قضايا وآراء

خطط الشتاء وهزيمة الغرب في أوكرانيا

| تحسين حلبي

لا شك أن التطورات الجارية خلال الأشهر الثمانية الماضية على الحرب الأميركية الغربية على روسيا في الموضوع الأوكراني، حملت نتائج لم تكن في مصلحة أوكرانيا ولا من مصلحة من يدعمها ضد روسيا، رغم أن التصعيد ازداد بين الغرب وروسيا من جهة وبين روسيا وأوكرانيا من ناحية عسكرية من جهة أخرى. واللافت في هذه التطورات أن إسرائيل بقيت محافظة على موقفها الذي اتخذته بعدم إرسال أسلحة لأوكرانيا وامتنعت بشكل حذر عن التطابق مع الموقف الأميركي أو الأطلسي في موضوع إرسال السلاح لأوكرانيا.

وظهر الخوف الإسرائيلي من التورط مع روسيا واضحاً حين دعا الوزير الإسرائيلي ناحمان شاي إلى إرسال أسلحة إسرائيلية لأوكرانيا ما دامت الأنباء تعلن عن إرسال إيران لروسيا مسيرات متطورة وانتحارية وذات قدرات متقدمة، ففي أعقاب الإعلان عن هذه الدعوة أطلق نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري ميدفيديف تحذيراً فورياً لإسرائيل من القيام بخطوة كهذه لأنها «ستقوض كل العلاقات مع روسيا»، وفرض هذا التهديد على الحكومة الإسرائيلية حسابات عسيرة جعلتها تسارع إلى الإعلان بأن ما دعا إليه ناحمان شاي لا يمثل موقف الحكومة الإسرائيلية، ويبدو أن ناحمان شاي وهو من حزب العمل الذي لا يوجد له سوى خمسة مقاعد من 120 مقعداً في الكنيست، أراد استخدام هذا التصريح للحصول على أصوات انتخابية من أنصار اليمين لمصلحة حزب العمل الذي يعد «حزب وسط»، ويعلق الصحفي الإسرائيلي نيداف ايال في 18- تشرين الجاري في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن «موسكو تعرف أن هذا الوزير غير مهم لكنها أرادت توجيه رسالة ساخنة لحكومته وهذا ما وضعت له الحكومة حسابات مقلقة»، ويضيف «وهذا ما يجعل إسرائيل تأكل السمك الفاسد وتطرد من الساحة»، وتدرك إسرائيل أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ما زال غاضباً منها ويطالبها بإرسال الأسلحة له وهو وخبراؤه يعرفون أن الأسلحة والمعدات الحربية التي ترسلها لهم واشنطن وعواصم الأطلسي، لن تضاهيها الأسلحة الإسرائيلية، لكنه يريد توسيع دائرة الحرب التي قد تلجأ إليها موسكو إذا ما قامت دولة غير أطلسية بتسليح أوكرانيا، وإسرائيل تدرك أنها ليست عضواً في دول الحلف الأطلسي التي يعد أي صدام عسكري معها بمثابة إعلان حرب على كل دول الحلف.

لا شك أن حكومة الكيان الإسرائيلي تتابع بقلق شديد نتائج الحرب في أوكرانيا، لأن المكاسب الروسية ستكون محتمة في نهاية هذه الحرب ولا يمكن لأوكرانيا ودول الغرب أن يفرضوا على موسكو شروطهم في حرب من هذا القبيل، ومع قدوم فصل الشتاء الطويل في أوروبا بدأ جميع الأطراف يعتقدون أن مرحلة هذه الحرب أصبحت خلال الأشهر المقبلة تواجه امتحاناً بالمرونة ما دام التصعيد الذي يتهمون روسيا باللجوء إليه في قصف كييف ولفيف، فرض على الجيش الأوكراني التراجع.

من ناحية أخرى لا يمكن للغرب المراهنة على خيار إطالة أمد الحرب عن طريق الاستنزاف وخاصة بعد أن بدأ إنهاك القوات الأوكرانية يبلغ درجة لا تحمل أي جدوى أمام سرعة وكثافة الغارات الصاروخية والجوية الروسية إضافة إلى عجز الجيش الأوكراني عن زيادة خبراته المحدودة بالمقارنة مع خبرات الجيش الروسي واستمرار تطويرها في قواعده ومعداته، وحول نهاية هذه الحرب توقع هاينز غيومانز الخبير بشؤون النزاعات الدولية في مركز «روشيستر» قبل أسبوعين أن «الحرب لن تستمر أكثر من سنة أخرى لأن كل طرف ما زال يراهن على استنفاد خطط هذا الشتاء».

والحقيقة أن روسيا لا تدير المعركة بجميع أنواع معداتها وأسلحتها، وهذا ما يشير إليه محللون في أوروبا حين يتطرقون إلى عدم استعجال روسيا لاستخدام «الحرب السايبرانية» التي تمتاز بها حتى الآن، فما يجري في ساحة الميدان بين الجانبين هو استخدام الأسلحة التقليدية المتطورة، وهذا ما تدركه الولايات المتحدة التي لاحظت أن روسيا تغلبت على معظم أسلحتها الحديثة المستخدمة من قبل الجيش الأوكراني ولذلك بدأت بعض الدول الأوروبية من حلف الأطلسي باستقبال آلاف الجنود والضباط الأوكرانيين لتدريبهم داخل أراضيها على بعض الأسلحة الحديثة لعلها تغير نتائج المواجهة، وهذا ما تستعد له موسكو بردود جاهزة وسريعة بموجب تقديرات الخبراء الروس، وفي النهاية ستنضم إسرائيل إلى فريق المهزومين في الغرب بعد انتهاء هذه الحرب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن