سكان مناطق سيطرة «قسد» يخشون من خذلان واشنطن وملاقاة مصير تل أبيض ورأس العين
| حلب- خالد زنكلو
يتخوف سكان المناطق الواقعة تحت نفوذ ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» من خذلان الولايات المتحدة للميليشيات والانسحاب من تلك المناطق مستقبلاً لملاقاة مصير مدينتي تل أبيض ورأس العين، اللتين احتلهما النظام التركي قبل ثلاث سنوات وما زال يسعى إلى اغتصاب المزيد من الأراضي السورية.
وتسيطر «قسد» على أجزاء واسعة من محافظات دير الزور والرقة والحسكة وحلب، بما يشكل نحو 25 بالمئة من الجغرافيا السورية، وذلك بعد أن تراجعت مساحة هيمنتها عقب اغتصاب النظام التركي مدينتي تل أبيض شمال الرقة ورأس العين بريف الحسكة الشمالي الغربي خلال العدوان الذي شنه على الأراضي السورية تحت مسمى «نبع السلام» في 9 تشرين الثاني 2019 إثر انسحاب قواعد «التحالف الدولي» التي تقوده واشنطن بزعم محاربة الإرهاب من المنطقتين. وتدير الميليشيات مناطق نفوذها عبر ما يسمى «الإدارة الذاتية» الكردية، حيث تهيمن الأولى على الثانية.
«الوطن» استقصت آراء العديد من أهالي مناطق هيمنة «قسد»، الذين عبروا عن خشيتهم من تكرار سيناريو تل أبيض ورأس العين في مناطقهم في الذكرى الثالثة لاغتصابها أمس، على خلفية تهديد رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان نهاية أيار الماضي بغزوها وتكرار وعيده بين الحين والآخر في ظل تعنت «قسد» بتسليم المناطق للجيش العربي السوري وإعادتها إلى حكم الدولة السورية درءاً لأي عدوان.
وأعرب الأهالي عن قناعتهم بأنهم لا يثقون بالإدارات الأميركية، بغض النظر عن كونها تابعة للجمهوريين أو الديمقراطيين، لأنه لا يهمها سوى مصالحها، التي قد تقضي بانسحاب في أي وقت لقوات الاحتلال الأميركي من الأراضي السورية وتعريض حياتهم لخطر الاحتلال التركي، كما حدث في أفغانستان.
وأكدوا أن مظاهر الحياة تعطلت في معظم مناطق نفوذ «قسد» خلال الأشهر التي تلت تهديدات أردوغان باحتلالها وإصرار «قسد» على الاحتماء بالقوات الأميركية التي تنشر قواعد لها في هذه المناطق، من دون التوافق مع الحكومة السورية على حل يحفظ سيادة ووحدة الأراضي السورية، إضافة إلى تأثير عوامل اقتصادية أخرى كجفاف الأراضي الزراعية من جراء حبس النظام التركي جزءاً كبيراً من حصة سورية والعراق من المياه المتدفقة من نهر الفرات والتضخم والغلاء الحاصل للمواد الغذائية على خلفية الأزمة الأوكرانية.
وأوضح سكان من ريف حلب الشمالي أنهم يعيشون حالة من الفقر المدقع نتيجة نزوحهم المستمر بفعل القصف الهمجي والمتكرر من جيش الاحتلال التركي لقراهم وبلداتهم، التي غدت شبه خاوية مع هجر الأراضي والمواسم الزراعية.
وأشاروا إلى أن معظم السكان نزحوا في الآونة الأخيرة إلى مدينة تل رفعت، المزدحمة بالنازحين منذ احتلال منطقة عفرين من النظام التركي في آذار 2018، إضافة إلى محيط المدينة الذي لا يسلم هو الآخر من القصف.
وذكر محمد العثمان من سكان منبج أن معظم مستودعات المواد الغذائية والدوائية في المدينة فارغة، بسبب خوف التجار من تكديس بضاعتهم فيها ونهبها من الاحتلال التركي ومرتزقته في حال شنه عدواناً عليها، ولذلك ارتفعت أسعار السلع الأساسية وعانت الأسواق من شح توافرها على مدار الأسبوع منذ وعيد أردوغان باحتلالها.
ولا تختلف الحال في مدينة عين العرب الحدودية مع تركيا، لكنها تختلف عن غيرها من مناطق هيمنة «قسد» بأن معظم سكانها يعيشون تحت هاجس وكابوس الهجرة غير الشرعية الذي يدفعهم، وخصوصاً الشباب منهم إلى ركوب البحار والمخاطرة بحياتهم للوصول إلى شواطئ الدول الأوروبية طمعاً بحياة آمنة خشية من تنفيذ نظام أردوغان لوعيده باحتلال المنطقة، وذلك حسب إفادات الأهالي لـ «الوطن».
أما أهالي ناحيتي عين عيسى شمال الرقة وتل تمر بريف الحسكة الشمالي الغربي، فلا يزالون منذ أشهر تحت وطأة القصف العشوائي لجيش الاحتلال التركي ومرتزقته لقراهم وبلداتهم التي غدت أثراً بعد عين، واضطرتهم خسائرهم في الأرواح والممتلكات إلى النزوح نحو مناطق أكثر أمناً، ولاسيما في محيط مدينة الحسكة، الذي تعرض أكثر من مرة للقصف.
كما نزح سكان الشريط الحدودي مع تركيا من محافظة الحسكة بمناطق سكنهم بعد تكرار قصفها صاروخياً ومدفعياً من جيش الاحتلال التركي، الذي يواصل أيضاً الاعتداء على بلدة أبو راسين بريف شمال غرب الحسكة والقرى والبلدات الحدودية الواقعة بين القامشلي وعامودا.
في السياق ذاته، كشفت وثيقة صادرة عن رابطة «تآذر» للضحايا، التي تنشط في مناطق سيطرة «قسد»، أن عدد حالات الاعتقال في تلك المناطق من الاحتلال التركي وصل منذ احتلال تل أبيض ورأس العين وحتى أمس إلى 511 حالة اعتقال، بينها 68 امرأة و42 طفلاً.
ووثقت أيضاً 325 حالة تعذيب، 5 من الأشخاص قضوا تحت التعذيب وجرى نقل 92 محتجزاً إلى تركيا، حكم على 48 منهم بأحكام تراوح بين 13 عاماً والسجن المؤبد. وذكرت أن أكثر من 85 بالمئة من سكان رأس العين لم يعودوا إلى منازلهم عقب الغزو التركي، كما وطن النظام التركي ومرتزقته 2500 عائلة نازحة من مناطق سورية أخرى في منازل المدينة، على حين قدرت عدد المهجرين بـ450 ألف مهجر من عفرين ورأس العين وتل أبيض.