على الرغم من أن الرئيس الأميركي جو بايدن أصبح جاهزاً للاحتفاء بنجاح خطته الاقتصادية إلا أن استمرار التضخم وعدم استقرار عوامل اقتصادية أخرى قد أفسد عليه الفرحة، ففي الآونة الأخيرة اعتقد البيت الأبيض أنه حصل على قصة نجاح اقتصادية تستحق التوثيق، ولم يبقَ عليه سوى إيجاد طريقة لإقناع الناخبين بها.
لعل ما أعطى الرئيس بايدن دفعاً قوياً في الاقتصاد هو عدة عوامل أهمها:
أولاً: أنه حصن نفسه بعدد من التشريعات الاقتصادية الناجحة التي ساعدت في تمكين سجله الاقتصادي والذي يعتبر أهم عنصر في إرثه الرئاسي.
ثانيا: ساعدت هذه التشريعات في تغيير وجهة نظر الناس تجاه الاقتصاد بعد أشهر من ارتفاع الأسعار.
ثالثا: ارتفاع الأجور وانخفاض في أسعار البنزين.
لكن في الوقت الذي أراد فيه البيت الأبيض أن يجني ثمار انتصاراته الاقتصادية بدأت المشاكل بالظهور، فعلى الرغم من الانخفاض الكبير في أسعار البنزين إلا أن التضخم لم يتغير، كما أن المشهد الاقتصادي العالمي القاتم ترك أثراً كبيراً على الأسواق الأميركية ما بدا واضحاً في الهبوط الحاد لكل من سوق «داوجونز» و«ستاندرد آند بورز»، وكل هذا وضع البيت الأبيض في موقف حرج خاصة بعد أن أمضى الرئيس أغلب وقته في محاربة التضخم والركود.
على ضوء هذه التطورات انقسم الفريق الديمقراطي داخل البيت الأبيض وخارجه إلى قسمين: فريق متفائل يرى أن التقدم الاقتصادي والتشريعات المرافقة كفيلة أن تدعم الديمقراطيين في لعبة الاستحقاق البرلماني القادم وبالتالي تبقيهم في السلطة، وأكد ذلك روبرت ولف، المستشار الاقتصادي في فريق الرئيس السابق باراك أوباما، قائلاً: «يجب أن نشعر بالارتياح في ضوء ما تم إنجازه مؤخراً».
من ناحية أخرى يرى فريق أكثر تشاؤماً أنه على الرغم من الانخفاض في سعر البنزين والنفط إلا أن أسعار الغذاء والسكن لاتزال مرتفعة جداً، كما أن الحرب المشتعلة في أوكرانيا قد ترفع أسعار النفط والبنزين مرة أخرى، بالإضافة إلى أن محاولات الاحتياطي الفدرالي السيطرة على التضخم قد تُدخل البلاد في الركود.
قال المستشار الاستراتيجي الديمقراطي جيمس كارفيل مشيراً إلى التضخم الذي يخيم على رئاسة بايدن: «لا يمكن أن نتجاهل ما هو واضح، علينا أن نتناقش حول كيفية مساعدة الناس في التعامل مع ارتفاع تكاليف المعيشة».
في الأسابيع القليلة الماضية طلب مستشارو بايدن من الديمقراطيين مواجهة الشكوك حول الاقتصاد بالحديث عن نمو الأجور وازدياد عدد الوظائف في قطاع التصنيع ما يدل، حسب مراقبين، أن البيت الأبيض لا يرى أن أميركا على وشك الدخول في ركود اقتصادي.
يقول روبرت ولف واصفاً الواقع الاقتصادي الأميركي: «نحن الآن عند مفترق طرق حيث نصف الاقتصاديين يرون أن البلاد ستدخل في ركود والنصف الآخر يرى أن هذا غير صحيح. نصفهم يعتقد أن التضخم وصل إلى أوجه وسيبدأ بالانحسار والنصف الآخر يعتقد أن التضخم سيبقى لفترة أطول، أسعار النفط ستتقلب وسوق العمل أيضا، ما يجعل التنبؤ بمستقبل الأحداث صعباً».
لعل هذه الحالة الاقتصادية المتقلبة هي التي دفعت الرئيس بايدن وفريقه إلى اعتماد إستراتيجية التركيز على الحاضر لربما تساعد بوادر التحسن الحالية الحزب في الانتخابات النصفية للكونغرس في تشرين الثاني المقبل.