ثقافة وفن

الفنان القدير أسعد فضة.. مكرماً في ملتقى الإبداع … أنا ضد منصات التواصل الاجتماعي وهي لا تقارن بالمسرح أو السينما اللذين يشكلان هويتنا

| مايا سلامي - تصوير: طارق السعدوني

إنه المسرحي القدير الذي أعطى حياته للمسرح إخراجاً وتمثيلاً وإبداعاً منذ تخرجه في القاهرة، وأسهم إسهاماً كبيراً في المسرح السوري في الستينيات والسبعينيات، وأخذ دوراً رائداً في مهرجان دمشق المسرحي الذي كان من أهم مهرجانات المسرح العربي، ومع السينما كان أحد أركانها ونجومها، وفي التلفزيون كان علّامة الدراما السورية من «عز الدين القسام» إلى «الجوارح» و«أبو كامل» وسواها الكثير.. ولا شك أن بصماته الخاصة في المعهد العالي للفنون المسرحية لا تزال حتى اليوم شاهدة على حضوره المميز بين الأساتذة والطلبة.

إنه النجم الكبير عمراً وقدراً وخبرة أسعد فضة الذي حل ضيفاً على «ملتقى الإبداع» الذي يقيمه المعهد العالي للفنون المسرحية بشكل دوري، حيث التقى الطلاب بمختلف اختصاصاتهم وسنوات دراساتهم في جلسة أدارها الناقد سعد القاسم.

وتضمن الملتقى عرض فيديو بانورامي قصير استعرض أهم الأعمال المسرحية والسينمائية والتلفزيونية التي قدمها منذ انطلاقة مسيرته الفنية، لينتهي اللقاء بتكريمه وتقديم درع المعهد العالي للفنون المسرحية.

توصيات خاصة

وفي بداية اللقاء أعطى فضة توصيات خاصة لطلاب المعهد العالي للفنون المسرحية قائلاً: «عندي وصية لكل طالب أن يمتلك سواء مازال في المعهد أم بعد التخرج مشروعاً خاصاً فيه ضمن المشروع الثقافي الموجود في البلد، لأن أي فنان من دون مشروع من الصعب أن يهتدي إلى الطريق الصحيح، لذلك يبقى مشروعه بالأهداف التي يحددها هو الذي يقوده إلى سلامة الطريق، فمن خلال تجربة من سبقوكم من لم يمتلك مشروعاً خاصاً قدم خدماته فقط ومر مرور الكرام أما الذين تبنوا أهدافهم حققوا الكثير من الأشياء الرائعة».

وأضاف فضة: إنه «عندما أنهيت أنا وزملائي دراستنا في القاهرة وعدنا كنا نحمل الهموم والمشاريع نفسها في بناء مسرح في البلد وبنية تحتية للمسرح واستطعنا أن ننجز الكثير من الأشياء الجميلة والمميزة، في البدايات كان هناك صعوبات كثيرة غير موجودة حالياً وطريقكم الآن معبد وعليكم فقط أن تسيروا بمشروعكم الذي سينير عليكم الدرب ومن دونه لن يكون عندكم قضية لتدافعوا عنها وسيكون عليكم الدفاع فقط عن أماكنكم في الإذاعة والتلفزيون والمسرح».

وبيّن فضة أن «عملي في المسرح له بعدين بعد فني وبعد إداري وهذا ما أدى إلى بعض الصعوبات التي وجب تذليلها، على سبيل المثال فرقة المسرح القومي كان فيها عناصر متعلمة وأكاديمية وعناصر غير متعلمة تعمل بالخبرة والموهبة وهذا ما سبَّب نوعاً من التنمر بين المتعلمين وأصحاب الموهبة وكان يتوجب علي حل هذه القضية لكوني مديراً للمسرح».

وبالحديث عن المهرجانات العربية كشف فضة أنه «كان هناك أناس في مصر همومهم لامست همومي وشخص اسمه سعد الدين وهبة رئيس النقابات الفنية بمصر واقترحت عليه أن نقدم شيئاً للعرب فبدأنا باتحاد المسرحيين وكان عندي هاجس وهوس بأن يخرج من مهرجان دمشق المسرحي بكل دورة فعالية ما لمصلحة المسرح العربي، حيث خرج وزير الثقافة بمصر بفكرة مهرجان المسرح التجريبي وأنا اقترحته على الأستاذ سعد اللـه ونوس ليكون بإدارته واتفقنا أن نفتتحه بنص «يوميات مجنون» واخترت زميلي فواز الساجر لإخراجه وكان أول مونودراما في الوطن العربي».

المؤتمر الصحفي

وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد حواره مع الطلاب قال فضة: إن «مواقع التواصل الاجتماعي لا تقارن بالمسرح والسينما اللذين يشكلان بعداً أساسياً لهويتنا الوطنية، وأنا شخصياً ضد منصاتها وطروحاتها ولا أؤمن فيها لأنها بصريح العبارة «فلتانة»، وفي الدراما السورية ليس هناك تأليه لنجم أو فنان معين بدول أخرى موجود حيث يأخذون نجماً واحداً إلى جانبه ممثلون درجة رابعة أو خامسة وهذا يؤثر على العمل لأن ذلك الفنان أو النجم يأخذ كل الميزانية وهذه الظاهرة غير موجودة هنا».

وفي رده على الانتقادات التي وجهت لفيلمي «قمران وزيتونه» و«رسائل شفهية» بأنهم أساؤوا لبعض فئات المجتمع السوري قال فضة: «جهلة بكل معنى الكلمة وأنا كنت واحداً من تلاميذ مدرسة «قمران وزيتونة» وعشت في هذه البيئة، ومن يقول هذا الكلام لا يعرف حركة المجتمع السوري في الريف والمدينة والتي قدمناها بصورة صادقة تماماً في هذه الأفلام».

وعن رأيه في الدراما العربية المشتركة قال: «بالنسبة لي شاركت بعمل واحد «الطارق» ولا مشكلة فيها إلا عندما تأخذ طابع التجارة بعيداً عن القيمة الفنية، لكن لا أعرف كيف يمكن للكاتب أن يجمع الممثلين من عدة أقطار عربية ليؤلف قصة، ولمن سوف يتوجه لجمهور أي بلد فليس هناك ما يسمى بعمل موجه لكل العرب».

الأستاذ المعلم

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» قال عميد المعهد العالي للفنون المسرحية الدكتور تامر العربيد: «الفنان أسعد فضة قامة كبيرة وأستاذ معلم وهو أحد الذين ساهموا بتأسيس هذه المؤسسة الإبداعية المهمة، لذلك استضافته اليوم أمر مهم يشعرنا بكبر قيمة الأستاذ أسعد وتجربته ومسيرته الطويلة أكاديمياً ومسرحياً فهي بمثابة دروس وقدوة لطلابنا».

وأضاف: «نحن اليوم في المعهد نبدأ عامنا الدراسي بحدث أعتقد أنه يضيف لنا الكثير ويشكل نقلة فيما نقدمه لطلبتنا ليستزيدوا بتعلمهم وليتعرفوا على تجربة هذا الفنان الكبير والأستاذ المعلم».

إضاءة على مسيرته

أسعد فضة ممثل ومخرج سوري من مواليد اللاذقية عام 1938. بدأ رحلته الفنية في الستينيات انطلاقاً من الإخراج إلى التمثيل، حيث تخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة عام 1962، وأخرج العديد من العروض المسرحية، أشهرها: «الإخوة كرامازوف»، «الغريب»، «سهرة مع أبي خليل القباني»، «حرم سعادة الوزير» «دون جوان»، «التنين»،.. وغيرها الكثير.

وفي السبعينيات انتقل إلى التمثيل في الدراما التلفزيونية والسينما وتنوعت أعماله بين التاريخية والاجتماعية المعاصرة وأعمال البيئة الشامية والساحلية، ومن المسلسلات التي شارك في بطولتها: «بلقيس ملكة سبأ»، «الوصية»، «الرحيل إلى الوجه الآخر»، «العبابيد»، «نزار قباني»…، ومن أفلامه: «ليالي ابن آوى» الذي نال عنه جائزة أفضل ممثل في مهرجان دمشق السينمائي، وفيلم «رسائل شفهية»، و«قمران وزيتونة».

كما شغل أسعد فضة عدة مناصب حيث كان مديراً للمسرح القومي عام 1967، وفي العام 1968 ترأس المركز الدولي للمسرح في سورية، وأصبح نقيباً للفنانين السوريين لفترتين متتاليتين مدة كل منهما 4 سنوات. وتقلد منصب مدير المسارح والموسيقى التابعة لوزارة الثقافة وتبوأ منصب المدير لأهم ثلاثة مهرجانات سنوية في سورية هي «مهرجان المحبة» في اللاذقية، «مهرجان بصرى الدولي» في درعا، ومهرجان «دمشق المسرحي». كما تم تكريمه عام 2006 بإطلاق اسمه على صالة «المسرح القومي» في اللاذقية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن