شؤون محلية

التأمين الصحي للمتقاعدين.. أن تصل متأخراً…!!

| ميشيل خياط

كلما اشتدت الأزمة المعيشية، برزت بحدة، المسألة الصحية في حياة المتقاعدين، وهم شريحة كبرى في سورية، وتقترب من عدد العاملين في الدولة والقطاع العام، علماً أن متقاعدي التأمينات الاجتماعية هم مزيج ممن عملوا في القطاعين العام والخاص.

وكان وزير المالية قد تحدث لوسائل الإعلام السورية في بداية العام الحالي، عن مشروع «بوليصة» تأمين للمتقاعدين تغطي احتياجاتهم الصحية بنسبة 100بالمئة ، لقاء 8000 ليرة سورية سنوياً، وستدعم وزارة المالية المشروع بنسبة 90 بالمئة.

وكان مدير عام هيئة الإشراف على التأمين في سورية، قد كرر الكلام ذاته في حديث صحفي في شهر شباط الماضي.

وفي الحق، فإن الشريحة الأشد معاناة بعد العاطلين عن العمل، من الغلاء الفاحش وضعف الأجور، هي شريحة المتقاعدين. وتتركز صعابهم المعيشية بحدة على الموضوع الصحي، نظرا لكثرة أمراضهم وإصابة أغلبهم بأمراض مزمنة.

وتتفاقم المشكلة مع الرفع المستمر لأسعار الأدوية، وأجور العلاج الطبي، وافتقار المراكز الصحية المجانية للأدوية، وتعطل العديد من الأجهزة الطبية التشخيصية في المشافي العامة، في أغلب الأحيان، علماً أن فارق الأجر بينها وبين أجهزة القطاع الخاص المماثلة لها، كبير جداً.

ما من شك أن مشروع التأمين على المتقاعدين جريء جداً ومتميز، ولعله مستقى من الظروف السورية المعيشية الصعبة جداً، وغير القابلة للمقارنة. إن تميز المشروع السوري الراهن يكمن في أنه يشمل جميع المتقاعدين على قاعدة أن «الحمل على الجماعة خفيف».

وسيشكل في حال اعتماده وصدوره كقانون، إلغاء شبه تام لمعاناة مليون أسرة سورية على الأقل، أو تقليصاً لمعاناتها مع الأعباء المعيشية، في وقت يجري فيه السعي إلى مساعدة العاملين بأجر «نسبياً» من خلال الحوافز والتعويضات والمكافآت والمهمات والزيادة الدورية للرواتب والأجور.

يعادل هذا التأمين الصحي للمتقاعدين في أهميته، المنح وزيادات الرواتب ويتفوق عليها، وهو وثيق الصلة بالبقاء أولاً والحياة من دون ألم ثانياً.

ولعل أهميته تلك تجعل التأخر في تطبيقه، مؤذياً ومحزناً، إذ يزداد عدد الراحلين إلى الأبدية وعدد المتألمين والمتحسرين والمتعبين.

وعليه، لا ينفع أبداً أن نردد، أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً.

إن التأخير في إنجاز بعض الحلول، هو أسوأ من الوصول إليها متأخرين، لأنها _أحياناً _ لن تكون مطلوبة وستتعامل مع اللاشيء أو العدم..!

ثمة فيما نشجع عليه الكثير من سمات سورية الجميلة والخاصة بها، وعلى الرغم من وجود تمويل ذاتي ضخم، فإن قصة الموارد ستطرح على الطاولة، مثلما يحدث مع التفكير بتحسين الأوضاع المعيشية، وإذ نأخذ الظروف الموضوعية للإنتاج بعين النظر، وهو أهم الموارد، فإن بعض الحلول الإدارية يمكنها إسعافنا على هذا الصعيد، مثل الاستفادة من مئات الأصول التي تملكها الدولة وقال عنها وزير المالية في بداية العام الجاري، إنها معطلة وإنها لو استثمرت لوفرت آلاف مليارات الليرات السورية، ونرى استثمارها في إنعاش قطاعنا العام الصناعي وإعادة تشغيل الكثير من مصانعه المهمة جداً، بالطاقة القصوى.

وهذا مجرد مثال وغيض من فيض، فلا تتأخروا.

أن تصل متأخرا أسوأ من ألا تصل أبداً في كثير من الأحيان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن