رياضة

أهمية اللياقة البدنية في الحياة

| قصي الماضي

لقد أصبح لزاماً على الإنسان في عصرنا هذا أن يبذل جهداً مضاعفاً لاكتساب اللياقة البدنية، ففي الماضي كان الإنسان يحصل على اللياقة البدنية من خلال الممارسات الطبيعية لمناشط الحياة.

أما الآن وبعد التقدم الهائل للوسائل التقنية، فإن الآلة أصبحت تقوم بمعظم الأعمال التي كان الإنسان يبذل جهداً بدنياً لإنجازها فتحولت العضلات القوية إلى عضلات ليّنة ضعيفة، وأصبح الإنسان سريع الإجهاد والتعب، وأصبح امتلاكه قواماً ممشوقاً خالياً من التشوهات يعد مطلباً عسيراً لكثير من الشباب، وكانت نتيجة ذلك انتشار الانحرافات القوامية وقلّة مقاومة الأجسام للأمراض، وزادت الطراوة والليونة بين النشء، وأصبح الإنسان يبذل الكثير من الجهد لمواصلة عمله اليومي، فكثرت الإجازات المرضية وترك الكثيرون من الناس الأعمال الميدانية المتعبة إلى الأعمال المكتبية طلباً للراحة وهروباً من جهد العمل الذي لم يعد مقنعاً بكفاءتهم البدنية، وتحول الإنسان من الممارسة إلى المشاهدة فزادت البدانة وترهلت الأجسام بكل ما تحمله معها من أمراض أودت بالكثير من الأرواح.

وخلاصة القول أن الإنسان إذا فقد لياقته البدنية يعتبر قد فقد أهم مقومات الصحة والسعادة، وعليه في هذه الحالة أن يبذل جهداً لاكتسابها حتى يستطيع أن يؤدي دوره في المجتمع، وحتى يستطيع أن يستمتع بحياته الخاصة، وحتى يكتسب الصحة التي تعتبر الهدف الأول للإنسان لما لها من أهمية قصوى في العيش بالسعادة والبهجة، فالحياة تقاس باستمتاع الإنسان بها وليس بطولها، والطريقة التي عاش بها، فليست المسألة «كم»، بل المسألة «كيف».

وإن لياقة الشخص هي مقدرته على ممارسة عمله كما يجب، وأن يمتلك قدراً كافياً من التوافق والقوة والحيوية لمقابلة الطوارئ ومطالب الحياة اليومية، واتزاناً انفعالياً لمقابلة ضغط الحياة الحديثة، ويملك وعياً اجتماعياً وقدرة على التكيف لمطالب الحياة الانفعالية، وبصيرة ومعرفة ليتمكن من اتخاذ القرارات المناسبة والوصول إلى حلول عملية للمشكلات، وإن الاتجاهات والقيم والمهارات لديه تحثه على الاشتراك بشكل مرضٍ لألوان النشاط اليومي، كما أنه يتمتع بصفات روحية ومعنوية تؤهله للحياة في مجتمع ديمقراطي.

ولابد من الإشارة إلى أن اللياقة البدنية هي تلك الصفة المكتسبة التي تجعل الفرد قادراً على العمل بأقصى حدود طاقته الجسيمة، وأن يبذل أقصى إمكاناته وقدراته العقلية بروح معنوية عالية، وأن يؤمن بواجباته نحو الأسرة والجار وأهل الحي والمحافظة والوطن كله.

مما سبق يتضح أن اللياقة البدنية تهدف إلى إعداد الفرد بدنياً للقيام بدوره في الحياة، وقد اعتنى قدماء المصريين بأجسادهم، وأن تاريخ الألعاب الرياضية عند الفراعنة يؤكد ما كان يتمتع به الفرد في هذه الحقبة التاريخية من لياقة بدنية.

ولدى تصفح كتابات أرسطو وجدت تركيزه على اكتساب اللياقة البدنية من خلال الرياضة، كما أن الإسلام عُني بالتدريب البدني لاكتساب الفرد القوة والمناعة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حث المسلمين على ممارسة التدريب البدني ليعدهم للجهاد، ولابد من ملاحظة أن لياقة الشخص تتوقف على إمكاناته في ضوء تركيبه الجسماني، وأن لكل فرد مقداراً معيناً من اللياقة البدنية يختلف عن الآخرين، فكل فرد يحتاج إلى قدر من اللياقة البدنية يتماشى مع طبيعة عمله الذي يزاوله.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن