من دفتر الوطن

فيلم كرتوني طويل..!

| عصام داري

أعترف مسبقاً بأني لست خبيراً في الزراعة ولا في الصناعة ولا في التجارة ولا في علوم البحار والأنهار، ولست متخصصاً في مجالات النفط والغاز والطاقة البديلة والنظيفة والوسخة الحقيرة التي تحرمنا «شوفتها» على مدار العمر، وليس على مدار الساعات فحسب!.

أكثر من ذلك، فأنا لم يسبق لي الخوض في مجالات السوق والتسويق والتسوق، إلا كمستهلك أذهب إلى الأسواق لأشتري ما أستطيع دفع ثمنه من راتبي المهدود، كي أضمن استمرار الحياة لي ولأفراد أسرتي الصغيرة.

لكنني قررت أن أقترح على الحكومة الموقرة بعض الحلول لمشاكلنا الاقتصادية والنفطية والاجتماعية، ولأن الحاجة أم الاختراع فلماذا لا أجرب اختراع أي شيء يفيد الوطن والمواطنين «وما حدا أحسن من حدا»؟ فهم يجربون ويخطئون فيعتذرون وأنا أجرب وأخطئ وقد أعتذر، فأجرب وأعتذر، و«أحسس وأعتذر»، فالحياة تجريب وتخريب وتخبيص وحيص بيص!.

من مشاكلنا أننا وقعنا تحت رحمة قيصر الذي لا يرحم ولا يترك رحمة اللـه تنزل علينا، طيب، المشكلة محلولة فبعد فترة سيأتي قيصر الأغنية كاظم الساهر إلى سورية بعد شمس الأغنية وأمير الغناء ولا ندري من سيأتي بعد ذلك، كل ذلك يؤكد أن الدنيا بخير يا حبيبي كما يقول أبو وديع، أو سلطان الطرب، وفشر قانون قيصر!.

بعد أن أوجدنا حلاً لمشكلة القياصرة والسلاطين والشموس والأمراء تعالوا نبحث عن حل لمشكلة الغذاء، فبلدنا يصنف بأنه بلد زراعي، وكي نؤكد هذه الحقيقة علينا أن نحل مشكلة عويصة وقديمة جداً.

في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين الفائت دُعينا كصحفيين إلى اجتماع دعا إليه رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الرؤوف الكسم أطال اللـه في عمره، وتم الاجتماع في مقر وزارة الإعلام في أوتوستراد المزة.

قال لنا بين الجاد والساخر: أحمل لكم بشارة، فاستبشرنا خيراً، فقال: سورية حسب آخر دراسة لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) تحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم في….. التصحر!. ويا فرحة ما كملت.

المهم علينا وقف التصحر بأي شكل كان، والتصحر هو هجوم الصحراء والأراضي البور على سهولنا الخضراء، فتلتهم الصحراء الأرض الصالحة للزراعة.

مع أن لدينا خبراء عظماء في التنظير والتطوير لكن الصحراء كادت أن تصل إلى مخادعنا، فابحثوا يا أبطال البحوث عن حلول، وعلى كل مواطن لديه هواية أزهار ونباتات الزينة أن يزرع الأصص التي لديه بالبندورة والخيار والبقدونس وغير ذلك وهذا من شأنه محاربة التصحر بشكل فردي بانتظار اختراع جماعي!.

نأتي على مشكلة الطاقة، فبدلاً من الاعتماد الفردي على الطاقة الشمسية التي نعرف جميعاً أن تكلفتها عالية، لماذا لا تقوم الدولة بتركيب نظام للطاقة الشمسية في البادية السورية وتوليد الكهرباء التي تغطي حاجة البلد، وللتذكير فإن أوروبا كانت قد بدأت منذ سنوات بمشروع مشابه عن طريق تركيب الطاقة الشمسية في ليبيا واستجرار الكهرباء إلى أوروبا عبر كابلات تعبر البحر الأبيض المتوسط. أما الغاز وزيت الزيتون والزيت النباتي والسكر والرز والعسل، لأن بكرة أحلى، فأمر كل ذلك غاية في البساطة، فتقوم الحكومة بتمديد أنابيب إلى البيوت تحمل كل تلك الخيرات ووضع عدادات لحساب كمية استهلاك المواطن من الحريرات، وتوفير العبوات البلاستيكية والتنكية وحتى الورقية والكرتونية، لأن حياتنا تحولت إلى فيلم كرتون طويل له أول وليس له آخر، نقطة انتهى.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن