شؤون محلية

الخاصرة الضعيفة في مواجهة الكوليرا

| الحسكة - يونس خلف

ماذا يعني أن تشهد المشافي الخاصة والعيادات الطبية الخاصة في مدينة الحسكة تسجيل أعداد كبيرة من المصابين بحالات إسهال شديد مترافق مع عدد من الأعراض الأخرى. وماذا يعني عندما يؤكد مدير صحة الحسكة أن المدينة تحديداً لها وضعها الخاص بالنسبة للإنتانات المعوية وحالات الإسهال وذلك بسبب انقطاع مياه الشرب من مصدرها الوحيد والموثوق للمياه وهي محطة علوك. وكذلك ما معنى تأكيده أنه عندما تم إرسال عينات من الحالات إلى وزارة الصحة وعددها 23 حالة تبين أن 13 حالة مثبتة إيجابية بمرض الكوليرا؟

يبدو الأمر واضحاً للجميع أن الحسكة كانت على موعد مع كارثة بيئية منذ سنوات وتحديداً منذ 2019 عندما تمت السيطرة على محطة المياه في علوك وهي المصدر الوحيد الذي يغذي المدينة بمياه موثوقة. ومن الطبيعي عندما تظهر مؤشرات أولية لأي وباء في سورية فإن الخاصرة الضعيفة تكون الحسكة لأن استخدام المياه من مصادر غير موثوقة يتسبب بانتشار الأمراض المعوية والإسهالات والقصور الكلوي كما يؤكد ذلك الأطباء.

سكان مدينة الحسكة وريفها وبلدة تل تمر وقراها والريف الغربي للمدينة يعانون من انقطاع تام لمياه الشرب منذ شهرين تقريباً، ما جعلهم يعتمدون على مياه الصهاريج والخزانات الأمر الذي أدى لارتفاع خطورة تفشي المرض وبات خطر مرض الكوليرا يُهدّد السكان وسط ظهور أعراض على الكثير من المرضى وعدم وجود بدائل آمنة لمياه الشرب وسبق ذلك أنه ومع تفاقم أزمة المياه في الحسكة اضطر الكثير من السكان إلى حفر الآبار بالقرب من منازلهم بهدف استخدامها للاستعمالات المنزلية وتخفيف الأعباء المادية التي يدفعونها شهرياً؛ بهدف الحصول على المياه من الصهاريج، ورغم التأكيدات المتكررة من المراقبين والفنيين والأطباء بأن مياهاً من الآبار غير صالحة للشرب نظراً لاختلاطها مع مياه الصرف الصحي إلا أن واقع الحال فرض نفسه وكل الحلول المتاحة أحلاها مر.

أكثر من مرة أكد خبراء في مؤسسة المياه وعدد من الأطباء أن مياه الآبار ضمن مدينة الحسكة هي مُجرثمة وشوارد النترات والأمونيوم فيها عالية وأن هذه المواد مُسرطنة مما يُسبّب أمراض سرطانات وأمراض جلدية خطيرة والأمر لا يقتصر على الآبار فقط وإنما أي حل يلجأ إليه السكان لتجاوز المعاناة ومن الحلول البديلة شراء المياه من الصهاريج التي تنقل المياه من الآبار ومصادر أخرى إليهم دون خضوعها للمراقبة والتعقيم ومعظمها غير صالحة للشرب الأمر الذي تسبّب بانتشار أمراض عدّة بين سكان المدينة.

مدير الصحة بالحسكة الدكتور عيسى خلف أوضح أن مديرية الصحة دعت جميع المؤسسات المعنية ومنها المياه ومجلس المدينة والشؤون الاجتماعية والصحة المدرسية بوجود ممثلين عن منظمة الصحة العالمية ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري لوضع خطة تعاونية بين كل المؤسسات لتفادي حدوث إصابات أخرى نتيجة ظروف المدينة وأن المديرية اتخذت عدة قرارات مستعجلة باعتبار أن المياه تدخل عبر الصهاريج حيث تم تحديد المنافذ التي تدخل عبرها إلى المدينة وتشكيل فرق من مؤسسة المياه لكلورة المياه وتزويد سائق الصهريج بختم خاص بأن المياه المحملة في الصهريج مكلورة ومعقمة بالإضافة إلى الكشف الدوري للخزانات الكبيرة المنتشرة في الشوارع.

وبين أنه يتم العمل على مكافحة ومنع بيع الأطعمة المكشوفة والبائعين الجوالين والأغذية المكشوفة وتشديد الرقابة على المطاعم التي تقدم الوجبات الجاهزة وزيادة التوعية والتثقيف وزيادة التعقيم في دورات المياه في المدارس والمرافق العامة.

وأشار مدير الصحة إلى وجود جهود تبذل من السلطات المحلية في المحافظة لتأمين المياه الصالحة للشرب وهذه الإجراءات مهما كبرت لن تستطيع إيصال المياه الصالحة للشرب لكل منزل بسبب عدد السكان الكبير الذي يصل إلى أكثر من مليون مواطن بين سكان أصليين وسكان مهجرين من محافظات أخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن