سورية

لافرنتييف في حوار خاص مع «الوطن»: القيادة الروسية تعير اهتماماً خاصاً بتنمية العلاقات مع سورية ونحن معاً على الخط الأمامي في المعركة ضد الإرهاب

| حاورته سيلفا رزوق

أكد المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرنتييف، أنه على الرغم من الوضع في أوكرانيا واهتمام القيادة الروسية بالعملية العسكرية الخاصة، فإن القيادة الروسية تعير اهتماماً خاصاً بتنمية العلاقات المستقبلية مع سورية، وتبذل جهوداً كبيرة في كثير من الاتجاهات، كاشفاً عن أن القيادة الروسية تنظر حالياً في اتجاهات مختلفة لتعزيز التعاون مع سورية، وسنشاهد نجاحات جديدة في التعاون الثنائي ولاسيما في مجال استخراج ومعالجة التوريدات النفطية.

لافرنتييف في حوار خاص مع «الوطن» بين أن العمل جار حالياً لإيجاد طرق جديدة لحل المشاكل في سورية، بما في ذلك الصعوبات في مجال الطاقة، وتقديم المساعدات في تطوير حقول النفط والغاز.

ولفت المبعوث الروسي الخاص إلى أن تركيا لم تنفذ كامل التزاماتها في الاتفاقيات التي وقعت عليها في موسكو بآذار عام 2020، مؤكداً أن مكافحة الإرهاب ومحاربة المجموعات الإرهابية الراديكالية سوف تستمر، ليس فقط في إدلب ولكن أيضاً في المناطق الأخرى وبالتعاون مع الجيش العربي السوري الشجاع.

وأشار لافرنتييف إلى أن هناك محاولات تركية لتحويل المنظمة الإرهابية المسماة «هيئة تحرير الشام» والتي تعتبر جزءاً من القاعدة لما يسمى «معارضة معتدلة»، وهذا يتم رغم قرار الأمم المتحدة الذي يعتبر هذه المنظمة إرهابية بالطابع الإرهابي لهذه المنظمة، مبيناً أن تركيا تتمتع بدعم من بعض الدول الغربية للمضي في هذه المحاولات، معتبراً أن هذه السياسة التي يتم تطبيقها حالياً في إدلب «بمنطقة خفض التصعيد» وبعض المناطق الأخرى التي تسيطر عليها تركيا حالياً هدفها إبعاد إمكانية فرض الحكومة السورية لسيادتها على تلك المناطق، وإمكانية الوصول لحلول لإعادة الدولة السورية سيادتها على كامل أراضيها، مضيفاً في هذا الإطار: «نحن على يقين بأن استعادة سورية لسيادتها على كامل أراضيها سوف تتم بالتأكيد لكن طبعاً هذا يتطلب وقتاً».

وحول المفاوضات الأمنية الجارية بين سورية وتركيا حالياً اعتبر لافرنتييف أن أي نوع من الحوار هو أفضل من الصمت، وأي نوع من التواصل يساعد على إيجاد نقاط تقارب بالمواقف، وربما نقاط لحل بعض المشكلات الموجودة، لافتاً إلى أن إعادة العلاقات السورية التركية لمستواها العادي تتطلب نيات حسنة من القيادة التركية والتي تشمل وقبل كل شيء رفض تركيا دعم المجموعات الإرهابية المسلحة.

لافرنتييف أكد أن بلاده كانت تعارض دائماً ما تقوم به «إسرائيل» من اعتداءات ضد الأراضي السورية، معتبراً أن هذه الاعتداءات تمثل اختراقاً لا مثيل له للقانون الدولي، وروسيا حذرت من خطورة تداعيات هذه الاعتداءات والتي قد تؤدي لتصعيد الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط كلها، مشيراً إلى أنه لا يمكن تحويل الأراضي السورية لساحة لتسوية الحسابات بين مختلف الدول الإقليمية والعالمية.

وبيّن لافرنتييف أن الحكومتين السورية والروسية تدعمان بشكل كامل عمل غير بيدرسون في المسار الدستوري، والصورة التي يجري الترويج لها بأن سورية وروسيا تعرقلان مسار اللجنة الدستورية هي صورة غير صحيحة، أما مكان عقد جلسات اللجنة الدستورية، فإن هذه المسألة ليست فنية وإنما هي مسألة مبدئية أشار إليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال قمة طهران.

وشدد لافرنتييف على أنه لا يمكن أن يكون مسار أستانا بديلاً من الحوار السوري السوري في إطار اللجنة الدستورية، وأضاف: «أما في مسار أستانا فنحن مستمرون في تقديم الدعم لتطوير الحوار القائم… والجهود في هذا الاتجاه ستستمر ووفقاً لتعليمات رئيسينا، ونحن نتطلع لعقد الاجتماع القادم لأستانا قبل نهاية العام الجاري».

لافرنتييف كشف أن هناك تطوراً جيداً في الحوار السوري المصري، وبعض التطورات الايجابية في العلاقات السورية السعودية أيضاً، وهناك آفاق ليصل هذا الحوار لمستوى أعلى، لافتاً إلى أن الدول العربية تتعرض لضغط شديد من الولايات المتحدة التي تحذّرها من تقديم أي نوع من الدعم الاقتصادي لسورية.

وبخصوص العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا اعتبر لافرنتييف أن ما يجري ليس حرباً بين الشعب الروسي والأوكراني وإنما عملية خاصة، وللأسف تستعمل واشنطن الشعب الأوكراني أداة لممارسة الضغط العسكري على روسيا، مشدداً على أن كل الأهداف التي طرحها الرئيس الروسي للعملية العسكرية سيتم تنفيذها بالكامل، والمحاولات الغربية الفاشلة لضخ أوكرانيا بأنواع مختلفة من الأسلحة لن تؤدي لأي نتيجة.

لافرنتييف اعتبر أن هناك تقارباً كبيراً بين ما يجري في أوكرانيا وما يجري في سورية فسورية تعرضت لعدوان من التحالف الإرهابي، وروسيا تشاهد البوادر العلنية للإرهاب العالمي، وقال: «هناك الكثير من نقاط التشابه والتقارب بين دولتينا، نحن في روسيا وسورية على الخط الأمامي في المعركة ضد الإرهاب».

ووصف لافرنتييف مستوى التعاون بين وزارتي الدفاع السورية والروسية بأنه جيد جداً، مبيناً أن المهمة الأساسية للمستشارين العسكريين الروس هو تعزيز قدرات الجيش العربي السوري على مكافحة المخاطر الموجودة، وأثناء التدريبات والمناورات المشتركة يحاول الروس مشاركة المعرفة والخبرات لديهم مع الأصدقاء السوريين.

وأضاف: الجيش العربي السوري كان دائماً جيشاً قوياً وقادراً على القتال ومن أقوى الجيوش في الشرق الأوسط، ونحن نعمل بكل ما بوسعنا لنعيد للجيش العربي السوري إلى ما كان عليه قبل هذه الحرب.

وفيما يلي النص الكامل للحوار:

• نبدأ من زيارة الوفد الروسي الكبير والنشاطات الواسعة لهذا الوفد والتي يقوم بها حالياً وذلك على الرغم من الظرف الميداني وانشغال روسيا في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.. ما الذي تريدون قوله للسوريين، وما رسالتكم لهم؟

بداية أهلا وسهلاً بكم، وهذا شرف كبير لي أن أشارك بعض الآراء معكم ومع قراء صحيفتكم المحترمة.

العلاقات بين بلدينا هي علاقات صداقة وأخوّة وتسمح لنا ببناء تعاون مشترك نستفيد منه الآن وفي المستقبل، وذلك في إطار حسن التفاهم والثقة المتبادلة بين بلدينا.

ورداً على سؤالك بخصوص انشغال القيادة الروسية بالعملية العسكرية بأوكرانيا إلا أن القيادة الروسية تعير أيضاً اهتماماً خاصاً بتنمية العلاقات المستقبلية مع سورية، وتبذل جهوداً كبيرة في كثير من الاتجاهات، ومع وجود هذا الوفد الكبير في سورية نرى أن هذا التعاون يسير اليوم بسرعة وفعالية.

طبعاً هذه الاجتماعات وانعقاد مؤتمر اللاجئين هو نتيجة لعمل كبير جرى التحضير له في الأشهر الأخيرة، وخلال الأيام الخمسة لوجود الوفد الروسي في العاصمة دمشق وعدد آخر من المدن السورية، سيتم التوقيع على عدد كبير من الاتفاقيات المشتركة ونحن على يقين بأن تنفيذ هذه الاتفاقيات سيساعد الشعب السوري، ونحن منفتحون على آفاق جديدة من التعاون.

• وقفتم ودعمتم سورية في حربها على الإرهاب وقدمتم الكثير من المساعدات الإنسانية في مختلف المناطق، لكن السؤال الذي يطرحه المواطن السوري اليوم: لماذا لا نرى تعاوناً ودعماً روسياً أكبر في مجال الطاقة وخاصة المشتقات النفطية؟

كما أشرت فإن القيادة الروسية تنظر حالياً في اتجاهات مختلفة لتعزيز التعاون مع سورية، ولا شك في أنه بالمستقبل القريب سنشاهد نجاحات جديدة في التعاون الثنائي ولاسيما في مجال استخراج النفط ومعالجة التوريدات النفطية.

وحالياً يجري العمل على إيجاد طرق جديدة لحل المشاكل في سورية، بما في ذلك الصعوبات في مجال الطاقة، ونسعى إلى إيجاد أفضل الطرق وأكثرها فعالية لحل هذه الصعوبات، ونحن كنا دائماً ندعم فكرة «التعافي المبكر» للاقتصاد المدمر، وكنا ندعو أصدقاءنا في المجتمع الدولي للمساعدة في تحقيق هذا الأمر، لكن للأسف فإن الدول الغربية تختلق العقبات في هذا الإطار، وهذه العقبات لا تخص فقط المساعدات الإنسانية، ولكنها تشمل كذلك موضوع المشتقات النفطية، وسوف نجد طرقاً لحل هذه العراقيل.

العمل جار لإيجاد طرق جديدة لحل المشاكل في سورية بما في ذلك الصعوبات في مجال الطاقة

• هل نتوقع من خلال كلامكم خطوات روسية قريبة للمساعدة في حل مشكلة الطاقة في سورية؟

نعمل على هذا الأمر في اتجاهات متعددة، الاتجاه الأول هو العمل على إيجاد طرق جديدة لدعم سورية فيما يخص المواد المستخدمة في توليد الطاقة، والاتجاه الآخر هو تقديم المساعدات في تطوير حقول النفط والموارد الطبيعية، فكما تعلمون سورية قبل الحرب كانت تتمتع بالاكتفاء الذاتي في مجال النفط والغاز، ومن الضروري العودة لحجم الانتاج الذي كان قبل الأزمة، والاتجاه الثالث هو التواصل والعمل مع المجتمع الدولي لتشجيعه على تقديم المساعدات ليس فقط في اطار التعافي المبكر وإنما أيضاً في المساعدة لإعادة بناء الاقتصاد الوطني السوري، وخصوصاً في مجال الطاقة الكهربائية، وهذه تعتبر مهمة أساسية في رؤية القيادة الروسية.

• كثفت روسيا ضرباتها الجوية مؤخراً على مواقع الإرهابيين شمال سورية، بعدما تمددوا في مناطق عديدة هناك.. ماذا عن الدور التركي كيف تنظرون إليه في تلك المناطق؟.. ولاسيما أن هذه المناطق محكومة باتفاقيات «خفض التصعيد» والتي لم تطبق كامل بنودها بطبيعة الحال.

حقيقة لم تنفذ تركيا كامل التزامتها في الاتفاقيات التي وقعت عليها في موسكو بآذار عام 2020، وتواصل روسيا الاتحادية الجهود الرامية لإقناع القيادة التركية بالالتزام ببنود هذه الاتفاقيات، ونسعى للحفاظ على «خفض التصعيد» وضرورة الالتزام بهذا الأمر في الشمال السوري، مع أننا نرى تكثيفاً للاستفزازات من الإرهابيين في تلك المناطق.

قلنا وما زلنا نقول: إن مكافحة الإرهاب ومحاربة المجموعات الإرهابية الراديكالية سوف يستمر، ليس فقط في إدلب ولكن أيضاً في المناطق الأخرى وبالتعاون مع الجيش العربي السوري الشجاع.

سنواصل القصف واستهداف الإرهابيين والمتطرفين واستهداف مخيمات تدريبهم لمنع أي تطورات سلبية ومنع زيادة معاناة الشعب السوري.

للأسف نرى اليوم محاولات تركية لتحويل المنظمة الإرهابية المسماة «هيئة تحرير الشام» والتي تعتبر جزءاً من القاعدة لما يسمى «معارضة معتدلة»، ونرى أنه على الرغم من قرار الأمم المتحدة الذي يصنف هذه المنظمة على أنها تنظيم إرهابي، فإن تركيا تحظى بدعم عدد من الدول الغربية للمضي في هذه المحاولات.

اما في إطار حوارنا مع «المعارضة السورية» التي يطلق عليها البعض أنها معتدلة لكنها في الحقيقة هي معارضة مسلحة، كنا ندعوها إلى حل مشكلة وجود تنظيم إرهابي المسمى: «هيئة تحرير الشام»، ولكن مع الأسف فإن هذه المعارضة المدعومة من تركيا لا ترفض فقط قتال هذه المنظمة الإرهابية ولكنها تسعى أيضاً إقامة شراكة معها، وهذا طبعاً أمر غير مقبول تماماً، وهذه النقطة نتحدث بها وبانفتاح مع الشركاء الأتراك.

طبعاً هذه السياسة التي يتم تطبيقها حالياً في إدلب بـ«منطقة خفض التصعيد» وبعض المناطق الأخرى التي تسيطر عليها تركيا حالياً، هدفها إبعاد إمكانية فرض الحكومة السورية لسيادتها على تلك المناطق، وإمكانية الوصول لحلول لإعادة الدولة السورية سيادتها على كامل أراضيها.

ولكن نحن على يقين بأن استعادة سورية لسيادتها على كامل أراضيها سوف تتم بالتأكيد لكن هذا يتطلب بعضاً من الوقت.

• اليوم تجري مفاوضات أمنية سورية تركية ما الدور الروسي فيها؟ وكيف تقيّمون هذه الخطوة، وهل تتوقعون نتائج ملموسة قريبة على الأرض؟

من الصعب بالتأكيد التحدث حالياً عن المشاورات المستمرة بين سورية وتركيا على مستوى الأجهزة الأمنية، ولكن نقول إن أي نوع من الحوار هو أفضل من الصمت، وأي نوع من التواصل يساعد على إيجاد نقاط تقارب بالمواقف، وربما نقاط لحل بعض المشكلات الموجودة.

هذه العملية الرامية لإعادة العلاقات السورية التركية لمستواها العادي تتطلب نيات حسنة من قبل القيادة التركية، وبالطبع يجب أن تشمل هذه النيات الحسنة وقبل كل شيء توقف تركيا عن دعم المجموعات الإرهابية المسلحة والتي تبذل كل جهودها لإعطائها صبغة «المعارضة المعتدلة»، لذلك لا يمكننا التعليق على نتائج هذه المشاورات، لكن أي نوع من التواصل من الأفضل استمراره، ومن الممكن توسيعه ليشمل بعض المجالات الأخرى، ومن الأولويات في الوقت الحالي حل مشكلة الوصول لعلاقات حسن الجوار بين سورية وتركيا، ونحن وإياكم نفهم بأن هناك الكثير من الصعوبات التي تعترض الوصول لهذا الوفاق.

• وماذا عن الجانب الكردي؟.. هل الوساطة الروسية لا تزال قائمة بينهم وبين الحكومة السورية؟

كنا دائماً نرى أنه من الضروري مواصلة وتوسيع الحوار بين الحكومة في دمشق وبين «قسد» والأكراد عموماً، وكما تعلمون فإن الأكراد يعيشون بمناطق واسعة من حيث المساحة في شمال شرق سورية بمناطق شرق الفرات، مع أن تعداد الأكراد في هذه المناطق لا يتجاوز 2 إلى 3بالمئة من تعداد السكان هناك، حيث توجد أيضاً في تلك المناطق العشائر العربية وغيرها من العناصر المهمة، فمن الضروري بذل كل ما بوسعنا لعودة هذه المناطق لحضن سورية الموحدة، وروسيا تبذل جهودها لدعم هذه العملية ومن الصعب القول اليوم إنه بالإمكان الوصول لنوع محدد من الاتفاقيات، فليس سراً بأن الأكراد هم تحت تأثير واشنطن ويتعرضون للضغط الشديد من قبل الولايات المتحدة، وفي ظل مواقف القيادة السورية إزاء بعض القضايا الدولية، تدعو واشنطن الأكراد لرفض مواصلة الحوار مع الحكومة السورية، وهي تقف ضد الوصول لأي نوع من الاتفاقيات، وبهذه الطريقة تدعم واشنطن النيات الانفصالية، وتعمل كل ما بوسعها لإبعاد آفاق إعادة وحدة الأراضي السورية، وعلى الرغم من ذلك من الضروري مواصلة العمل المشترك باتجاه مواصلة الحوار.

الأكراد كانوا ولا يزالون جزءاً لا يتجزأ من المجتمع السوري أما بالنسبة للمواقف الأميركية فنحن نفهم جيداً أن وجودهم في سورية هو أمر مؤقت، وعند وجود أي تغيرات في الأوضاع العامة بالمنطقة سيترك الأميركيون حلفاءهم كما فعلوا مؤخراً في بعض الدول الأخرى، حيث ارتكبوا خيانة بحق هؤلاء الحلفاء، لذلك نحن نسعى إلى حكمة القيادة الكردية ونتطلع إلى حل سوء التفاهم الموجود حالياً بين الأكراد ودمشق.

• وماذا عن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية وما موقف موسكو منها وخاصة أن «إسرائيل» باتت داعماً أساسياً للنظام في أوكرانيا؟

بغض النظر عن مواقف «إسرائيل» بخصوص الأزمة الأوكرانية، كنا نعارض دائماً ما تقوم به من اعتداءات ضد الأراضي السورية ووجهنا انتقاداً شديداً لما تقوم به، وهذا اختراق لا مثيل له للقانون الدولي، ونحن وبشكل مستمر نشير لخطورة تداعيات هذه الاعتداءات والتي قد تؤدي لتصعيد الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط ككل، ونحن سنواصل هذه الجهود مع «تل أبيب» ونأمل أن تتوصل القيادة الجديدة في «إسرائيل» إلى استنتاجات صحيحة، إذ لا يمكن تحويل الأراضي السورية لساحة لتسوية الحسابات بين مختلف الدول الإقليمية والعالمية.

• استقبلت دمشق وتزامناً مع انعقاد مؤتمر اللاجئين المبعوث الأممي غير بيدرسون الذي أصر في تصريحاته على الإشارة لجنيف كمكان لانعقاد أي جولة جديدة لمفاوضات اللجنة الدستورية.. بالمقابل هناك إصرار روسي على أن جنيف فقدت حياديتها.. ألا يعني هذا بأنه لن يكون هناك اجتماعات جديدة للجنة الدستورية؟

كما تعرفون فإن الحكومتين السورية والروسية تدعمان بشكل كامل عمل غير بيدرسون في المسار الدستوري، والصورة التي يجري الترويج لها بأن سورية وروسيا تعرقلان مسار اللجنة الدستورية هي صورة غير صحيحة، وكشفت الجلسة الأخيرة للجنة الدستورية جاهزية الوفد السوري للعمل بشكل بنّاء إزاء كل المسائل المطروحة، وكما فهمت فإن الوفد السوري مستعد لمواصلة العمل في المسار الدستوري.

أما بالنسبة للسؤال بخصوص مكان عقد جلسات اللجنة الدستورية، فإن هذه المسألة ليست فنية وإنما هي مسألة مبدئية أشار إليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال قمة طهران.

مواقف روسيا وسورية تؤكد الجهوزية الكاملة لمواصلة التقدم النشط في هذا الحوار وفي عمل اللجنة الدستورية والمسار الدستوري، ولكن يجب أن يكون موقع الاجتماعات حيادياً ويتفق مع مصالح كل الأطراف، وطبعاً من الضروري مواصلة هذا العمل الذي نريده جميعاً أن يصل لنتائج إيجابية لأن هذا يتفق مع مصالح الشعب السوري.

• هل يمكننا القول إن مسار أستانا أصبح بديلاً من مسار جنيف كما يجري الترويج له في وسائل الإعلام؟

الحديث بهذا الخصوص يمكن توصيفه بأنه سوء فهم يجري الترويج له حالياً، لقد أنشئت اللجنة الدستورية نتيجة ما تم التوصل إليه في مسار «أستانا» ومؤتمر «سوتشي»، ولا يمكن أن يكون مسار أستانا بديلاً من الحوار السوري السوري في إطار اللجنة الدستورية.

أما في مسار أستانا فنحن مستمرون في تقديم الدعم لتطوير الحوار القائم… والجهود في هذا الاتجاه ستستمر ووفقاً لتعليمات رئيسينا، ونحن نتطلع لعقد الاجتماع القادم لأستانا قبل نهاية العام الجاري.

كذلك سنرحب مستقبلاً بعقد الجلسة التاسعة من جلسات اللجنة الدستورية، ولكن هذا يتطلب أن يعمل غير بيدرسون بمزيد من المرونة في جهوده لاختيار الموقع المناسب، وهذا ما نتحدث به خلال حواراتنا معه.

هناك تطور جيد في الحوار السوري المصري وبعض التطورات الإيجابية في العلاقات السورية السعودية

• العلاقات الروسية الخليجية تتجه نحو مزيد من التطور كما نتابع ولاسيما مع الإمارات والسعودية.. هل مازالت الوساطة الروسية لعودة العلاقات العربية السورية قائمة وأتحدث عن السعودية هنا على وجه الخصوص؟.

من أولويات العمل لدينا دائماً هو دعم الجهود الرامية للتقارب بين الدول العربية وسورية، وكما تشاهدون تم تحقيق بعض الإنجازات الجيدة في هذا الاتجاه مؤخراً، وهذا الإنجاز يتعلق بالعلاقات بين سورية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، ونشاهد اليوم تطوراً جيداً في الحوار السوري المصري، وهناك بعض التطورات الإيجابية في العلاقات السورية السعودية أيضاً، وهناك آفاق ليصل هذا الحوار لمستوى أعلى.

ولكن تتعرض الدول العربية لضغط شديد من قبل الولايات المتحدة والتي تحذّر هذه الدول من تقديم أي نوع من الدعم الاقتصادي لسورية، وكما نلاحظ هناك تصريحات علنية من قبل الولايات المتحدة لمنع هذه الدول من إعادة سورية لجامعة الدول العربية، وكذلك تقوم بتهديدها بفرض العقوبات عليها.

هذا الأسلوب يكشف وقائع النظام العالمي القائم حالياً، وهذا النظام مبني ليس على المساواة في الحقوق وإنما على الضغط على الدول لاتخاذ قرارات معينة، ولكن أعتقد أننا سوف نتغلب على كل هذه العقبات، وسيأتي الوقت لتعود سورية لجامعة الدول العربية، وتعود العلاقات الثنائية الكاملة بينها وبين الدول العربية كافة.

وأريد أن أشير أنه بناء على نتائج لقاءاتنا مع القيادة السورية، فإن سورية منفتحة بشكل كامل لإعادة العلاقات مع الدول العربية، وهذا تم التأكيد عليه بكل صراحة، ونحن سوف نعمل مع السعودية والدول العربية الأخرى لتحقيق ذلك، وهناك مستوى معين من الحوار كان ولا يزال مستمراً، لكن الأهم أن ينتج هذا الحوار إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الدول العربية وسورية.

ويمكن القول: إن الأوضاع بصفة عامة متناقضة نسبياً، فعدم وجود علاقات دبلوماسية بين سورية وعدد من الدول العربية لا يساعد على الحوار بصفة عامة.

العالم العربي ترك سورية لتواجه المشكلات لوحدها بدلاً من شكرها لأنها كانت الدولة الأولى التي قامت بمواجهة المسار الإرهابي، وعرقلة هذا المسار من الثورات الملونة الرامي للوصول لكل أنحاء العالم، لذلك ونحن على يقين بأنه على الدول العربية القيام بخيار صالح وجيد بهذا الإطار.

• كيف تجري الأمور في أوكرانيا سيد لافرنتييف ألا تخشون من تورطكم في حرب طويلة تستنزف روسيا أو أن تتمدد هذه الحرب إلى مناطق أخرى وهو السيناريو الذي تشتغل عليه واشنطن بكل قوتها؟

الحق معكم هذه هي نيات واشنطن، وما نشاهده ليس حرباً بين الشعب الروسي والأوكراني، هي عملية عسكرية خاصة، وللأسف الكبير تستعمل واشنطن الشعب الأوكراني كأداة لممارسة الضغط العسكري على روسيا، ونحن تحدثنا كثيراً عن ذلك وحالياً نرى جمهوريات دونيتسك ولوغانسك ومنطقتي خيرسون وزابوروجيا أصبحت في قوام روسيا الاتحادية، وهي جزء من أراضيها ونحن سندافع عن هذه الأراضي بكل الوسائل.

أريد أن أتحدث عما يجري في أوكرانيا من جانب آخر فما نراه اليوم هو مواجهة علنية ليس بين روسيا وأوكرانيا، وإنما بين روسيا والغرب مجتمعاً، ولكن حتى كلمة «مجتمعة» بالنسبة للدول الغربية ليست كلمة صحيحة، لأن هذه الدول فقدت الاستقلال والسيادة، وتمارس نشاطاتها ليس فقط بتأثير من الولايات المتحدة وإنما بحكم مباشر منها، وواشنطن لا تريد أن تفقد دورها في العالم ولا تريد أن يتغير النظام أحادي القطبية. لهذا السبب وصلت مقاومتها في أوكرانيا لهذه الدرجة العالية ومحاولاتها الرامية لهزيمة روسيا باتت علنية، ولكن من يعلن عن هذه الأهداف يبدو أنه لا يعرف التاريخ.

الشعب الروسي ليس لديه أي درجة من العدوانية ولم يبدأ أي نوع من الحرب، ولكن فيما يخص الدفاع عن أراضينا نحن دائماً نتوصل إلى النتائج النهائية، ولاشك أن هذه النتيجة سنشاهدها حالياً وكل الأهداف التي طرحها الرئيس الروسي للعملية العسكرية الخاصة سيتم تنفيذها بالكامل، والمحاولات الغربية الفاشلة لتزويد أوكرانيا بأنواع مختلفة من الأسلحة لن تؤدي لأي نتيجة.

وللأسف الكبير يجب الإشارة إلى أن هذه السياسة في الحرب «القتال حتى آخر أوكراني» تؤدي لنتائج سيئة على الشعب الأوكراني.

اليوم يتم قتل المدنيين والجنود، وللأسف الكبير لا تشير وسائل الإعلام الغربية إلى الحقائق، ولكن الحقيقة لا يمكن إخفاؤها، والجميع سيعرف بالتأكيد ما يحصل، والرأي العام العالمي سيعرف من كان وراء ارتكاب هذه الجرائم الحربية.

وأشير من جديد للعبارة المعروفة بأن «النصر سيكون معنا» ونحن على يقين أن هذا ما سيكون عليه الأمر.

• كيف تنظرون لهذا التشابه بين ما يجري في أوكرانيا وما جرى في سورية؟

الحق معكم هناك تقارب كبير بين ما يجري في بلدينا، سورية تعرضت لعدوان من ذات التحالف الإرهابي، وروسيا بدورها باتت تتعرض للإرهاب العالمي العلني، وأنتم شهود ليس فقط لما يحدث في أوكرانيا، ولكن حول أوكرانيا أيضاً، وما ارتكبته الدول الغربية من تفجير لخط أنابيب الغاز الشمالي وكذلك محاولة تفجير جسر القرم الموجود في أراضي روسيا الاتحادية، كما أن عدداً من المحافظات الروسية تتعرض للقصف، وتجري محاولات قصف محطات الطاقة الذرية، وهذه كلها عمليات إرهابية صريحة، ومن المدهش أن الغرب يقول إن روسيا لعبت دوراً في هذه العمليات!!

الغرب يقوم بتحوير كل خبر أو صورة وينقله بصورة معاكسة، وأنا أشعر بالقلق تجاه الشعوب الغربية الذين لا يحصلون إلا على هذه المعلومات المغلوطة، حيث تم منعهم من الحصول على الحقائق، ونحن سنواصل الجهود الرامية لإيصال موقفنا للمجتمع الدولي.

هناك الكثير من نقاط التشابه والتقارب بين دولتينا، نحن في روسيا وسورية نوجد على الخط الأمامي في المعركة ضد الإرهاب.

• وفقاً لما تتحدث به يمكننا فهم أن المناورات الأخيرة التي قام بها الجيش السوري جرت بالاشتراك مع القوات الروسية وبحضور قائد القوات الروسية في سورية.. هل الساحة باتت واحدة؟

مستوى التعاون بين وزارتي الدفاع السورية والروسية جيد جداً، وأشار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو منذ فترة إلى أن المعارك في الأراضي السورية انتهت، وأشار إلى أن الدولة السورية ورغم وجود بعض البؤر من التوتر تحولت إلى الوضع السلمي.

الآن المهمة الأساسية أمام المستشارين الروس الموجودين في سورية تتلخص بدرجة معينة في توطيد صفوف الجيش السوري أو إعادة الهيكلة في بعض الأحيان أو في تعزيز القدرة القتالية لديه

وخلافاً للفترات الماضية فإن المهمة الأساسية اليوم تكمن في تعزيز قدرات الجيش العربي السوري على مكافحة المخاطر الموجودة، وأثناء هذه التدريبات والمناورات نحن نحاول مشاركة المعرفة والخبرات الموجودة لدينا مع أصدقائنا السوريين.

الجيش العربي السوري كان دائماً جيشاً قوياً وقادراً على القتال ومن أقوى الجيوش في الشرق الأوسط، ونحن نعمل بكل ما بوسعنا لنعيد للجيش العربي السوري إلى ما كان عليه قبل هذه الحرب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن