اقتصاد

مالتوس وراء تطاول عـبد الغـفار عـلى السيدة المجهولة؟!

| د. سعـد بساطـة

تشير الصحافة لقيام وزير الصحة المصري بتوبيخ سيدة لكثرة الإنجاب؛ فقد انفعل د. خالد عبد الغفار بوجه سيدة من أسيوط أنجبت 7 أطفال، وذلك خلال ندوة توعوية لتحديد النسل بقرية جنوبي القاهرة، وناشد السيدات بضرورة تحديد النسل ومساعدة الدولة، محذراً من خطورة الموضوع على الأم والأبناء. وأوضحت وسائل الإعلام أنه سألها «حتعلميهم وحتصرفي عليهم إزاي؟.. الإنجاب الكثير يضر بصحتكم وبأطفالكم». وردة فعله تأتي ترجمة للتوجهات الحكومية بالحد من النسل. علماً أن معدلات الإنجاب في مصر مرتفعة للغاية، مشيراً إلى أنه سيتم تكثيف العمل على القضية السكانية خلال الفترة المقبلة، نظراً لأنه يترتب عليها جميع خطط التنمية.

نعود القهقرى للإنجليزي توماس مالتوس الذي يعد من أهم علماء الاقتصاد في التاريخ وأول من سعى لوضع نظرية شاملة تخص السكان والديموغرافيا والتطور سنة 1798، من خلال كتابه «رسائل حول مبادئ تعداد السكان»، حيث طرح مشكلة التزايد السكاني، والنمو الطبيعي، ووضع حلولاً لمواجهة هذه المشكلة.

ورغم أن نظريته بعدها قد طويت إلا أنه بعد جائحة كورونا بدأ البعض بالتفكير من جديد بمجموعة الأفكار التي طرحها، أهمها أن الإنسانية ستُواجه أزمة كبيرة نتيجة للزيادة السكانية مما سيخلق حالة عدم توازن ستشهد معها الإنسانية مجاعات وأوبئة وأمراض، أو ما سماه هو الكارثة المالتوسية، ثم تعود الأمور لنصابها بعد أن تقرر الشعوب خفض النسل مع الندرة الغذائية.

تشير أحدث توقعات الأمم المتحدة إلى أن عدد سكان العالم سينمو إلى نحو 8,5 مليارات في عام 2030 و9,7 مليارات في عام 2050، قبل أن يصل إلى ذروته عند نحو 10,4 مليارات شخص خلال عام 2080 بمعدل نمو 1 بالمئة! ونتساءل هل ستكفي موارد كوكبنا المحدودة لإطعامهم؟!

طرفة بالسياق نفسه: ثار الزوج الأميركي لما رأى مولوده السابع أصفر البشرة؛ فأجابته الزوجة ببرود «ألا تؤمن بالإحصاءات؟ ألم تقرأ أن واحداً من كل 7 أطفال بالعالم هو صيني!

كلنا يذكر عام 1840 حين ضربت أيرلندا مجاعة هائلة أدت لوفاة مليون شخص، وهجرة مئات الآلاف طلباً للرزق. ونتيجة ذلك أصبح عدد الأيرلنديين خارج البلاد أكثر من عددهم داخلها. وكان طبيعياً أن يكون بين هؤلاء عدد من الشعراء والكتاب. أما ما لم يكن عادياً فهو تفوق الأيرلنديين في بريطانيا على كتابها وشعرائها:

جورج برنارد شو، جيمس جويس، أوسكار وايلد، صامويل بيكيت، ييتس…

نقول هنا إن النفس البشرية هي أثمن ما على الأرض، فالشخصية المميزة يجب أن تكون قد أنقذت حياة أكبر عدد ممكن من البشر وجنبتهم المعاناة.. لهذا، فأعظم شخصية في التاريخ يمكن أن يكون نورمان بورلاوج المعروف باسم «أبو الثورة الخضراء»، والذي أنقذ حسب تقديرات الأمم المتحدة مليار إنسان من الموت. فما هي قصته؟ قد لا يعرف الكثيرون أن المجاعات كانت شيئاً مُلازماً لتاريخنا البشري منذ بدايته، وقد حصلت مجاعات هائلة أنهت حياة الملايين حتى فترات قريبة نسبياً من التاريخ. من أشهرها المجاعة الصينية الكبرى التي امتدت بين الأعوام 1959 و1961 ويُقدر عدد ضحاياها بما يتراوح بين 15 مليوناً إلى 55 مليون إنسان. هو مهندس زراعي متخصص في علم أمراض النبات ووراثته، كرّس حياته لأبحاث تطوير أصناف جديدة من القمح تتميز بالإنتاجية العالية ومقاومة الأمراض والعوامل المناخية. لم يكتفِ بالجلوس في مختبره للتطوير بل ذهب إلى الدول التي كانت تعاني من نقص في إنتاج القمح كالمكسيك والهند وباكستان وبعض الدول الإفريقية وأخذ على عاتقه مهمة مساعدة وتدريب تلك الدول على أسس الزراعة الحديثة وطرق استنبات أنواع القمح التي طورها مما ساهم بتحسين الأمن الغذائي للكثير من دول العالم. حتى إن بعض هذه الدول كالمكسيك تحوّلت من مستورد إلى مُصدّر للقمح خلال سنوات قليلة ويُقدر المختصون أن ابتكاراته منعت حدوث عدد كبير من المجاعات المحتملة التي كان سيصل عدد ضحاياها إلى مليار إنسان.

أخيراً أدعو: «اللهم ارزقنا خبزنا كفاف يومنا».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن