ثقافة وفن

«وجوه ومدينة».. مجسمات من الحضارة السورية القديمة تستعيد حياتها … وزيرة الثقافة لـ«الوطن»: فنان باحث في التاريخ والفكر والشعر ويجسد ذلك في لوحته

| سارة سلامة- تصوير: مصطفى سالم

ضمن فعاليات «أيام الفن التشكيلي السوري» يقدم الفنان التشكيلي نبيل السمان معرضه في غاليري زوايا بدمشق، يخط من خلال ريشته تاريخ سورية في عرض قدم خلاله أبرز الشخصيات السورية العريقة نراها اليوم كمنحوتات عمل السمان على إعادة الحياة إليها.

كباحث تاريخي يقص حكاية طويلة عن بلده وتعاقب الحضارات التي مرت فيها يركز على دور النساء في تلك الحقب حيث كان دوراً بارزاً، يروي سوريته بتفاصيل يعشقها يخلدها اليوم بذاكرة محفوفة بالتجربة والاستكشاف.

يأخذنا في معرضه إلى حالة الغلو الذهني والتفكير العميق في تاريخنا المتعاقب بكل الأزمان والعصور يبرهن جمالية سورية ويعطينا شغف الافتخار بكوننا سوريين حقاً.

ألوان لافتة استخدمها تندمج مع العناصر كلها وأعطى كل لوحة هالة ترمز إلى القدسية والنورانية هي وجوه نيرة تحمل الخير لطالما يركز عليها السمان مبتعداً عن الوجوه الشريرة.

يعمل مطولاً عبر مشواره على التركيز على الحقب التاريخية السورية واليوم يركز على الوجوه لينبه حقاً إلى ضرورة ترميم القطع التاريخية، ويعتبر السمان أن استرداد التاريخ السوري أمر مهم لإزالة اللغط حول رموزٍ تاريخية يسميها الناس خطأً بالرومانية أو اليونانية، على حين هي سوريةٌ بُنيت في العصر الروماني أو اليوناني.

هو شخص باحث

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» عبرت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح عن رأيها في المعرض قائلة إن: «الفنان نبيل السمان متمسك بالأرض والإنسان ويزاوج بينهما، وهو باحث متمكن في التاريخ السوري القديم وفي منجزات سورية الحضارية».

وأضافت مشوح: إن «اللوحة كما قرأتها هي عبارة عن مجموعة طبقات زمانية ومكانية وطبقات من الشخصيات العميقة الأثر في التاريخ التي تأخذ موقع مركزي ومحوري في اللوحة تحيط فيها كل العناصر الحداثية التي تستمد قوتها ووجودها من عظمة هذه الشخصية وحضورها الطاغي، كما أن الخلفية دائما ما تكون معمارية للدلالة على المكان، فهي تختزل، اللوحة، التاريخ الزمان المكان الشخصيات الأحداث والأسطورة بأسلوب فني وتقنية عالية مركبة جداً تجمع الأصالة مع الحداثة».

مقاربة اشتغل عليها

من جهته بين الفنان التشكيلي نبيل السمان أنه: «لدي مشروع أعمل عليه منذ فترة وهو يضيء على الأزمان المختلفة، وسبق أن اشتغلت على الأساطير والحكاية السورية قبل الميلاد، أما الآن فأصبحت بعصر آخر وبعنوان «وجه ومدينة»، الوجه هو مجموعة وجوه لناس مروا من نساء ورجال، والنساء أكثر لأنني أعتبر المرأة هي أساسية في المجتمع وخاصة في المجتمعات القديمة، رغم ذلك نرى في كل لوحة عدة أزمنة ومدينة في الأفق، لأن سورية هي طبقات حضارية، وأركز على أن السوريين هم من بنوا المدن القديمة وهم الذين بنوا الحضارة بدليل أن أبولودوروس الدمشقي الموجود في واحدة من لوحاتي ذهب إلى روما وبنى جزءاً منها أيام الإمبراطور تراجان حيث بنى عمود تراجان وسوقاً مهماً وجسراً وسجلت باسمه براءات اختراع».

وبين السمان أنه: «كان لدينا فترة ازدهار من الآراميين ومدن بنيت بقى فيها شيء اسمه ممالك المدن لم يكن هناك توحيد للمنطقة، وربما في أيام موت اسكندر سلوقس «نيكاتور» القائد العسكري كان مسؤولاً عن سورية الطبيعية أي الهلال الخصيب وأسس أنطاكية وأفاميا ولاوديسا وعمل مدناً مزدهرة هذه كلها تحمل عمارة وفسيفساء وتماثيل الآن أعيد أنا في معرضي هذا إحياءها من جديد وأحاول أن أعمل من التمثال لحماً ودماً واللون هو من يأخذنا إلى لوحة معاصرة وحديثة».

وكشف السمان أن: «هناك اشتقاقات لونية رغم كل الذي قدم سابقاً بتاريخ الفن إلى اليوم هناك إمكانية أن نسبر هذا السطح كتكنيك أو بالألوان والإضاءات حول الأشخاص الذين يشبهوا الهالات الموجودة في الأيقونات وهي تعبر عن الشيء النوراني والقدسي، لأن الناس الذين أرسمهم هم ناس طيبون وليسوا ناساً أشراراً عادة، وفي كل المدن القديمة كان هناك ناس يضجون بالحياة وهناك منجزات بالفن والعمارة والموسيقا، سورية تحمل تنوعاً كبيراً ويجب علينا أن نقدم قراءة للتاريخ بوجهات نظر غير توثيقية، ونقدم لوحة فيها حداثة والحداثة تكون في اللون هذه المقاربة التي أشتغل عليها».

يذكر أن الفنان نبيل السمان من مواليد دمشق 1957 تخرج في كلية الفنون الجميلة قسم التصميم الداخلي ديكور عام 1981، شارك في عدد كبير من المعارض الفردية والجماعية وورش العمل، وأعماله مقتناة في العديد من الأماكن الشهيرة، منها وزارة الثقافة، ومتحف دمشق الوطني، ومتحف الشارقة، وضمن مقتنيات خاصة، ولدى العديد من المؤسسات الثقافية السورية والعربية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن