ثقافة وفن

ليالي الموشحات والقدود الحلبية «صنع بسحر» … القدود بعد اعتمادها من التراث الإنساني تعزز وجودها الجماهيري

| سارة سلامة

تحت عنوان «صنع بسحر» انطلقت فعاليات مهرجان ليالي الموشحات والقدود الحلبية في دورته الأولى، والذي تقيمه الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون على خشبة مسرح دار التربية في حلب، بحضور عدد من مغني القدود أمثال: عمر سرميني، ورنا معوض، وفارس أحمر بقيادة المايسترو معاذ قرقناوي.

وتضمن المهرجان باقة من الأغاني والموشحات الحلبية المؤلفة من ثلاثة مقامات، هي: النهاوند، والعجم، والصبا.

شارك سرميني بموشحات وقدود مقام الصبا أما الفنانة معوض فقدمت موشحات وقدوداً على مقام النهاوند، على حين قدم أحمر موشحات وقدوداً على مقام العجم.

وتضمن المهرجان في يومه الثاني وبمشاركة عدد من الفنانين في حلب مجموعة من الأغاني والموشحات الحلبية من أربعة مقامات، وهي البيات والسيكا والحجاز والرست.

وقدم الفنان عبود حلاق مجموعة من الموشحات والقدود من مقام البيات، وشارك الفنان مصطفى هلال بتقديم باقة من القدود والموشحات من مقام الرست.

البداية من حلب

وكشف مدير عام الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون حبيب سلمان في تصريح صحفي أن: «العمل سيستمر دائماً بإطلاق مهرجانات خاصة بالتراث اللامادي في كل محافظات سورية، والبداية من مدينة حلب لتكون حجر الأساس لهذا المشروع الوطني الإعلامي والتوثيقي الذي سيشمل كل الجغرافيا السورية».

وأضاف سلمان إن: «المهرجانات الفنية التالية ستكون تشاركية مع الفعاليات المجتمعية، ففي كل محافظة تراث يستحق مهرجاناً لصون التراث، وإن مهرجان الموشحات والقدود الحلبية هو الانطلاقة والملاقاة بعد تسجيلها في التراث الإنساني اللامادي بجهود وتنظيم السيدة الأولى والأمانة السورية للتنمية وشركاء الفن والإبداع في حلب لتكتمل دائرة الانتصار بعد أن تكسرت خناجر الأعداء في مدينة حلب».

توافد الشعراء

من جهته تحدث الباحث محمد قجة عن تاريخ مدينة حلب قائلاً: «القدود الحلبية لها تاريخ كبير في أعماق الزمن، فالحركة الموسيقية في حلب ليست وليدة اليوم بل تعود إلى ألفي عام قبل الميلاد عندما كانت عاصمة مملكة يمحاض العمورية وجد في القصر فرقة موسيقية للمناسبات الرسمية وهي ذاتها كانت تؤدي التراتيل الدينية في معبد قلعة حلب للإله حدد وعشتار، ونبعت أهمية الزوايا الصوفية آنذاك على حين احتكت الموشحات الحلبية مع الأندلسية في العصر المملوكي وهنا توافد شعراء كثيرون وتطور الموشح الأندلسي الذي سميناه الموشح الحلبي، حيث إن القدود الحلبية تمتد إلى نحو 500 عام وطورتها الزوايا الصوفية وعلى الأخص الزاوية الهلالية في حي الجلوم حيث مر بها كبار المطربين وتخرجوا فيها».

تاريخ عريق

القدود الحلبية من الفنون الموسيقية السورية الأصيلة التي اشتهرت بها مدينة حلب منذ القدم، وعرفت القدود منذ زمن القس السرياني مار أفرام 306 م الذي دعا الناس وعمل على ترغيبهم في الحضور إلى الكنيسة وإدراج الألحان الدينية التي تألفها الناس في طقوس يوم الأحد ومن ضمنها كانت انطلاقة القدود وكما هو معروف قدود القس مار أفرام في الكنيسة السريانية هي أقدم القدود في حلب.

عرف عن أهل حلب وسكانها زمان بعد زمان اهتمامهم بالموسيقا وفنونها فمنذ القدم كان لمدينة حلب شأن كبير بفنون الموسيقا واحتلت مساحة كبيرة من حياة أهلها، لذلك استحقت عن جدارة أن يطلق عليها عاصمة الموسيقا، وقد كان أهم كتاب في الغناء لمدينة حلب نصيب كبير منه وقدم إلى أميرها سيف الدولة وهو كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، كما أنجز الفيلسوف الفارابي كتابه الموسيقي الكبير في مدينة حلب، وعرف الكثير من الموسيقيين من الأساتذة الكبار في حلب وخرجت من حلب ألوان الموسيقا العربية.

وفي العصر الحديث كانت حلب مركزاً ومدينة اختبار وامتحان لكبار رواد الموسيقا والغناء في عالمنا العربي مثل بديعة مصابني، عبده الحامولي، سيد درويش، سيد السفطي، سلامة حجازي، محمد عبد الوهاب، كارم محمود، نور الهدى، سعاد محمد والكثير غيرهم من سورية ومصر. وأخذ الملحنون والموسيقيون من فنون حلب الكثير الكثير إضافة إلى أشهر المواويل والأغاني وأنواع الموسيقا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن