ثقافة وفن

انطلاق «أيام سينمائية سورية» في عُمان .. نجدة أنزور: عُمان لم تدّخر جهداً للوقوف مع سورية دولة وشعباً

| متابعة - وائل العدس

انطلقت في العاصمة العمانية مسقط فعاليات «أيام سينمائية سورية» بتنظيم من سفارة الجمهورية العربية السورية في مسقط بالتعاون مع الجمعية العمانية للسينما وبرعاية صاحبة السمو د. منى بنت فهد الـسعيد.

وتأتي هذه الفعالية في نطاق تنفيذ ما تم التوصل إليه بين الجانبين السوري والعُماني خلال الزيارة الأخيرة التي قامت بها وزيرة الثقافة د. لبانة مشوح إلى السلطنة.

وعرض خلال الفعاليات في اليوم الأول فيلم «دم النخيل» للمخرج نجدة أنزور وفي الثاني فيلم «الإفطار الأخير» للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد، على أن يعرض اليوم فيلم «غيوم داكنة» للمخرج أيمن زيدان وتختتم الفعاليات يوم غد بفيلم «نجمة الصبح» للمخرج جود سعيد، وجميعها من إنتاج المؤسسة العامة للسينما.

وتضمن حفل الافتتاح عرض فيلم قصير للمؤلف إبراهيم الهادي والمخرج إسماعيل الحارثي يوثق زيارة مجموعة من الصحفيين والمصورين إلى سورية خلال الفترة الماضية.

روابط الأخوة والصداقة

وخلال حفل الافتتاح أكد سفير سورية في عمان الدكتور إدريس ميا أن هذه الفعالية دلالة على متانة وعراقة روابط الأخوة والصداقة التي تجمع الشعبين الشقيقين.

وأشار إلى أن عجلة السينما السورية لا تزال تدور رغم كل الصعاب لتصور الواقع وتنتج أعمالاً إبداعية مؤثرة في تاريخ الفن السابع.

فرصة جيدة

من جانبه أكد حميد العامري رئيس الجمعية العمانية للسينما والمسرح أهمية هذه الفعالية نظراً للتاريخ الفني والسينمائي الذي تمتاز به سورية، مشيراً إلى أن إقامة مثل هذا الحدث تتيح فرصة جيدة للجمهور العماني لمشاهدة الأفلام الرائدة التي يقدمها صناع السينما في سورية، والتي تطرح قضايا مهمة للإنسان والمجتمع من خلال رؤية سينمائية مبدعة.

وقال: «سعداء بهذا الحراك الفني المشترك ونتطلع لتطوير هذا التعاون في المستقبل».

في مواجهة الحروب

في كلمته قال المخرج الكبير نجدة أنزور: يسعدني ويشرّفني أن أكون اليوم بينكم في سلطنة عُمان العريقة، وفي مدينة مسقط، هذه المدينة الجميلة التي يتعانق فيها الجبل مع البحر يحكيان قصصاً طويلة من التاريخ المُشرّف. هذه المدينة التي تفتح ذراعيها لتحتضن الخليج والمحيط تعلّمت عبر التاريخ كيف تحتضن حوار الحضارات وكيف تتقبل الآخر، فأصبحت منارة للتسامح والعيش المشترك، محافظة في الوقت نفسه على الهوية العمانية بخصوصيتها وتفردها.

وأضاف: في ظل الظروف الراهنة التي يمر فيها العالم بشكل عام، والدول العربية بشكل خاص، أكثر ما يتعرض للإيذاء والتشويه ومحاولات التفكيك هي هويتنا كشعوب عربية، وتاريخنا وإرثنا الحضاري. وأكثر ما نحتاجه في مواجهة هذه الحروب الهادفة إلى تمزيق هويتنا، وإلى تدمير تاريخنا، هو أن نعمل على توثيق إرثنا وجعله منيعاً من خلال جميع الوسائل المتاحة المكتوبة والمسموعة والمرئية. ولأن الصورة اليوم أصبحت أقوى من الكلمة وأوسع انتشاراً وأكثر تأثيراً، يجب أن نحرص على الإنتاج الوثائقي والدرامي والسينمائي.

وأضاف: هذا ما حاولنا فعله طوال سنوات الحرب القاسية التي عشناها في سورية على مدى عشر سنوات، وما زلنا نعيش تداعياتها حتى اليوم، وقد تستمر لسنوات قادمة. حيث حاولنا البقاء على قيد الإنتاج السينمائي رغم كل الظروف الصعبة على الصعيد العسكري والاقتصادي، لكي نصنع أفلاماً تكون جزءاً من ذاكرة سينمائية توثق وتؤرخ لما مر به الشعب السوري، والأرض السورية. وكم نتطلع إلى وجود العديد من المهرجانات السينمائية في الدول العربية، والمنتديات الثقافية، والمعارض الفنية التي تتيح الفرصة للتبادل والحوار الثقافي بين الشعوب العربية، فتقرّب المسافات وتزيد من أواصر الترابط وتُزيل سوء الفهم الذي تغذيه الماكينات الإعلامية الغربية.

وأكد أن سورية حضرت لتكون في ضيافة سلطنة عمان الكريمة والوفية التي لم تدّخر جهداً للوقوف مع سورية دولة وشعباً طوال سنوات الحرب العجاف، والتي لم تدخر جهداً في تقديم المساعدات والمبادرات للحفاظ على آثار سورية وإرثها التاريخي.

وتأمل أن تستضيف سورية في المستقبل القريب أسبوعاً سينمائياً عمانياً، يحكي قصصاً من تاريخ السلطنة المُشرّف، ويعرّف الشباب السوري بالشباب العماني الغني بالعلم والثقافة، المتمسك بعاداته وتقاليده المجيدة، المنفتح على الآخر بكل تسامحٍ وإنسانية.

دم النخل

وفي حديثه عن فيلمه «دم النخل» أكد أنزور أنه يتناول جزءاً صغيراً جداً من قصة الحرب التي دمرت الحجر وطحنت البشر، مستهدفة تدمير حضارة وتاريخ سورية. هذا الفيلم يروي جزءاً صغيراً من الهجوم الإرهابي الذي تكرر على مدينة تدمر العريقة، لمحوها عن الخريطة، فتنظيم الدولة الإسلامية عمل بشكل ممنهج على سرقة القطع الأثرية من تدمر والتي يزيد عمرها على أربعة آلاف سنة، والآثار التي لم يتمكن من سرقتها قام بتحطيمها وتشويهها. يتناول اللحظات الأخيرة من حياة عالم الآثار الجليل خالد الأسعد الذي قضى حياته كلّها بين آثار تدمر يدرسها ويكتب عنها ويحافظ عليها، وكان آخر من يقرأ ويكتب اللغة التدمرية. رفض أن يترك تدمر على الرغم من أنه كان يعلم أنه سيدفع حياته ثمناً لحبه وإخلاصه لها. كما يتناول قصة جنودٍ شجعان حاولوا الصمود حتى آخر قطرة دماء دفاعاً عن أرض سورية.

الأيام الأربعة

وشهد اليوم الأول حضوراً واسعاً من العمانيين وأبناء الجالية السورية في مسقط لمشاهدة فيلم «دم النخل» الذي يحكي قصة عالم الآثار السوري خالد الأسعد.

وعرض أمس فيلم الإفطار الأخير» الذي تدور قصته حول زوجين فرقهما الموت، وفي اليوم الثالث سيعرض فيلم «غيوم داكنة» الذي تدور أحداثه حول مصير شخص سوري عاش طويلاً في الغربة وقرر العودة للبلاد، على حين يما تختتم الفعالية في يومها الرابع بعرض فيلم «نجمة الصبح» الذي يتحدث عن مخطوفات سوريات تعرضن للتعذيب خلال سنوات الحرب الإرهابية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن