قضايا وآراء

كيان الاحتلال الإسرائيلي يعترف بالعجز عن ضمان أمنه

| تحسين حلبي

أجرى موقع «حامال» الإسرائيلي للأنباء قبل يومين استطلاعاً للرأي وجه فيه سؤالاً واحداً للشرائح الإسرائيلية المتنوعة هو: ما السبب الذي يجعلكم تفضلون التصويت للأحزاب نفسها التي قمتم بالتصويت لها في الانتخابات السابقة؟ فكانت الإجابة: 58 بالمئة من أجل تحقيق الأمن و15 بالمئة من أجل الاقتصاد وتحسين المعيشة، و11 بالمئة من أجل تحقيق مطالب مدنية مثل التعليم والصحة، وأخيراً 16 بالمئة، منقسمون بين أسباب تتعلق بكراهية رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو أو بتفضيله على بقية المرشحين.

اللافت في هذه النتيجة أن المفقود الكبير عند الأغلبية في هذه المطالب هو الأمن الداخلي، وهو بالطبع أمن المستوطنين أينما كانوا في تل أبيب أو في معاليه أدوميم قرب القدس، أو في مستوطنات غلاف قطاع غزة، وهذا يعني ببساطة أن المقاومة الفلسطينية وحلفاءها في محور المقاومة يشكلون قدرة تجعل كل هذه الأغلبية تعيش في فزع أمني وعدم استقرار وشك في مستقبل وجودها في هذا الكيان إذا ما استمر فقدانها للأمن.

ولذلك بدأ محللون في الكيان الإسرائيلي يتحدثون عن خطر المقاومة على مستقبل هذا الكيان ومدى الاستعداد للبقاء فيه ويقترحون الحلول لمنع سقوطه وانهياره ومن بين هؤلاء المؤرخ والمحلل في الشؤون الإستراتيجية يوسي بلوم هاليفي، فتحت عنوان «كيف نمنع إراقة المزيد من دمائنا في حرب متعددة الجبهات مع الذين يقاتلوننا؟» حدد في مقاله في صحيفة «يديعوت أحرونوت» في 22 من تشرين الجاري أن: «إسرائيل بدأت تنزلق على منحدر حصار إستراتيجي يفرضه عليها بنجاح محور طهران دمشق والمقاومة اللبنانية والفلسطينية، فلأول مرة منذ عام 1948 وإعلان الدولة، فقدت إسرائيل قدرة الردع، بل والأخطر من ذلك أن هذا المحور تمكن من امتلاك قدرات لإلحاق الضرر المميت بإسرائيل»، ويقارن بين وضع الكيان الإسرائيلي في هذه الأوقات ووضعه عام 1948 أثناء الخوف على وجوده، ويرى بأن «إسرائيل تجد نفسها الآن في المرحلة الأولى لحرب تذكرها بالخطر الوجودي الذي ساد قبيل حرب عام 1948 وحرب حزيران 1967». ويبين أنه بالإضافة إلى الخطر الخارجي من محور المقاومة ما زال وضعها الداخلي يشهد «انقساماً خطيراً بين أحزابها يؤثر في جذورها بسبب الحرب التي يعلنها عليها المحور الخارجي»، ويعترف أن هذا المحور تمكن من زيادة خطره الإستراتيجي عليها لأنه أصبح قادراً على إحباط عقيدتها العسكرية وإلحاق الضرر بسلاحها الجوي وببنية قواتها البرية والبحرية ناهيك عن ضرب جبهتها الداخلية بعد أن تمكن من تطوير صواريخه بتكنولوجيا دقة إصابة الأهداف».

واستشهد ليفي بما ذكرته له شخصية قيادية في جيش الاحتلال بأن «تأثير هذه النيران المتطورة يشبه تأثير القنبلة النووية على إسرائيل»، وطالب «بوضع عقيدة عسكرية عملياتية ووسائل تمنع تلك القوى من تغيير ميزان القوى لمصلحتها».

يعترف ليفي بأن «الجيش ليس بمقدوره أن يطارد كل مجموعة أو فرد يطلق صاروخاً أو قذيفة ضده في داخل الضفة الغربية وقطاع غزة أو ضد حزب الله في جنوب لبنان، لأنها ستكون حرباً عقيمة»، ويطالب بالتالي «بتنفيذ إستراتيجية ذات قدرة فعالة ساحقة وقاتلة في عملياتها تؤثر في إرادة المحور وتفرض عليه الخضوع لإرادة إسرائيل»، وهذا في الواقع ما يعمل جيش الاحتلال على تنفيذه، وما يشبه ذلك الرأي، حين يقوم بتصفية عدد من الشبان الفلسطينيين من مجموعات «عرين الأسود» وغيرهم داخل المدن والقرى وبواسطة عبوات التفجير لكي يتجنب الاشتباك معهم عند محاولة اعتقالهم على غرار ما فعله في جنين من قبل ونابلس قبل أيام، ويطلب ليفي من قيادة جيش الاحتلال أن تعمم على أفراده تكثيف تطبيق هذه العمليات ويدعو القيادة السياسية إلى إعداد «عمليات لتفجير خطوط الأنابيب التي تنقل النفط الإيراني من خليج عمان إلى العالم والتي تمتد على طول 1000 كيلومتر».

ويبدو أن مثل هذه الخطط تشير بشكل واضح إلى العجز العسكري الإسرائيلي على مواجهة أسلحة وصواريخ محور المقاومة فاللجوء إلى استهداف البنى التحتية الاقتصادية النفطية بهذا الشكل لحرمان إيران من عائدات ثرواتها النفطية أصبح يشكل هدفاً إستراتيجياً على غرار ما فعله الغرب بتفجير الخط الروسي للغاز «السيل الشمالي» في البحر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن