قضايا وآراء

تعويض النهب

| مازن جبور

المطالبة بالتعويض لسورية من جراء الحرب، أمر محق، لكن تنفيذها يتطلب استفاقة القانون الدولي والقائمين عليه، للتعويض للدولة السورية عن الأضرار التي لحقت بها من جراء الحرب الإرهابية عليها، التي شنها الغرب برئاسة الولايات المتحدة الأميركية منذ ما يزيد على عقد من الزمان ولا تزال مستمرة، وكان المستهدف الرئيس فيها خيرات سورية الطبيعية من نفط وقمح وآثار، وقبل ذلك تدمير الدولة وبنيتها التحتية وتحويلها إلى دولة فاشلة للسيطرة على إرادتها السياسية، وإخراجها من المعادلة الإقليمية نهائياً.

التعويضات التي تطالب بها سورية، هي عبارة عن تعويضات تدفع بعد الحرب، وهي تهدف إلى تغطية الأضرار أو الإصابات التي لحقت بالدولة أثناء الحرب، إلا أن الأمر مختلف قليلاً في سورية، فتعويضات الحرب تتضمن أيضاً التعويض عن النهب الذي قام به المعتدون المحتلون مستخدمين أدواتهم من الإرهابيين والانفصاليين لتدمير البنية التحتية السورية وسرقة خيرات أرضها، بالتوازي مع سرقات النفط بقيم تجاوزت مليارات الدولارات، حيث حرم من تلك الطاقة المواطن السوري الذي كان بأمسّ الحاجة إليها.

هذا الملف الذي لم يغب عن ذهن الدولة السورية لحظة، إلا أن تجديد المطالبة به اليوم، يترافق مع البغي الأميركي في سرقة النفط السوري خلال الأسابيع القليلة الفائتة، تحت جنح الوجود الأميركي في المنطقة بذريعة دعم وحماية جهات انفصالية، إذ جددت وزارة الخارجية والمغتربين التأكيد على إلزامية سحب الولايات المتحدة الأميركية قواتها فوراً من الأراضي السورية، ووقف دعمها للإرهابيين والمرتزقة والميليشيات الانفصالية.

واعتبرت أن استمرار الولايات المتحدة الأميركية بسرقة النفط السوري عبر الحدود السورية- العراقية «يمثل قرصنةً ومحاولةً للعودة إلى عصور الاستعمار».

اعتاد الاستعمار القديم والحديث الممثل حالياً بالولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، على سرقة ثروات وخيرات الشعوب، ولا تزال الدول الإفريقية الفقيرة شاهدة على ذلك، واليوم من حق سورية المطالبة بتعويضات عن نفطها المسروق تحت جنح ظلام الحرب، وهو ما أكدت عليه دمشق من خلال احتفاظها بحقها في الحصول على تعويضات من الولايات المتحدة عن كل ما نهبته وسببته من خسائر لسورية من جراء ذلك.

يتطلب الحصول على تعويض لمصلحة سورية رفع دعاوى قضائية أمام المحاكم الدولية، علماً بأن تركيا قامت منذ عدة سنوات برفع دعوى قضائية في المحاكم الدولية بجنيف ضد الدولة السورية، مطالبة فيها بتعويض قيمته بحدود 100 مليون دولار أميركي عن الأضرار التي لحقت بمعمل «غوريش» التركي لصناعة الإسمنت في سورية، الموجود في محافظة دير الزور السورية، بذريعة أن الدولة السورية لم تقم بحماية المعمل الذي نهبه الإرهابيون، وخاض رجال القانون السوري مدعومين بشهادات باحثين عسكريين وسياسيين سوريين أعدوا تقارير عن الحرب على سورية وتطوراتها، مثبتين أن من سرق المعمل هم الإرهابيون المدعومون من النظام التركي، لتكسب بذلك دمشق تلك المعركة القضائية الدولية.

لسورية كل الحق في استخدام الوسائل المشروعة في الدفاع عن خيراتها المنهوبة وللمطالبة بطرد الاحتلال وإيقاف دعمه للإرهاب، وهذا يتطلب جهداً وعملاً منظماً.

تمتلك سورية نخبة مهمة من رجال القانون والسياسة والعسكرة، من باحثين ومفكرين قادرين على الدفاع عن حقوقها في كل المحافل الدولية، وبهذا يمثل تشكيل مراكز أبحاث ولجان قانونية خاصة بقضايا التعويضات السورية من جراء الحرب الإرهابية، حاجة سورية في الوقت الراهن، على اعتبار أن هذا الملف سيكون مطروقاً بشدة خلال المرحلة القادمة، قبل الخوض الفعلي والواسع في عملية إعادة الإعمار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن