حدد العميد المتقاعد من جيش الاحتلال ومسؤول المخابرات العسكرية سابقاً والمدير الحالي التنفيذي لمعهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي تامير هايمان في شريط فيديو بثه المعهد، التحديات التي يواجهها الكيان بمناسبة العام العبري الجديد، بثلاثة أخطار كبيرة وحدد اقتراحات لما تتطلبه من مهام.
أولها: الوضع الداخلي الذي يهدد إسرائيل بدولة مزدوجة القومية تنتفي يهوديتها عنها نتيجة وجود الفلسطينيين (سبعة ملايين على امتداد مساحة فلسطين كلها)، ونتيجة الانقسامات السياسية الحزبية التي تؤدي إلى ضعف القرارات.
ثانيها: إيران وما تشكله من خطر إستراتيجي نتيجة زيادة وتطور قدراتها العسكرية وإمكانية امتلاكها السلاح النووي وهذا ما يتطلب زيادة الاعتماد على الدعم الدائم للولايات المتحدة والاستناد إليه في بقائها.
ثالثها: التغلب على كراهية ومقاطعة العرب لإسرائيل وتوسيع دائرة التطبيع.
ودعا هايمان إلى تعزيز دور مراكز الأبحاث والدراسات لتقديم الأفكار والرؤى والحلول المناسبة.
بالمقابل رأى بروفيسور العلوم السياسية الإسرائيلي ميخال ميلشتاين في صحيفة «معاريف» في الـ 23 من الشهر الجاري أن «الجمهور الإسرائيلي بدأ يتشوش في اختياره لأفضل الأحزاب القادرة على إنقاذه من الوضع السائد في الانتخابات الإسرائيلية المقررة في شهر تشرين الثاني المقبل، حين يرى أن معظم الأحزاب الكبيرة والمتوسطة تعلن عن برامج يشابه بعضها بعضاً ولا تتفق بعد كل انتخابات على تشكيل حكومة من أغلبية دائمة»، وهذا ما يرسخ الانقسامات ويؤدي إلى طريق مسدود أمام إنشاء حكومة مستقرة ذات أغلبية تزيد على 65 مقعداً من 120.
يشير سجل الانتخابات والحكومات الثلاث التي تشكلت خلالها قبل ثلاث سنوات، أن جدول العمل المعد كان هو نفسه ولم تنجح أي حكومة بتحقيق أي إنجاز جزئي فيه، وبقيت التحديات الثلاثة التي حددها هايمان، تزداد تعقيداً وخطراً سنة تلو أخرى، فلا تزال أشكال التصعيد في مقاومة الفلسطينيين مستمرة على جبهة غزة والضفة الغربية بشكل خاص، بل إنها بدأت تشكل دوامة لجيش الاحتلال أمام عجزه عن السيطرة على الأراضي المحتلة وخاصة في نابلس وجنين والقدس، إلى حد جعل بعض مجموعات المقاومة تطلق نيرانها على حدود مستوطنة داخل الضفة الغربية قبل أيام قرب نابلس، ومثل هذا التكتيك الجديد يقلق جيش الاحتلال حتى لو سلم المزيد من الأسلحة للمستوطنين، ولذلك يعد بعض المحللين الإسرائيليين هذه الظاهرة قفزة نحو تكتيك جديد هو الهجوم على المستوطنات المتداخلة في أراضي المدن والقرى ذات الكثافة الفلسطينية السكانية وعجز الجيش عن حمايتها.
هذا ما يدل على أن الوضع الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة لا يزال يشكل تحدياً عسكرياً وسياسياً دائماً ومتصاعد الأخطار على الكيان الإسرائيلي في جبهة غزة والضفة الغربية بشكل خاص.
أما التحدي الثاني الذي يتحدث عنه هايمان وهو المتعلق بمحور المقاومة بشكل عام وإيران بشكل خاص، فما زال يشكل منذ عشرين سنة أهم عامل قوة لم يستطع الكيان الإسرائيلي التخلص منه أو إيقاف القدرة على زيادة أشكال قوته المتعددة بل أصبح أكثر قوة نتيجة الوضع الدولي الجديد والحرب الدائرة في أوكرانيا وتأثيرها في انقسام العالم وما يولده ذلك من خوف إسرائيلي من تدهور قوة النفوذ الغربي والأميركي الذي تستند إليه في تعزيز قدرتها العسكرية والسياسية لضمان بقائها.
وحول دعوة هايمان للعمل على التغلب على كراهية العرب لإسرائيل وتوسيع دائرة التطبيع، تثبت السنوات التي فرض فيها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على بعض الدول العربية تطبيع علاقاتها مع تل أبيب أن هذا الوضع لم يؤد إلى أي نتائج تخدم فكرة توسيع هذه الدائرة أو تخفض من تصاعد تنديد العرب والمسلمين بإسرائيل وسياساتها تجاه الفلسطينيين والمنطقة.
ويعترف بعض المحللين في إسرائيل بأن الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة يزداد اعتمادهم على مقاومتهم في الداخل لتحقيق أهدافهم، وبهذا الشكل من المقاومة يكسبون المزيد من المؤيدين والأنصار بين شعوب المنطقة وشعوب العالم، فقد لاحظ هؤلاء أن الرأي العام الغربي بدأ يرى في إسرائيل نظاماً عنصرياً يتعين التخلص منه على غرار ما حدث في جنوب إفريقيا، وبهذا الشكل ستظل مسألة «شرعية إسرائيل» غير قابلة لضمان استمرارها عند شعوب الغرب فما بالك عند الشعوب العربية والإسلامية؟
ولذلك يبدو أن العام العبري الجديد الذي يتحدث عنه هايمان سيحمل معه المزيد من الأخطار والتحديات.