قضايا وآراء

اجتماع الكامب… حماية للبيادق… أم إعادة انتشار..!؟

عبد السلام حجاب

 

بعد أكثر من أربع سنوات من الحرب على سورية، التي تقودها واشنطن من الخلف أحياناً، ودائماً بصورة مباشرة، لدول وبيادق اتخذت من الإرهاب، تصنيعاً ومساكنة واستثماراً مع تغيير بالأسماء والأجندات، أداة تنفيذية لتحقيق أطماع جيوسياسية ومشاريع تتعدى ما فعلته اتفاقية «سايكس بيكو» ضد سورية والمنطقة، فإنه يزداد وضوحاً في هذه المرحلة، أن خيطاً رفيعاً غير معلن يفصل بين السياسة ومتطلبات الأمن والاستقرار، جرى التعبير عنه مؤخراً باللقاء الروسي- الأميركي في موسكو ولخص بداياته المؤملة الوزيران لافروف وكيري. كما سيتابعه خبراء من خارجية البلدين في موسكو بمشاورات تتعلق بالأزمة في سورية- بحسب مصدر دبلوماسي روسي، وبين مكونات ضاغطة من المصالح والرهانات والأجندات التي ليست في وارد تبني حلول سياسية ذات شرعية وصدقية من جهة وأيضاً ليس بمقدورها أن يكون لها شأن في الميدان العسكري غير مزيد من القتل والدمار لا يستثني أحداً ولا حدود جغرافية له!
وليس استباقاً بالتحليل السياسي، فإن القراءة لنتائج اجتماع الرئيس الأميركي أوباما مع من استدعاهم إلى كامب ديفيد من حكام لدول الخليج العربية تشي بأن ما ظهر للعلن فوق الطاولة لا يعكس ما جرى تحت الطاولة وهو ما تم التعبير عنه بعدم عقد مؤتمر صحفي مشترك في ختام المحادثات، وإعلان بن رودس نائب مستشار الأمن القومي الأميركي عن جوائز ترضية من بينها:
1- إن البيت الأبيض منفتح على فكرة منح «الشركاء» في دول الخليج وضع حليف رئيسي من خارج حلف الأطلسي. ما يضع تلك البقع الجغرافية المتناحرة من حيث المصالح والرغبة في النفوذ في خانة الكيان الصهيوني وما يتلقاه من رعاية وحماية، وهو ما يمكن أن يخفف الخوف والهلع حاضراً ومستقبلاً، كما يخدم المراحل الافتراضية اللاحقة للمشروع الأميركي الصهيوني ضد سورية والعراق والمنطقة.
2- إن أوباما بحث مع البيادق الذين استدعاهم، باستثناء بعض الذين لم يتورطوا أو يساكنوا الإرهاب أو يراهنوا عليه: «الإستراتيجيات الخاصة بسورية» إذ إن النجاحات التي تحققها سورية سياسياً وميدانياً، وغير ذلك، باتت بحاجة إلى إستراتيجيات كما يعتقد أوباما، تأخذ باعتبارها أكثر من التنسيق، وهو قائم ولا يزال وأبعد من التفاهم بشأن دعم الإرهاب ومتطلباته المالية والعسكرية والسياسية.
3- تأكيد «بن رودس» سعي رئيسه أوباما تعويم وإعادة التوازن العسكري لما تسميه واشنطن «معارضة معتدلة» وقد أبرمت اتفاقات إقليمية مع حكام السعودية وقطر وتركيا والأردن من أجل تدريبها في معسكرات قريبة من الحدود مع سورية.
فإذا كانت هذه بعض جوائز الترضية كنتائج لاجتماع «الكامب» فإن السؤال المفترض أن يسبق القراءة التحليلية، هل إن هذا الاجتماع الذي كان ممكناً للرئيس أوباما إبلاغ مضمونه هاتفياً جاء لحماية البيادق المنخرطه بالحرب الإرهابية على سورية وفي المنطقة؟ أم هو مرحلة جديدة في سياق إعادة انتشار تفرضها الإستراتيجيات الخاصة بسورية وفقاً لما أعلنه بن رودس من البيت الأبيض بهدف ملاقاة الفشل المتراكم وتداعياته، سواء في سورية والعراق وما يحققه جيشا البلدين والقوى الشعبية الوطنية من انتصارات على الإرهاب وداعميه، أو في اليمن الشقيق حيث يواجه العدوان السعودي المدعوم أميركياً وصهيونياً فشلاً أصاب المبررات ونتائجها بمقتل تتسع دائرة تأثيراته السلبية أو في ليبيا حيث يطارد الفشل الإرهاب المنتشي بالدعم الأميركي وخدمات باقي أطراف حلف أوباما الإرهابي؟
وبطبيعة الحال، فإن التساؤل الذي يلي هو ما إذا كان هنالك تحول افتراضي في سياسة أوباما المزدوجة المعايير التي جرى التحذير من عواقبها في محادثات موسكو أم هو خداع جديد يمارسه أوباما في ربع الساعة الأخير من عهده لتأمين عائدات مالية تسد العجز وتحسن سمعته المهتزة عبر ابتزاز أوهام وأحقاد حكام بني سعود تجاه إيران ورهانات كل من حكام قطر والأردن والسفاح أردوغان ضد سورية، والتي تثبت الوقائع والمعطيات أنها أوهام زائفة ورهانات ستسقط عاجلاً أم آجلاً، بل إن الرئيس أوباما يؤكد في الحالتين، أنه يعيش حالة انفصال عن الواقع، تكاد تصبح مرضاً يقترب من الفصام إذا لم يدرك أن العالم تغير وأن ملفاته الساخنة لا يعالجها تصعيد الإرهاب، وأن أوهام واشنطن بشأن قدرتها على تغيير إرادة الشعوب وقادة الدول الوطنية أصبحت فاقدة للصلاحية بفعل المتغيرات الوطنية والدولية!
لقد توقعت مصادر أميركية أن يقدم أوباما على بيع حكام السعودية وقطر منظومات صاروخية تشبه «الباتريوت» لتهدئة مخاوفهم من توقيع الاتفاق النووي السلمي مع إيران. وليس بعيداً أعلن البيت الأبيض أنه لا يمانع من تقييم فرض مناطق حظر للطيران في سورية يحتلها الإرهابيون،
ما يؤكد أن الفكر السياسي لأوباما لا يختلف عن بنية الفكر الصهيوني، بل ينطلقان من أرضية فاشيه واحدة.
وهي حقائق تضع جهود المبعوث دي ميستورا في مواجهة تحديات يريد لها حلف أوباما الإرهابي كسر إرادة السوريين في حل سياسي يصنعه السوريون بأنفسهم بمعايير وطنية سيادية ومن دون تدخل خارجي، ولم يخف تشوركين احتمالية عودة الأطراف التي يحاورها دي ميستورا إلى صيغة منتدى موسكو.
ولعله بات واضحاً، أن السوريين، جيشاً وشعباً بقيادة الرئيس بشار الأسد أقرب بمراحل باتجاه دحر قطعان الإرهابيين والتصدي لمشاريعهم، ولن تحول دون تحقيق انتصارهم حرب دعاية مضللة أو أي مواجهات أخرى يستدعيها واجب الدفاع عن سورية وحماية مستقبل شعبها، فالجيش يصون العهد والوعد وثقة راسخة بالنصر القريب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن