قضايا وآراء

مهمة مستحيلة وليس حدثاً مفصلياً

| باسمة حامد

تحاول وسائل الإعلام السعودية إضفاء طابع استثنائي على مؤتمر (المعارضة السورية) في الرياض وتروّج له على أساس أنه:»حدث مفصلي مهم سيغير مسار الأزمة في سورية ويتمخض عن نتائج ملموسة».
إلا أن مهمة:»توحيد المعارضات السورية والتوصل إلى كلمة واحدة وموقف مشترك» وإعداد قائمة موحدة بالتنظيمات الإرهابية من أجل تحقيق «تسوية مستدامة للأزمة في سورية» تبدو مستحيلة في مؤتمر الرياض بالنظر إلى العوامل التالية:
1- تجاوز المؤتمر لاتفاقات فيينا بشأن التسوية في سورية.. فنقطة الخلاف الجوهرية بين النظام السعودي والدول المعنية بالملف السوري تكمن في مصير الرئيس الأسد، فبينما يتشبث النظام السعودي وحليفاه القطري والتركي بهذا الشرط كأولوية لتعقيد الأوضاع في سورية، نجد أن معظم دول العالم تخلت عن «رحيله للبدء بعملية الانتقال السياسي» على خلفية المخاوف الأمنية المتزايدة وتقارير الاتحاد الأوروبي حول:»امتلاك داعش للخبرات والأسلحة (البيولوجية والكيميائية) التي تجعله قادراً على استخدام أسلحة دمار شامل في حربه ضد الغرب وقدرته على التجنيد المستمر لمئات المقاتلين الأجانب بمن فيهم خبراء في الفيزياء والكيمياء وعلوم الكمبيوتر، والذين يعتقد أن لديهم القدرة على تصنيع الأسلحة الفتاكة من المواد الخام». «.. والجميع بمن فيهم فرنسا يريد الآن الحسم مع «داعش» (والتوجه الفرنسي لا يروق لتركيا) وللإشارة كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد دعا الشهر الماضي كلاً من الإمارات والسعودية إلى:»تشجيع المعارضة للموافقة على التفاوض، لأن ذلك سيساهم في عزل داعش»، وهذا الأمر ينسجم مع الموقف الروسي وبعض التيارات المعارضة فالشرعية «مسألة مغلقة ومصير الرئيس يحدده الشعب السوري».
2- التجاذبات والخلافات الكبيرة التي تعصف بالمعارضات بسبب صراعات داخلية على النفوذ والمصالح فيما بينها.. وما عمق تلك الخلافات فتح الدولة السورية لباب المصالحات والتسويات على مصراعيه.
3- الانتقائية الواضحة في دعوة المشاركين حيث تم تجاهل البعض أو تم تمثيلهم شكلياً.. واستبعاد لأطياف مقربة من القاهرة أو لقوى فاعلة على الأرض كالمكون الكردي الذي يتعاون مع الجيش العربي السوري ضد «داعش».. والهدف من تغييب المعارضة الوطنية الحقيقية – باعتقاد السعوديين- هو:تسهيل «عملية التخلص من الرئيس الأسد وإخراجه من السلطة» ومحاولة تعطيل الإنجازات الميدانية المتسارعة التي يحققها التحالف الرباعي في سورية إثر انكماش الجماعات الإرهابية وبدء هروبها إلى الخارج، وتعويم أطراف على حساب أطراف أخرى وتلميع صورة الفصائل المسلحة وحصر تهمة الإرهاب بتنظيم «داعش» فقط.. وبالمحصلة من الواضح أن السعوديين التفوا على مطلب الوزير لافروف بخصوص «ضمان أوسع تشكيل للمعارضة لمساعدة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا».. ما دفع البعض بإعلان رفضه المسبق لنتائج المؤتمر الذي قال عنه الرئيس الأسد لصحيفة /الصنداي تايمز/ البريطانية مؤخراً أنه:»لن يغير شيئاً على الأرض.. قبل الاجتماع وبعده تقدم السعودية الدعم للإرهابيين وستستمر في تقديمه.. لا يشكل ذلك حدثاً مفصلياً تمكن مناقشته.. إذ إنه لن يغير شيئاً في الواقع».
4- استضافة الرياض لقوى إرهابية على أراضيها بحجة: «توحيد المعارضة المعتدلة» للتفاوض المحتمل مستقبلاً مع الحكومة السورية تحت رعاية دولية استرضاء للأتراك والقطريين يعمق مآزقها الداخلية والخارجية ويجعلها تسبح بعكس تيار التوافق الدولي وجهوده الرامية للسلام، ويحملها مسؤولية دعم الإرهاب والتطرف بشكل مباشر كونها تستند إلى إيديولوجية ظلامية منحرفة وتتبنى «سياسات استبدادية مضطربة وسلوكاً غير متوازن» كما وصفتها صحيفة /الفاينانشيال تايمز/ البريطانية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن