قضايا وآراء

صانع الفوضى في ضيافة آل البارزاني مجدداً

| أحمد ضيف الله

برعاية رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني، أقامت جامعة سوران في أربيل في الـ8 من تشرين الأول 2022، «ملتقى القضية الكردية في الشرق الأوسط» بالتنسيق مع جامعة ساينس بو كرونوبل الفرنسية والمركز الفرنسي لأبحاث العراق، شارك فيه مسؤولون سياسيون وخبراء في العلوم السياسية من داخل إقليم كردستان وخارجه.

الملتقى استهل، بإلقاء ثلاث كلمات فقط، الأولى كانت لرئيس جامعة سوران شيروان شريف قرطاس، والثانية للكاتب والفيلسوف الفرنسي برنارد هنري ليفي، والأخيرة كانت لرئيس حكومة الإقليم مسرور البارزاني، الذي اعتبر أن «القضية الكردية باتت اليوم قضية عالمية، وأن حلها سيكون حلاً لمشاكل الشرق الأوسط»!

اللافت في هذا الملتقى كانت الكلمة التي ألقاها الكاتب الفرنسي برنارد ليفي، متحدثاً بإسهاب عن مشاكل الطاقة العالمية، مشيراً إلى أن «الإقليم بإمكانه حل مشاكل الطاقة التي تعاني منها أوروبا»، وأن «حل مسائل النفط والطاقة في العالم من الممكن أن يبدأ من إقليم كردستان»، مشدداً على أنه «يجب أن يكون للدول الأوروبية استراتيجية واضحة لحماية إقليم كردستان»، وأنه «ينبغي أن تكون هناك حلول استراتيجية للقضية الكردية، يجب أن يكون الغرب داعماً لكم وهذه القناعة ينبغي أن تترسخ لدى الولايات المتحدة».

فحوى كلمة ليفي، هو تحريض إقليم كردستان على التمسك بملف النفط وعدم الانصياع إلى قرارات المحكمة الاتحادية العليا بتسليمه للحكومة المركزية، داعياً إلى استغلال حاجة أوروبا والولايات المتحدة الأميركية للطاقة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية في دعم مشروع استقلال الإقليم عن العراق.

خلال الحملات الدعائية لاستفتاء الانفصال عن العراق الذي جرى في إقليم كردستان في الـ25 من أيلول 2017 الذي عمدت الفضائيات الكردية إلى تغطيته، ظهر عدد من السفراء ورؤساء الفعاليات الديبلوماسية السابقين، ذوي الميول الصهيونية، يتحركون في إقليم كردستان فوق المنصات الاحتفالية ملوحين بالأعلام الكردية، من أبرزهم: وزير خارجية فرنسا الأسبق برنار كوشنر، وأحد مساعدي بول بريمر الحاكم المدني الأميركي السابق للعراق بيتر غولبرايث، والسفير الأميركي الأسبق في العراق خليل زلماي زاده، وايدي كوهين، وبرنارد هنري ليفي، وسط تلويح المحتفلين الأكراد بالأعلام الكردية والإسرائيلية، بالتزامن مع مهرجانات نظمت في الدنمارك وجنيف وألمانيا وبروكسل، حيث رفعت الأعلام الكردية والإسرائيلية جنباً إلى جنب.

اليهودي برنارد ليفي المولود في مدينة بني صاف شمالي الجزائر عام 1948، المؤسس مع يهود آخرين معهد «لفيناس» الفلسفي في القدس المحتلة نهاية تسعينيات القرن الماضي، المعروف بتعصبه القوي لإسرائيل حيث يعتبر الجيش الإسرائيلي «أكثر جيش ديمقراطي في العالم»، والأكثر أخلاقية! لمع نجمه في التسعينيات كداعية لتدخل حلف الناتو في يوغوسلافيا السابقة، ولعب دوراً مهماً في التدخل الفرنسي في ليبيا، وفي ترتيب لقاءٍ في قصر الإليزيه ما بين الرئيس الفرنسي السابق نيكولاي ساركزوي وقادة فصائل ليبية التقاهم في بنغازي في الـ4 من آذار 2011، مشيراً في مقدمة فيلمه «قسَم طبرق» الذي عُرض في مهرجان كان في أيار 2012، إلى أنه كان موجوداً في ميدان التحرير بالقاهرة أثناء التظاهرات المصرية ضد نظام حسني مبارك، موحياً بأن «ثورات الربيع العربي» ما كان لها أن تندلع لولا تدخله الشخصي، بالقيادة والتخطيط والتشجيع.

زيارة ليفي إلى تونس في الأول من تشرين الثاني 2014، أثارت موجة من الاحتجاجات والسخط من مختلف التوجهات الفكرية والسياسية، حيث أقفل المتظاهرون المخرج الرئيسي لمطار قرطاج، مطلقين هتافات مناهضة لإسرائيل وعملائها المطبعين في المنطقة العربية، ما دفع الشرطة إلى إخراجه من جهة أخرى. كما قوبلت أيضاً زيارته إلى ليبيا في الـ25 من تموز 2020، برفض شعبي ورسمي واسع، ومطالبات بالتحقيق مع من سمح له بالزيارة، بعد أن ظهر محاطاً بالعشرات من المسلحين المقنعين في مدينة ترهونة.

ليفي، عرّاب ما يُسمّى «ثورات الربيع العربي»، الذي بات اسمه مرتبطاً في الذاكرة بالحروب والمآسي والخراب، هو يهودي صهيوني مثير للفتن وإذكاء الصراعات أينما حل، في البوسنة والهرسك، وفي ليبيا وسورية داعماً الجماعات المسلحة فيهما، لم نسمع صوتاً واحداً مستنكراً أو رافضاً لوجوده علناً مرة ثانية في أربيل في ضيافة آل البارزاني، لا من مقتدى الصدر ولا من وزيره، ولا من «ثوار تشرين»، بل ولا من الأحزاب السياسية الرئيسة في العراق التي صوتت على قانون «حظر التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني»، كما لم يظهر أي انتقاد على مشاركة المرشح لرئاسة جمهورية العراق ريبر أحمد خالد البارزاني وزير داخلية الإقليم في الحلقة النقاشية الرابعة في الملتقى، بحضور ليفي، متحدثاً عن رؤيته لمنصب رئيس الجمهورية وإدارة العراق، قبل سحب ترشيحه.

وكأنه صمت القبور.. رحم الله أمواتكم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن