على خط دمشق، تتسارع الرحلات الدبلوماسية الدولية والأممية والإقليمية، لتستقبل دمشق الأسبوع الماضي العديد من الزوار، كان أولهم المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسون، ومن ثم وزيرة خارجية دونيتسك، تلاهما وفد الفصائل الفلسطينية الذي ضم ممثلاً عن الجناح المقاوم في حركة حماس، والمبعوث الخاص للرئيس الروسي لسورية الكسندر لافرنتييف، زيارات حمل زوارها ملفات تؤكد أن حل الأزمة السورية في دمشق وبإرادة السوريين، كما تؤكد مركزية دمشق في القضايا الإقليمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
من جديد حط المبعوث الأممي غير بيدرسون في دمشق، محاولاً فتح أبواب السياسة، علها تفك العقد الدستورية، في لجنة يقود التفاوض فيها بين الوفد المدعوم من الحكومة السورية ووفد المعارضة، المفاوضات التي تعثرت في جنيف، وأعلنت كل من موسكو ودمشق أن العاصمة السويسرية لم تعد مكاناً مناسباً لعقد اجتماعاتها، وهذا يعيد بنا إلى انطلاق أعمال اللجنة والمطالبات من الوفد الوطني بنقل أعمالها إلى دمشق، الأمر الذي رفضه وفد المعارضة وداعموه، المعارضة المتضعضعة بعد فتح أبواب الحوار بين دمشق وأنقرة، وأنباء عن تضييق الأخيرة الخناق عليها، الأمر الذي يثير تساؤلات حول ما الجديد الذي جاء بيدرسون يبحث عنه، وهو الذي فشلت جميع محاولاته في إحراز تقدم على مسار الحل السياسي، فشلاً سببه ارتهان المعارضة لإملاءات دول غربية، تلك الدول في أحوج حالاتها اليوم للعودة إلى الحوار مع دمشق في ظل تسويات كبرى يبدو أنها تطبخ على نار هادئة في الشرق الأوسط، وأساسها سورية.
مؤشرات تسوية كبرى على خط دمشق – الإقليم، أصبحت إرهاصاتها واضحة للعيان، بدءاً من المفاوضات الأمنية السورية – التركية التي تنتظر البدء بحوارات سياسية، تنقل العلاقات بين البلدين إلى التصنيف الإيجابي، وتضع الأمور العالقة من وجود غير شرعي للقوات التركية على الأرض السورية، ودعم النظام التركي للتنظيمات الإرهابية، ومجموعة أخرى من القضايا الخلافية وفي مقدمتها المياه، تضع تلك الأمور وغيرها على طريق التفاهم بحثاً عن حلول لها، المفاوضات السورية التركية عكستها تصريحات عضو المكتب السياسي – مسؤول العلاقات العربية والإسلامية في حركة «حماس» خليل الحية الذي كشف أنهم أخبروا أصدقاءهم في المنطقة بقرارهم العودة إلى دمشق، وعلى رأسهم تركيا وقطر الحليفين، مؤكداً أن الدولتين لم تبديا أي موقف من قرار الحركة، وهذا مؤشر ذو اتجاهين الأول إيجابي ويشير إلى تغير حقيقي في موقف الدولتين قطر وتركيا من العلاقات مع دمشق، ومن ثم قد يكون للدوحة موقف جديد في القريب العاجل من عودة دمشق لشغل موقعها العربي، ومن ناحية أخرى يحمل ما كشف عنه الحية اتجاهاً سلبياً من أن قرار الحركة لا يزال رهن مواقف عدد من دول الإقليم، الأمر الذي يبقي العلاقة مع حماس في دائرة الحذر.
أياً تكن عودة حماس إلى دمشق مرتبطة بقرارات قوى أخرى فاعلة في الإقليم، فإن قرار عودتها إلى دمشق جاء نتيجة تمسك سورية بقضيتها وقضية العرب المركزية، وتأكيداً لموقف الرئيس بشار الأسد من ثوابت دمشق الوطنية والقومية، ومن ثم فإن استعادة العلاقة مع الشق المقاوم من الحركة الفلسطينية، جاء انطلاقاً من رؤية دمشق لمصلحة القضية، بمقدار ما جاء نتيجة قناعة حماس بأن من سورية تمر الطريق إلى فلسطين، وأنه لا يعترف بأي هوية مقاومة لأي تشكيل فلسطيني، إن لم تكن ممهورة بخاتم دمشق.
مؤشرات التسوية الكبرى على خط دمشق – الإقليم، جاء ليعبر عنها بوضوح مبعوث الرئيس الروسي لسورية ألكسندر لافرنتييف الذي كشف عن تقدم جيد في العلاقة بين دمشق والقاهرة، وعن علاقات بين دمشق والرياض، ليكتمل مشهد لتسوية كبرى على خط دمشق، حمل معالمها زوار سورية خلال الأسبوع الفائت، زيارات تؤكد أن حل الأزمة السورية في دمشق وبإرادة السوريين، وتؤكد مركزية دمشق في الإقليم من قضاياه.