من دفتر الوطن

التنمر على المواطن!!

| عبد الفتاح العوض

في العرف الصحفي يصبح الخبر خبراً إذا تنمر المواطن على المسؤول وللأمانة فهذا يحدث كثيراً في وسائل التواصل الاجتماعي ولا يكاد أي مسؤول بأي درجة من أن يفتح فمه إلا وتجد عبارات قاسية توجهت له كسهام مملوءة بالغضب.

 

وفي كثير من الأحيان تكون جارحة له ولأسرته وهذا ما لا يجوز في أخلاقيات التعامل مع البشر عموماً وليس فقط مع المسؤولين.

والآن المسؤولون يخشون فعلاً من التصريح ومن الحديث للمواطنين لأنه ومهما قالوا وحتى إن كانوا يقدمون اعتذاراً فإن ردود الفعل تكون قاسية.

وهذا ليس مستغرباً فمن ناحية المواطن يعاني، ولديه قناعة أن جزءا من معاناته بسبب أداء المسؤولين.. وطالما رضي المسؤول أن يكون مسؤولاً فعليه أن يتحمل ذلك، وليس المسألة تخص بلدنا فقط بل هي حالة عامة، فكل الذين يعملون في الوظيفة العامة في رتبة ذوي المناصب يعانون من ذلك، وما نزيد عليهم أن معظم مسؤولينا يستحقون ذلك. فبعض التصريحات تبدو غريبة جداً وخارج السياق والمزاج العام، وهذا ما يجعل من التنمر على المسؤول ليس أسهل فقط بل أحياناً يكون محقاً.

ثم إنه من الصور النمطية التي ما زالت موجودة ولم تتغير في المجتمع السوري أن سمعة المسؤول سيئة وتترافق في بعض الحالات مع الفساد والوساطة وغير ذلك، وعندما نقول بعض الحالات فإننا نتحدث فعلاً عن «خطأ التعميم» الذي يمكن أن يقع فيها عامة الناس.

المحاولة التي بدت واضحة للتخلص من كلمات المواطنين تجلت في قانون الجرائم المعلوماتية الذي حاول أن يحمي المسؤولين من الكلام الجارح أو التعدي الشخصي، وفعلاً ثمة أسماء كثيرة توقفت عن ذلك، لكن الأسماء الوهمية وما أكثرها ما زالت تتحدث عن الجميع ورغم أن الجميع يعرف أنهم ليسوا على حق في كل ما يقولون، لكن قسوتهم تطرب الكثيرين.

تنمر المواطنين على المسؤولين هو تعبير عن حالة غضب والبعض يتجاوز في لغته وأسلوبه بشكل غير لائق.

هذا كله عن تنمر المواطن على المسؤول وهناك قانون يحاسب عليه وإن كان القانون قاسياً. لكن ماذا عن تنمر المسؤولين على المواطنين؟

عندما يشتري المواطن المازوت من السوق السوداء هذا تنمر عندما يطلق المسؤولون وعوداً لا ينفذونها هذا تنمر.

عندما ترفع الوزارات أجور خدماتها بحجة التكاليف ولا ترفع الحكومة الرواتب هذا تنمر.

عندما يتم تعيين مدير أو مسؤول غير كفء هذا تنمر.

عندما يحتاج المواطن إلى 120 يوماً ليحصل على جرة غاز هذا تنمر.

إذا أردنا أن نسرد كل «التنمر» الذي يعاني منه المواطن فسنحتاج إلى وقت طويل.. لكن السؤال، بماذا تتم محاسبة المسؤولين جراء «تنمرهم» على المواطنين.

المواطن بكل مستوياته الاقتصادية والاجتماعية يعلم أن الأمور صعبة وأن هذا البلد ما زال في عين العاصفة، لكنه يريد أن يكون المسؤول صريحاً معه وأن يقدم له الأمل ويساعده على رؤية الغد.

بقي أن نقول إن كان تنمر المواطنين على المسؤولين خطيئة فتنمر المسؤول على المواطن فاحشة

أقوال:

– لن تصل أبداً إلى مستوى أعلى إذا كنت تدفع الآخرين إلى أسفل باستمرار.

– لعل الدرس الأكثر أهمية هو أن المنصب لا يعطي امتيازاً أو يمنح قوة، وإنما يفرض مسؤولية ثمن العظمة هو المسؤولية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن