شؤون محلية

إعلانات مشبوهة عبر «الفيسبوك» لاستدراج سيدات … قاضي الجريمة المعلوماتية بدمشق لـ«الوطن»: السجن خمس سنوات لجرم الاحتيال المعلوماتي وغرامة مالية تصل إلى 5 ملايين

| مرام جعفر

ظهرت مؤخراً بشكل كثيف لا جديد إعلانات عمل «مشبوهة» عبر صفحات «السوشيال ميديا» بلا رقيب أو حسيب تستدرج فئات عمرية شابة أغلبها من النساء للعمل مقابل مبالغ مالية أو حتى «ترغيب» بفرص عمل وهمية قد تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها! مستغلين حاجة الناس في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة حيث تتلهف تلك الفئات الشابة للبحث عبر الشبكة عن فرص عمل دون وعي ودون التأكد من مصداقيتها ولسهولة الوصول إلى تلك المواقع فهي متاحة للجميع ودون تكلفة تذكر.

ولا تنحصر عروض العمل عبر الانترنت بـ«فرص داخل القطر» بل منها بكثرة ما يقدّم عملاً بالخارج أو حتى قد يكون العمل ذاته عبر مواقع الكترونية متخصصة بمجالات مختلفة «عروض أزياء – عروض إباحية – فن – صحافة.. إلخ» مقابل مبالغ مالية معينة.

وحسب رصد أجرته «الوطن» لبعض الإعلانات كانت معظمها تخص مكاتب في «الفحامة – المزة- شارع بغداد – العاصمة العراقية بغداد – ومؤخراً فرص عمل في دبي – فيّز سفر إلى دول عربية وأوروبية».

شابة عشرينية لم تنل فرصتها أسرّت إلى «الوطن» بعض ما حصل معها خلال الخوض في تجربة الحصول على العمل عبر صفحات «الفيسبوك» بالقول: تقدمت لشاغر وظيفي «سكرتيرة» عبر صفحة فيس بوك بمراسلة صاحبة الشاغر على الماسنجر الخاص وقبل البدء بالحديث عن مهاراتي والشهادات والدورات المتبعة اختصرت بالقول: ابعتيلي تسجيل صوتي أحكي لي فيه عن عمرك ووين ساكنة.

بالفعل أرسلت تسجيلاً يتضمن معلومات السكن والعمر والشهادة، على الفور طلبت مني أن أتأهب للحديث مع «المعلم» كما وصفته وطلبت مني «أن أؤدي الطاعة له بقولها شو ما قلك بتقليلو أمرك معلم وأنا تحت أمرك معلم»! فـخطر لي سؤال نكتة بعد أن ذهلت من طبيعة العمل الذي سوف أقوم به وهو لأي حدا بكون تحت أمره؟ أجابت: لأي حدا هو يطلبه وإياكِ يعصب منك المعلم هو هيك بحب!

هنا تشكك الشابة بنوعية العمل الذي اعتبرته ينتقص من كرامتها ويسيء إليها فهي ليست جارية.

في حادثة أخرى علمت بها «الوطن» مجموعة أشخاص صمموا موقعاً مشابهاً لإحدى المواقع الإلكترونية المشهورة والمعروفة بتداول صور المشاهير والإعلانات المصورة «استدرجت شابات لإرسال صور خاصة لهن مقابل أجر مالي لكن تبيّن لاحقاً أن الصفحة مزورة».

أيضاً حادثة أخرى كانت ضحيتها امرأة شابة حيث استدرجتها صفحة تنتحل اسم صفحة عروض أزياء معروفة حيث استغلت صوراً لها «بوضعيات وملابس جريئة» ومنها صور «عري» بعد أن تواصلت معها سيدة لكسب المصداقية ولاحقا تم ابتزازها مقابل مبالغ مالية.

الرقابة على منصات الفضاء المفتوح

لحد الآن لا يوجد منظومة لضبط آلية عمل الإعلانات عبر الانترنت في سورية! فبالنسبة للمؤسسة العربية للإعلان التي قد يخطر في بال أي شخص أن لها صلة أو دوراً في ضبط أو تنسيق أو حتى منح تراخيص لصفحات فرص العمل عبر الإنترنت فهي ليست مسؤولة نهائياً وليس لها أي دور في هذا الشأن حسبما أكد مدير المؤسسة أيمن الأخرس لـ«الوطن».

وبالنسبة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل توضّح مديرة مرصد سوق العمل رولا الأغبر أنها تعنى فقط بإعلانات العمل عبر برنامج تمكين الشباب وصفحة سوق العمل المعتمدة لدى الوزارة والتي تقدم فرص عمل مضمونة من القطاع الخاص على حد قولها.

أما فيما يتعلق بالرقابة القانونية على هذه النشاطات فهي رغم انتشارها بكثرة إلا أن الاستعانة بالقانون لحل المشاكل الناتجة عنها قليلة جداً.

قاضي الجريمة المعلوماتية في دائرة التحقيق الخامس بدمشق زمن بديع عبد اللـه بيّن لـ « الوطن» أن القضايا المتعلقة بـإعلانات العمل المزيفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لم تتجاوز نسبة 10 بالمئة من بين القضايا الواردة إلى الدائرة والمتعلقة منها بالاحتيال عبر الشبكة وعددها 50 قضية فقط منذ بداية العام حتى تاريخه أغلبها عن استغلال حاجة الناس للسفر والحصول على «الفيز» مقابل مبالغ مالية طائلة.

وحول العقوبة القانونية أوضح القاضي عبد اللـه أن القانون يتعامل بخصوصية كل حالة حيث يجب التمييز بين جدية الإعلان المطروح من خلال الشبكة أي ما يتعلق بـ«الترخيص – حقيقة وجود فرصة عمل»، وبين إن كان الموقع أو الإعلان يستقطب الناس بهدف الاحتيال مثل (عروض مزيفة مقابل مبالغ مالية أو صور بوضعيات خاصة) أي هل فعلاً كان للشبكة دور حاسم بفعل الخداع؟

في الحالة الأولى بيّن عبد اللـه أنه «في حال تعرض سيدة خلال إجراء مقابلة عمل لتحرش لفظي أو جسدي فإن الجرم يندرج تحت قانون العقوبات العام لأن الواقعة الجرمية حصلت بعد الإعلان عبر الفيس» حيث تطبق عليها المادة 505 من القانون التي تنص أنه في حال وقع فعل مناف للحياء فإن العقوبة هي الحبس لمدة سنة ونصف السنة إن حصلت ملامسة، وفي حال الدعوة إلى فعل مناف للحياء تطبق المادة 506 التي تقضي بعقوبة الحبس التكديري أو غرامة مالية.

أما في الحالة الثانية فيقول القاضي عبد الله: عندما يكون الهدف من الإعلانات هو الاحتيال على الناس كالمثال المتعلق «بخداع سيدات للعمل عارضات أزياء وإرسال صور خاصة» فنحن أمام قضايا احتيال عبر الشبكة أي جرم «احتيال معلوماتي» وتندرج ضمن الجرائم ذات الوصف الجنائي وفقاً لقانون الجريمة المعلوماتية رقم 20 لعام 2022. ويعاقب عليها بالسجن من 3 سنوات إلى 5 سنوات وغرامة مالية من 3 ملايين حتى 5 ملايين ليرة.

ويضيف موضحاً: إنه في حالة استغلال الصور بعد الحصول عليها قد ينطبق على هذه الواقعة أكثر من جرم كـ«الاحتيال والتهويل أو الابتزاز» وهنا يعاقب القانون وفقاً للمادة 26 بالحبس من سنتين إلى 3 سنوات وغرامة مالية من 3 ملايين إلى 4 ملايين سواء من هدد بالنشر أو نشر الصور ولو حصل عليها برضا صاحبها.

الوعي والتعامل مع إعلانات «السوشيال ميديا»

ترى الدكتورة في علم النفس خيرية أحمد أن تلبية الحاجات الإنسانية الأساسية الفيزيولوجية كـ«الأكل والشرب وحاجة الأمان المتمثلة بالاستقرار الوظيفي وبالتالي الإحساس بالتقدير والإنجاز» جميعها تجعل الأفراد يسعون إلى البحث عن فرصة عمل وخصوصاً فئة الشباب وفي السعي يتعرضون لمواقف عديدة البعض منها غامض وغير مفهوم يؤدي للاستغلال.

وتضيف: في ظل التطور التكنولوجي أصبح الاستغلال يأخذ منحى مختلفاً بعرض فرص العمل عبر صفحات التواصل الاجتماعي بعبارات إما مشوقة ولافتةً للانتباه من دون الصدق فيها، وإما عبارات غير واضحة يشوبها استفسارات عديدة وبعيدة كل البعد عن معايير الإعلان عن الوظائف بشكلها المهني والمنطقي، كمان أن التواصل مع الجهة المعلنة عن الوظيفة للحصول عليها يتخلله نوعٌ من الاستغلال وعدم الاحترام.

وتنصح أحمد بأن التعامل مع هذه الإعلانات يتطلب الوعي بتحليل مضمون الإعلان لكل الشروط المذكورة ووضوحها ومعرفة الجهة الطالبة والنظر إلى الشخص الناشر الذي يعطي مؤشراً عن صدق الإعلان والمكان المنشور فيه، صفحة التواصل الاجتماعي لمن وما ماهيتها ومحتواها ومدى متابعتها. والحذر في أثناء التواصل والتدقيق في مضمون الكلمات والردود والصدق فيما تضمنه الإعلان وفي الحديث أثناء التواصل.. لافتة أنه يجب ألا نغفل وجود صفحات ومكاتب توظيف معروفة ومعترف بها يمكن التعامل معها والوثوق بها في الحصول على فرصة عمل.

وتؤكد أنه لابد من الانتباه والوعي لما يقرأ ويشاهد لتجنب استغلال الحاجة التي أصبحت في هذه الظروف ملحة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن