ملوحي» فقد أكدت أيضاً على أن السفر ووجود شركات إنتاج تدعم الفنان هو الحل الأنسب، حيث أوضحت قائلة: «الظرف في سورية لا تسمح لأي مطرب أن يظهر ويعرف خارح حدود سورية، وأول سبب حقيقي هو عدم وجود شركات إنتاج متخصصة بالموسيقا، وفي المقابل يوجد الكثير من الشركات المتخصصة بالدراما، أما السبب الثاني فيعود لعدم وجود إدارة أعمال تتابع مع المطرب وتنسق أعماله وحفلاته، كما أننا لا نملك قنوات فضائية مختصة بالشأن الموسيقي تبث أغاني للمطربين السوريين، لذلك يجبر الأغلبية لتحقيق أحلامهم الغنائية بالسفر».

هذا هو الحل لدعم مغنّي سورية

كما أضافت «ميرنا» في نهاية حديثها قائلة: «الحل هو وجود شركات إنتاج تدعم المطرب السوري، وتتابع معه كل التفاصيل، لأنه يوجد لدينا الكثير من الأصوات الجميلة، وهي بحاجة لدعم لكنها لم تأخذ فرصتها، كما أنه يجب فتح حدودنا مع باقي الدول لنستطيع الغناء عندما ندعى لحفل أو مهرجان خارج سورية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن