رسائل أميركية بصوت البغدادي!!
باسمة حامد
لم يكن ظهور التسجيل الصوتي الجديد لزعيم تنظيم «داعش» الإرهابي مصادفة، فظهوره برسائل قتل وتهديد للشرق والغرب يؤكد أن دوره الوظيفي لم ينته بعد.
واللافت في هذا الإطار، أن واشنطن وهي تسعى للتعتيم على هزائم إرهابييها في القلمون (الجيش والمقاومة حققا انتصاراً ميدانياً كبيراً جداً باستعادتهما مساحة 300 كم2 من الأراضي اللبنانية والسورية من قبضة المسلحين.. بعملية نظيفة وخاطفة نتج عنها «توفير نسبة عالية من الأمان في بعض المناطق السورية واللبنانية» وتناولها الإعلام «الإسرائيلي» تحت عنوان:إنجازات للأسد ولحزب اللـه)، أمرت رمز المشروع التكفيري وساعي بريدها (أبو بكر البغدادي) في مرحلة دقيقة وصل فيها صراع المحاور إلى نقطة فاصلة للظهور مجدداً لنفي شائعات مقتله ولتوجيه تهديدات لا تستثني أحداً باعتبار أن «المعركة الآن حاسمة» على حد تعبيره.
وما يصب حتماً في خدمة السياسة الأميركية ويشرع لها الباب للتدخل عسكرياً في الدول الأخرى تحت عناوين مختلفة من قبيل: الحفاظ على أمن شركائها الخليجيين، أو محاربة الإرهاب.. أن (البغدادي) بالتزامن مع توجه عناصره نحو مدينة تدمر الأثرية و«البلطجة» الأميركية الأخيرة في دير الزور بذريعة تنفيذ (عملية قتل مسؤول العمليات المالية وعمليات بيع وتهريب النفط والغاز لداعش الإرهابي أبو سياف واعتقال زوجته بحجة «استمرار الولايات المتحدة وإصرارها على حرمان الملاجئ الآمنة لكل من يمثل تهديداً لمواطنينا وأصدقائنا وحلفائنا») أظهر انسجاماً تاماً مع أوامر أسياده فلم يستثن أحداً من تهديداته فأعلن أنصار (بيت المقدس) جزءاً من (دولته) وولاهم على سيناء، وشتم حكام الخليج ودعا لمحاربة الجيوش العربية و«النظام السوري» وقتل المسلمين الشيعة و«تنغيص عيشهم».. وطالب «بالشدة» مع الحوثيين!!
ورغم تسليم واشنطن بضرورة التوصل إلى اتفاق نهائي مع إيران بخصوص ملفها النووي كونه: «سيسهم في تعزيزِ أمنِ دول المتوسط» وفق تصريح نائب مستشارة الأمن القومي الأميركي (بن رودز).. واتفاقها مع روسيا لإيجاد حل سياسي سوري (المندوب الروسي بالأمم المتحدة فيتالي تشوركين صرح لقناة روسيا 24 أن الولايات المتحدة تريد استمرار التعامل مع بلاده في مجال تسوية الأزمة في سورية).. إلا أن مسار المواجهات العسكرية المفتوحة على الأراضي السورية (في الشمال والجنوب والوسط) يؤكد أن الإدارة الأميركية تسعى (لتقليم) حالة الفوضى الراهنة بهدف البقاء على نفوذها في منطقة إستراتيجية تحظى بموقع ومكانة لا يمكن التفريط بهما، فضلاً عن أن إبقاء جذوة الصراع مشتعلة فيها سيستنزف محور المقاومة ويضعف قدراته على المدى المنظور.
وفي الواقع. إن الإخفاق الأميركي بإدارة (الفوضى الخلاقة) من زاوية المصلحة الذاتية والآنية وضع أمن حلفائه بالخليج في خطر، فمصير العائلة المالكة في السعودية مثلاً أصبح على المحك في ظل ما أطلق عليه المغرد السعودي الشهير (مجتهد): «عدم قابلتيها للإصلاح وافتقارها للقدرة على البقاء مع الآلية الحالية في الحكم والتحديات الإقليمية والخلافات بين أمرائها وتداعيات عاصفة الحزم»!!
وعلى كل حال، ثمة من يقرأ الرسائل الأميركية بوعي تاريخي لافت، فهناك من يرى في المشروع التكفيري نكبة أخطر من نكبة فلسطين، لأنه:”سيضيع القضية الفلسطينية والمقدسات وشعوباً ودولاً بكاملها»، ولأن أميركا: «تستخدمه لإضعاف الأمة وتمزيقها وإحكام السيطرة عليها».
وبناء على هذه القراءة، قرر محور المقاومة تحمل مسؤولياته مهما بلغت التضحيات، متعهداً ببذل كل ما يمكن لإيصال الأمة إلى «بر الأمان» عبر مؤازرة الشعب اليمني المظلوم ودعم الحراك السلمي في البحرين ورفض تقسيم العراق وإعادة الأمن والاستقرار إلى سورية «كأهم الأهداف الحالية» وفق إشارة قائد الثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي.