جلسة ساخنة بين الجمارك والتجار … مدير عام الجمارك: لن يسمح لأي دورية بتوقيف أو حجز أي مواد إلا إذا كانت مهربة والحدود غير مضبوطة بالكامل
| هناء غانم
هي فعلاً أزمة ثقة بين التجار والإدارة العامة للجمارك فكل منهم يحاول التبرير لنفسه عما يجري سواء على المنافذ الحدودية أم في الأسواق الداخلية من حالات الخلل والابتزاز، هذا بدا واضحاً خلال الاجتماع الذي جمع مدير عام الجمارك مع تجار دمشق الذين تقدموا باعتراضات كثيرة أساسها من وجهة نظرهم القيود المفروضة على الاستيراد واعتراضهم على مكافحة التهريب لم ينحصر بالآلية المتبعة بقدر ما كان عن سببه الأساس المتمثل بمنع الاستيراد الأمر الذي اتفق عليه التجار وكأن فتح باب الاستيراد هو الحل الوحيد «السحري» لمعالجة التهريب مؤكدين أن التهريب باقٍ مادام منع الاستيراد مستمراً. كما تطرقوا لموضوع الدوريات والمداهمات الجمركية للأسواق، لافتين إلى أن كل التجار يطالبون بشكل دائم أن تكون الجمارك على الحدود وليس في الأسواق كي يتخلصوا من الخوف لديهم من مداهمات الأسواق.
واعترف مدير عام الجمارك بأن الكثير من الحدود اليوم غير مضبوطة بالكامل بسبب الظروف الأمنية، وأكثر المهربات هي كهربائيات وغذائيات ومكياجات والمواد الغذائية وغيرها..
أبوابنا مفتوحة للجميع…!
مدير عام الجمارك ماجد عمران حاول امتصاص غضب التجار للسيطرة على الهدوء خلال الاجتماع مؤكداً أن أبواب المديرية مفتوحة أمام جميع التجار لسد الفجوة بين الجمارك والتجار ومناقشة القضايا المشتركة ومعالجتها ضمن الأنظمة والقوانين النافذة. موضحاً أن الإدارة حريصة على إزالة أي معيقات تواجه حركة انسياب السلع والبضائع للسوق المحلية دعياً التجار والمستوردين إلى التركيز والالتزام بعدم التهريب.
عمران أكد أنه سيتم معاقبة كل من يخالف من عناصر الضابطة والموظفين، مشيراً إلى أن تخفيض التكاليف يحتاج إلى تعاون وهناك حلقة وسيطة بين الجمارك والتجار تؤثر في علاقتهم ببعض مؤكداً أن أي بضاعة مطابقة للبيان الجمركي لا يجوز مخالفتها ولن يسمح لأي دورية بتوقيف أو حجز أي مواد أولية أو الآلات إلا إذا كانت مهربة، ثم عاد وأكد أنه لا مفر من مخالفة البضائع المهربة.
وعن موضوع شهادات المنشأ قال: هناك دراسة يتم العمل عليها لمعالجة الخلل الموجود فيها، مؤكداً أن الموضوع ليس سهلاً مشدداً على أن التاجر الذي يتعامل بالبضائع المهربة سوف يعاقب ونحن مطالبون بالتشدد مع المخالفات.. مؤكداً أنه يتم العمل على توحيد الأسعار الاسترشادية والقيم والإجراءات في كل الأمانات الجمركية لأنها غير حقيقية ولا تمثل الواقع الحقيقي للأسعار.
الرسوم ليست مرتفعة
عمران عاد وأكد أن الرسوم الجمركية على البضائع والسلع ليست عالية لكن مع الضرائب وغيرها تصبح الرسوم مرتفعة داعياً إلى ضرورة حل المشكلة التي بين التاجر وإدارة الجمارك وتنظيم هذه العلاقة طالباً من التجار أن يتحملوا مسؤولياتهم أيضاً ضمن القوانين النافذة والابتعاد عن التعامل بالمواد المهربة.
وعن الجديد في عمل مديرية الجمارك قال عمران: يتم العمل على إعداد مشروع التتبع الإلكتروني للشاحنات، وتعقب حركة دوريات الجمارك، إضافة للعمل على تطبيق الدفع الإلكتروني عبر التواصل مع السورية للمدفوعات لتجاوز كل الثغرات الموجودة، مضيفاً: إننا بصدد إصدار قانون الجمارك الجديد الذي تم عرضه على جميع الأطراف وأخذت آراؤهم ومقترحاتهم به الأمر الذي اعترض عليه التجار مؤكدين أنه لم يطرح عليهم.
وأشار عمران إلى أن أي بضاعة مطابقة للبيان الجمركي لا تحتاج إعادة دفع رسوم، أما البضائع التي بلا بيانات هي من يحتاج إلى تدقيق، محذراً من التعامل بها، وفي رده على ارتفاع الرسوم
الجمركية قال إنها ليست مرتفعة وأعلى رسوم هي على السيارات حيث تصل إلى 30 بالمئة.
النقط على الحروف
رئيس غرفة تجارة دمشق أبو الهدى اللحام قال: إن لقاءنا مع إدارة الجمارك لوضع النقاط على الحروف والتغلب على جميع الصعوبات التي تعترض عمليات الاستيراد والتصدير والتخليص الجمركي مؤكداً أن الرسوم الجمركية المرتفعة على المستوردات مقارنة بالدول المجاورة إضافة إلى الاستمرار بتصدير العديد من السلع ليست في مصلحة الاقتصاد الوطني ولا تنافس الدول الأخرى من ناحية الإنتاج الزراعي والصناعي فالفارق الكبير في التكاليف والأعباء والرسوم ما يؤدي إلى التهرب الضريبي مشيراً إلى أن معالجة هذه المواضيع تتطلب من الإدارة العامة للجمارك ضرورة دعم وتسهيل الاستيراد للمواد الأولية اللازمة للصناعة ومراجعة هذا الدعم وتعديله على ضوء مستجداته والأهم متابعة تمويل المستوردات وعدم تخفيض كمياتها وترك ذلك وفق احتياجات الأسواق مع تأكيد إعادة النظر بالرسوم الجمركية المرتفعة مقارنة مع الرسوم المطبقة في الدول المجاورة إضافة إلى ضرورة تسهيل إجراءات عبور السلع ومعالجة عقوبات الشحن إلى سورية الذي يتم من مرافئ ودول أخرى مع التوجيه بإبقاء الدوريات الجمركية في المنافذ الجمركية وعدم دخولها الأسواق.
وذكر اللحام أن المطلوب اليوم من الجهات المعنية السماح بالاستيراد لكل المواد للصناعي والتاجر واعتماد رأي لجنة الجمارك في الغرفة عند متابعة القضايا الجمركية التي يشك بمخالفتها مع ضرورة العمل على معالجة دخول السلع بطريقة غير نظامية باعتبار أن حدودنا غير مضبوطة وإخضاعها للرسوم الجمركية المطبقة على الاستيراد المباشر نفسه وبذلك تعود الفائدة على خزينة الدولة.
ضبط حالات ابتزاز..!
سلطان تيناوي الآمر العام للضابطة الجمركية قال: إن عمل الضابطة الجمركية هو مكمل ومتمم لعمل الإدارة العامة للجمارك، مشيراً إلى أن بعض الشكاوي محقة حيث تم ضبط العديد من حالات المساومة والابتزاز من الضابطة الجمركية، داعياً الجميع إلى عدم الخوف من التبليغ عن أي محاولة ابتزاز أو مساومة لاتخاذ الإجراءات الرادعة بحق أي عنصر من عناصر الضابطة الجمركية.
هموم التجار..!
التجار قدموا كل ما في جعبتهم من مشكلات وقضايا تلامس صلب عملهم اليومي في مختلف القطاعات، مؤكدين ضرورة اتخاذ إجراءات احتياطية بخصوص معالجة موضوع تخفيض الرسوم الجمركية وتوحيد الرسوم الجمركية للحد من «عمليات التهريب»، وتخصيص خط ساخن لتسريع إنجاز المعاملات أو التعامل على مبدأ النافذة الواحدة مؤكدين ضرورة الربط الشبكي مع الغرف وإدراج قائمة للأسعار للحد من المخالفات، وتسريع عمليات التحكيم الجمركي، وتخفيض الرسوم، والرقابة على الإدخال المؤقت.
بدوره عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق قال: هناك تأخير في حركة تسيير البضائع في أمانة جديدة يابوس مبيناً أن أجور نقل السيارات أعلى من قيمة البضائع مشيراً إلى ضرورة إيجاد حل للكثير من العقبات المالية التي تؤخر العمل الجمركي وضرورة قبول البيان الجمركي لبضائع مستوردة سابقاً بشكل نظامي لكنه لم يتم تصريفها خلال مدة محددة. علما أن التجار مستعدون لدفع رسومها الجمركية مرة ثانية، موضحاً أن المطلوب هو توصية أو قرار يسمح بتسديد الرسوم على البضائع القديمة الموجودة بالمناطق المحررة، معترفاً أن المرسوم الذي صدر من عدة سنوات بهذا الخصوص لم يتقدم أحد للاستفادة منه مما أعطى صورة سلبية عن قطاع الأعمال.
عضو مجلس إدارة الغرفة ياسر اكريم ذكر أن الغاية من اللقاء مع مدير عام الجمارك الوصول إلى لغة مشتركة بين الطرفين للنهوض بالعمل التجاري والصناعي، مشيراً إلى وجود أزمة أسعار يعاني منها الجميع في الوقت الذي نؤكد فيه أن لا يمكن تخفيض الأسعار من دون تخفيض التكاليف بدءاً من الإجراءات الجمركية وتوابعها حتى الرسوم الجمركية فلابد من تخفيضها حتى يتم انتعاش الاقتصاد لافتاً إلى أن التجار خائفون من التصرف بالبضائع القديمة.
وأشار التجار إلى أن إدارة الجمارك تطالب بتقديم الفواتير الحقيقية وأن ذلك لا يمكن إلا بتخفيض الرسوم الجمركية أسوة بدول الجوار معترفاً بأنه لا يوجد تاجر يتقدم برسومه الحقيقية عندها فقط يتم القضاء على التهريب، مطالباً إدارة الجمارك ترك التجار تعمل وتسهيل حركة عبور وتخفيض الأسعار الاسترشادية والرسوم الجمركية لتكون 5 بالمئة أي أن يكون التسعير بناء القيمة الحقيقية وان يكون التسعير بوجود أصحاب الاختصاص وبالمقابل معرفة ما هو المطلوب من غرفة التجارة للتعاون مع الجمارك.
عدالة في مكافحة التهريب!
وأشار التجار إلى أن الأسعار الاسترشادية تختلف في الأمانات الجمركية الأمر الذي اعتبره مدير الجمارك خللاً ويجب تصويبه.
التجار أكدوا أن المواطن هو البوصلة الحقيقية وليس المنتج مشيراً إلى أن البضائع في سورية أعلى من قيمتها المستوردة بنحو 15 بالمئة، مضيفين: نحن لسنا ضد المنتج الوطني لكن أن تكون الأسعار بالمعقول خاصة أن راتب الموظف لا يكفي لشراء قطعتين من الملابس في الوقت الحالي، وأضافوا: الأدهى أنه وضمن الأراضي السورية ذاتها هناك أماكن مسموح ببيع المواد المهربة وأخرى غير مسموح به كأكشاك السومرية مضايا وسوبر ماركات وغيرها مطالبين من الجمارك الإجابة عن هذه التساؤلات.. والأهم أن يكون هناك عدالة في مكافحة التهريب.. وأكد التجار أن ما كان يصنف كسلع كمالية موجودة بكل بيت اليوم ومطلوبة، وأن سياسة ترشيد الاستيراد جمدت رأس المال بل هربته إلى خارج سورية فالقطع الذي يملكه التاجر مخبأ وليس في المركزي.
وأشار الأعضاء إلى أن ظاهرة التهريب انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تقوم بإيصال المواد المهربة إلى المنازل في الوقت الذي يدفع التاجر الضرائب والرسوم وكل التكاليف الأخرى حيث أكد مدير الجمارك أن هناك تشديداً ومتابعة لكل هذه المواقع، مضيفاً: لكن لم نتمكن من السيطرة عليها بالكامل.