سورية

كيري إلى موسكو قريباً لتحريك الموقف الروسي.. واجتماع ثلاثي في جنيف غداً … لافروف يرفض «الربط المصطنع» بين تنحي الرئيس الأسد وتشكيل التحالف الموسع ويفيد بأن «دمشق مستعدة» للتعاون مع هذا التحالف إذا تلقت طلباً بذلك

| وكالات 

أعرب رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف عن جملة من المواقف مع تسارع التحضيرات الدولية لإطلاق العملية السياسية في سورية وتشكيل التحالف الدولي الموسع لضرب الإرهاب. وعلى حين اتفقت روسيا وأميركا على العودة إلى تكتيكهما السابق بعقد اجتماع ثلاثي روسي أميركي أممي من أجل بحث الأزمة السورية على مستوى الخبراء، أبقى الكرملين الباب مفتوحاً أمام عقد لقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الأميركي. وقرر جون كيري التوجه إلى موسكو، من أجل تحريك الموقف الروسي الرافض لعقد اجتماع «مجموعة الدعم الدولية بشأن سورية» الذي يسابق الوزير الأميركي الزمن لتنظيمه بعد ثمانية أيام في نيويورك. لافروف رفض بكل وضوح الربط المصطنع بين رحيل الرئيس بشار الأسد وتشكيل التحالف الموسع لمحاربة الإرهاب، واعتبر أن روسيا يمكن أن تكون «محوره»، وبيّن أن القضاء على تنظيم داعش «وبسرعة» في متناول اليد من خلال «توحيد قدرات سلاحي الجو الروسي والأميركي والتنسيق مع القوى البرية» التي تواجه التنظيم وبالأخص الجيش العربي السوري.
وكشف عن استعداد الحكومة السورية إقامة تعاون مع التحالف الدولي بقيادة واشنطن إذا تلقت طلباً بهذا الصدد، داعياً في المقابل إلى بحث ما تعمله أنقرة لتنفيذ المهام التي طلبها منها التحالف الدولي المناهض لداعش. وفي مقابلة مع وسائل إعلام إيطالية نشرت أمس، ونقلها موقع «روسيا اليوم»، قال لافروف: «إذا استمر طرح (رحيل الرئيس) الأسد بطريقة مصطنعة كعقبة على طريق تشكيل تحالف شامل لمكافحة الإرهاب، فلا مفر من اعتبار تصرف أولئك الذين يصرون على ذلك، كمساهمة غير مباشرة في الاحتفاظ بالظروف المواتية لتمدد داعش».
وأكد لافروف أن موقف الغرب من مسألة مصير الرئيس الأسد تعرض لبعض «التعديلات»، وقال: «لم تعد الدول الغربية تطالب باختفائه (الرئيس الأسد) فوراً، من دون أن تستبعد مشاركته في العملية السياسية الانتقالية، لكنها ما زالت تصر على تحديد موعد ما لرحيل (الرئيس) الأسد». وأعاد إلى الأذهان بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، «رد أكثر من مرة على هذه الفكرة»، وبيّن أن «روسيا تعتبر مثل هذه المقاربة مصطنعة ومتعارضة مع القانون الدولي والمبادئ الديمقراطية».
وأشار إلى وجود إمكانية لحل قضية داعش بسرعة، في حال توحيد قدرات سلاحي الجو الروسي والأميركي والشروع في إقامة تنسيق وثيق مع القوات البرية التي تواجه داعش على الأرض. وأعاد لافروف إلى الأذهان أن الأميركيين أنفسهم يقرون بضرورة انضمام الجيش العربي السوري إلى العملية البرية المشتركة لضرب داعش. وقال: «إنهم يقولون لنا: نعم، إننا مستعدون للتعاون مع الجيش العربي السوري لكن يجب الإطاحة بـ(الرئيس) الأسد وبالقادة الأساسيين في الجيش»، وشدد على أن هذه المقاربة لا تتسم بالطابع العسكري المهني بل لها بعد إيديولوجي. واعتبر لافروف أن تشكيل تحالف دولي واسع لضرب الإرهاب فكرة واقعية تماماً، كما تم تشكيل تحالف الأمم المتحدة لمواجهة النازية إبان الحرب العالمية الثانية، وأوضح أن روسيا يمكن أن تشكل محور هذا التحالف، علماً بأنها الدولة الأجنبية الوحيدة التي تعمل حالياً لمكافحة الإرهاب في سورية على أساس قانوني، في إشارة إلى موافقة الحكومة السورية على الجهود الروسية. وأفاد بأن دمشق ستكون مستعدة لإقامة تعاون مع التحالف الدولي بقيادة واشنطن في حال تلقيها طلباً بهذا الشأن.
ولم يستبعد أن تكون تركيا قد هدفت من وراء إسقاط قاذفة «سو 24» الروسية فوق الأراضي السورية إلى «نسف التسوية السياسية». وقال: «إننا لا نرى أي تفسير آخر باستثناء الرغبة في نسف جهود مكافحة الإرهاب، أو جعلها أقل فعالية، أو ربما لحمل روسيا على التخلي عن العمل في المجال الجوي السوري، أو حتى بغية نسف العملية السياسية التي بدأت تلوح في الأفق على أساس اتفاقات فيينا». ودعا إلى التدقيق بما تقوم به أنقرة «حقاً» لتنفيذ المهام الموكلة إليها من التحالف الدولي المناهض لداعش. وتساءل: «لماذا يستهدف القصف التركي بالدرجة الأولى ليس الإرهابيين بل الأكراد، الذين يعتبرهم الأميركيون حلفاء محتملين في مكافحة الإرهاب؟».
من باريس، قال كيري: إنه سيتوجه إلى موسكو الأسبوع المقبل لإجراء مباحثات مع بوتين ولافروف حول تسوية الأزمتين السورية والأوكرانية.
وعلى هامش محادثات المناخ، قال الوزير الأميركي، بحسب ما نقلت وكالة «رويترز»: «إذا تمكنا من ضم المصالح بالقدر الكافي لندرك أن هناك نتيجة إيجابية لنا كلنا إذا أنقذنا سورية وتوصلنا إلى تسوية سياسية… فهذا سيكون شيئاً رائعاً تماماً. ولهذا السبب سأذهب».
وإذ أكد، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية، أن روسيا لم تخف دعمها السياسي والعسكري للرئيس الأسد، رأى أن هناك نقاطاً مشتركة كافية للسير قدماً باتجاه عملية سلام. واعتبر أن موسكو أظهرت موقفاً بناءً في تسوية الأزمة السورية وساهمت في عقد مفاوضات فيينا. وأعرب عن قناعته بأن روسيا تسعى إلى إنجاح عملية التسوية السياسية في سورية.
وفي موسكو، أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أنه لا يستبعد أن يستقبل الرئيس الروسي كيري الأسبوع المقبل.
من جهة أخرى، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف قوله: إن روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة ستجري محادثات ثلاثية بشأن الأزمة السورية غداً الجمعة في عاصمة المنظمات الدولية مدينة جنيف السويسرية. وسيمثل الأمم المتحدة مبعوثها إلى سورية ستيفان دي ميستورا. وفعلت موسكو وواشنطن هذه الآلية في صيف عام 2013، لدى الإعداد من أجل عقد مؤتمر جنيف الثاني.
في غضون ذلك، أكد المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أن بلاده ترغب في أن يكون اجتماع مجموعة الدعم بشأن سورية في العاصمة النمساوية فيينا وليس في نيويورك، وذلك من أجل البعد عن «المناخ المحموم» في تلك المدينة.
ونقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، عن تشوركين، قوله في تصريحات للصحفيين: إن «عقد اجتماع بعد الآخر، دون تطبيق ما تم التوصل إليه بالفعل من اتفاقات قد يضر بعملية فيينا»، مذكراً بأن المهمة التي خرج بها اجتماع فيينا في 14 الشهر الماضي كان تنسيق قائمتين إحداهما تحدد التنظيمات الإرهابية والأخرى تضم أسماء شخصيات المعارضة التي ستجلس إلى طاولة الحوار مع الحكومة السورية وهو الأمر الذي لم يتم حتى الآن.
ولفت المسؤول الروسي إلى أن روسيا والولايات المتحدة تعملان معاً الآن على مسودة قرار لتجديد نظام العقوبات وعرقلة تمويا المجموعات الإرهابية، وأعرب عن يقينه: «بأننا سنكون قادرين على إنجازه في الثامن عشر من الشهر الجاري».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن