تابعت خلالَ الأيام الماضية الحملة التي استهدفت شركة الطيران السورية، بالتأكيد اختلطت لدي المشاعر تحديداً أني تذكرت «أيام العز» عندما كانَ حجز مقعدٍ في هذه الشركة يحتاج إلى «دفشة»، هل لكَ أن تتخيل عزيزي الساخر الذي أجزم بأنهُ لم يصعد يوماً على متنِ طائرات السورية بأن الطالب اللبناني في فرنسا مثلاً قبل العام 2011 كانَ يحجز عبر شركة الطيران السورية باتجاه دمشق ثم يغادر بسيارة أجرة باتجاه بيروت مع عبارةِ «الله يديم عزك ياسورية»، تماماً كما يفعل المواطن السوري اليوم لكن بالاتجاه المعاكس، لكن ليسَ لعدم توفر شركات طيران باتجاه العاصمة بيروت، بل لأن سعر التذكرة يومها ومع أجرة التاكسي كانت كفيلة بجعلهِ يوفر أكثر من ثلث المبلغ الذي من المفترض أن يدفعهُ فيما لو قرر أن تقله طائرة لشركة أخرى، مع الأخذ بالحسبان أن الوزن الممنوح على متن السورية لم يكن بإمكان أي شركة أخرى مجاراته.
أما ما يحكى عن التأخر بوصول الحقائب وغيرها فأذكر أنني في العام 2013 وفي رحلة متجهة من باريس إلى العاصمة الجزائرية على متنِ أحد أعرق شركات الطيران الأوروبية، وصلت أنا ووصلت حقائبي بعدَ أسبوع إلى مطارِ وهران، المسافة بينهما أكثر من خمس ساعات بالسيارة، مع رفضٍ للشركة دفع أي تعويض إلا مجردَ اقتراحٍ غبي بأن يقوموا بإيصال الحقائب إلى عنوان فرنسي!
في الصيف الماضي وفي الرحلة المتجهة من أثينا إلى بيروت تأخرت الطائرة بالإقلاع لمدةِ ساعة ونصف ساعة والذريعة هنا كانت بسيطة، أحد الركاب لم يقم بإجراء مسحة كورونا قبل الصعود وهذا يعني انتظاره، وبسبب مشاكل حجز الإقلاع استمر التأخير لمدة ثلاث ساعات، طبعاً هذا كثير لمن تنتظره سيارة الأجرة لتقله من بيروت إلى اللاذقية عبر معبر العريضة.
أما الحديث عن طريقة تعاطي المضيفين والمضيفات فهو كذلك الأمر مثار سخرية، هل أنتَ في رحلةِ سفر أو في رحلةِ تعارف؟! قبل أن يفكر أحدنا بالردِّ على مريضٍ كهذا تحديداً من يسخر من الوجوه أنصح بعرضهِ على طبيبٍ نفسي، هذه القصص وغيرها التي لا تتسع لها صفحات العدد بكاملهِ لا هذه الزاوية فحسب، لا أقولها فقط لأني شخص كثير التنقل ومررتُ بالكثيرِ من التجارب مع شركات الطيران المختلفة، لكن أرى أن من واجبي الوفاء لناقلٍ وطني كان يوماً بالنسبةِ لنا ملاذاً بمعزلٍ عن الذي يديرهُ لا يعنيني الأشخاص أياً كانت مراكزهم، لكننا وللأسف اعتدنا أن تكون شركاتنا هي مكسر عصا نستسهل السخرية منها لأي سبب!
في الخلاصة: منذ عام عندما كانت هناك حملة تستهدف زيت بذر القطن السوري قلت إننا عن جهلٍ بارعون في إيذاءِ ما تبقى لنا من إرثِ القطاع العام الناجح، اليوم ومع تشويهِ صورة شركة الطيران السورية أعود وأذكِّر بأن هناكَ من يتعمَّد هذا التشويه لأهداف أبعد من كونها مجرد سخرية، هناك من يسيل لعابه لكي يرث ما تبقى من هذا القطاع، إما أن نصحوا أو سنجد أنفسنا حتى في المشافي العامة مستقبلاً أسرى رأس المال القذر.