ثقافة وفن

في افتتاح معرضه الفردي «الناجي» … أحمد الروماني لـ«الوطن»: الفن دفتر للمذكرات والأفكار

| مايا سلامي- تصوير: مصطفى سالم

بمناسبة احتفالية أيام الفن التشكيلي السوري، افتتح الفنان أحمد الروماني يوم أمس معرضه الفردي «الناجي» في غاليري «جوليا آرت» بدمشق.

وتميز المعرض بروحه الواحدة التي جمعت بين 26 عملاً شكلت بتقنية البرونز وعكست بمجملها الحالات النفسية المختلفة التي يمر بها كل شخص بعد تعرضه لفقدان الأشخاص أو الفقر والتي تجعله منفصلاً عن واقعه غارقاً في أحلامه.

فأبدع الفنان بتصوير كل ما تلقاه من الواقع من أفكار وفلسفات بجملة من المنحوتات الفريدة والمميزة التي أطلق لها العنان بمخيلته لتقدم بأسلوب مبتكر وعصري جمع فيه ما بين المسرح والنحت.

الكوميديا السوداء

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» بين الفنان أحمد الروماني أنه أطلق على هذا المعرض عنوان «الناجي» لأننا اليوم نمر بمرحلة رواسب للحرب التي عشناها وكان لها تأثيرات في الأشخاص ودور في خلق الاضطرابات النفسية كالغربة عن الواقع التي يشعر فيها الشخص بأنه منفصل عن جسده فيرى العالم حوله كحلم أو جزء من فيلم، كما أن فكرة المعرض ليست مرتبطة فقط بالجانب السياسي والحروب فلها علاقة أيضاً بالقضايا العالمية مثل الفقدان والصراعات وتردي الأوضاع الاقتصادية فكلها لها آثارها في الأشخاص.

وعن تصويره لهذه الحالات بشخصية بدينة أوضح أنه «عند الحديث عن الفقر دائماً ما نذهب إلى حالة النحالة الشديدة، لكن أنا اليوم أجسد حالة شخص كان في مرحلة الرخاء وفجأة وصل إلى مرحلة الفقر وأردت التعبير عن ذلك بفلسفتي الخاصة، فحافظت على الفترة الزمنية الماضية لأرصد معاناته الحالية، والتناقض ما بين السمنة والملعقة له علاقة بالكوميديا السوداء».

وأكد أن أي فنان في أعماله بعض الأشياء التي عاشها والتجارب التي مر بها فهناك انعكاسات يتلقاها من الواقع والظروف التي تحيط به تجعله يتجه نحو موضوع معين ليدرسه ويبحث فيه حتى يصل إلى فكرة يربط من خلالها بين هذا الموضوع والفن الخاص به.

وأضاف: «أنا أعبر عن الفكرة التي أريد إيصالها وأترك مساحة للمتلقي ليكوّن قصة ترتبط بالذاكرة البصرية الخاص فيه أو أحداثاً مر بها ومن الممكن أن يبني هو الحدث الذي يريده في مخيلته، فله كامل الحرية بذلك فأنا أرى الفن دفتراً للمذكرات وللأفكار والنحت وسيلة لإيصالها للآخرين».

وتابع: «أعمالي لا تصنف بإطار أو مدرسة واحدة فهناك احتمال أن أجمع بين عدة مدارس في عمل واحد وكلّ ينسبه بحسب وجهة نظره لذلك، كما أن دراستي للماجستير في الصين كان لها بعض التأثيرات إلا أنني حافظت على أسلوبي وطبيعة عملي بالمؤثرات الخاصة ومن خلال الدمج بين كل ما تلقيته توصلت إلى هذه المرحلة».

طروحات خاصة

وأشار الدكتور سمير رحمة إلى أن تجربة أحمد بالنحت مميزة ولافتة للنظر ولديه طروحات خاصة جداً نابعة من داخله وتقنيته عالية جداً بمادة البرونز، واستخدم شخصاً واحداً ليعبر عنه في عدة حالات تعكس ظروفه النفسية.

وكشف أن في هذا المعرض وحدة أعمال فهو يطرح فكرة معينة بمجموعة من الأعمال ويركز على محور محدد وهذا يعطي زخماً لفكرة المعرض والنحات على عكس التنوع الكبير الذي يشتت الذهن والمتلقي.

خياله الحر

كما قال الناقد سعد القاسم: «أعرف أحمد منذ أن دخل إلى المعهد المسرحي وكنت بلجنة قبوله ومنذ عامه الأول كان شاباً متميزاً وإمكانياته عالية جداً بالرسم وخياله حر وجامح من دون أي حد أو قيد، وتخرج بالكفاءة ذاتها وسافر إلى الصين وأنا اليوم شاهدت التأثيرات الصينية في أعماله التي دمجها مع الحالة السورية والأوضاع الاقتصادية الصعبة والجوع من خلال استخدامه لرموز الطعام كالملعقة والشوكة».

وأضاف: «في الوقت نفسه هناك الكثير من الدراما في أعماله ونوع من السخرية والكاريكاتور بالنحت، واللافت للنظر في هذه الأعمال خياله الحر فيها والنحت الواضح لتشاهد العمل من كل جوانبه وهذا فيه براعة بالتنفيذ فهو يتعامل مع مادة البرونز الصعبة والقاسية لذلك كان هذا المعرض استثنائياً ومختلفاً».

متخصص بالنحت

أما النحاتة أمل الزيات فبينت أن «الأعمال كلها جميلة تعبر عن شخصية واحدة وما لفت نظري البورتريهات وتعابير الوجه المميزة التي تضمنتها، إضافة إلى المادة القيمة التي استخدمها في النحت».

وأوضحت أن أهم ما يميز هذا المعرض أنه متخصص بالنحت فقط فدائماً ما يكون هناك معارض مشتركة تجمع بين التصوير والخزف والبرونز، أما معرض متفرد فقط بالنحت فهو قليل جداً ونحن بحاجة إلى مثل هذه المعارض المتخصصة التي تسلط الضوء على هذا الفن.

بروفايل

الفنان أحمد الروماني من مواليد دمشق 1983 حاصل على إجازة في الفنون المسرحية قسم التصميم المسرحي وماجستير من أكاديمية الفنون المركزية في بكين. عمل كأستاذ محاضر في المعهد العالي للفنون المسرحية للأعوام 2013، 2018، 2019، 2020. وله العديد من المشاركات أبرزها مهرجان الطفل العالمي للفنون في بكين، وتصميم ونحت الأقنعة لعرض الشوارع الخلفية في القاهرة مع فرقة فليب جانتي، تصميم أقنعة وسينوغرافيا لعرض «عواء الكلاب» و«مسألة واجب» للمخرج الألماني رايموند روزايروس، وتصميم ونحت اكسسوار أوبرا تانهوز للمؤلف الموسيقي فاغنر في المركز الوطني للفنون المسرحية في بكين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن