هو حزب المطر والغيث والرومانسية.. هو حزب الأشياء الجميلة… لكن. لن آخذكم إلى عالم الرومانسيات في المطر.. إنما سأحدثكم عن علاقة الشتاء بالفكر.
ابن خلدون يتحدث عن تأثير الطقس في البشر فثمة فوارق مهمة بين طبائع الناس حسب الطقس الذي يعيشون به، فأهل الإقليم الحار أسرع للفرح والسرور وأكثر انبساطاً، ثم يجيء الطيش والخفة وكثرة الطرب والولع بالرقص والحمق.
فيما يميل أهل البلاد الباردة إلى البخل والخوف والمبالغة في الاقتصاد حسب ابن خلدون «ترى أهلها مطرقين إطراق الحزن»، فيما قال أرسطو: إن أهل المناطق الباردة يمتازون بالجرأة والشجاعة وغياب التنظيم فيما يعيش أهل آسيا على المهارة.
أما أهل البلاد المعتدلة- ونحن منهم – ففيهم التوسط والاعتدال بكل شيء من الملبس والمسكن وحتى الأخلاق والفضائل!
ما تحدث عنه ابن خلدون كان تحت عنوان أثر الهواء في أخلاق البشر.
العرب قبل ابن خلدون تحدثت عن ذلك، فهناك أبو إسحاق الزجاج تحدث عن أن الصحراء موحشة، وإذا استوحش الإنسان تمثل له الشيء الصغير في صورة الكبير وارتاب وتفرق ذهنه، ويصل في النهاية إلى أن الصحراء أدخلت الوسواس إلى عقول ساكنيها. فيما يرى ابن المسعودي أن في البلاد الباردة تعظم الأجساد وتجف الطبائع وتتوعر الأخلاق وتبيض الألوان.
فيما في بلاد الحر تسود الألوان وتتوحش النفوس.
في دراسات حديثة تتناول موضوع تأثير الطقس في طبائع البشر، تربط الشتاء بالاكتئاب وهو أمر له علاقة بأن هذه الدراسات أوروبية وفيها الشتاء يكون طويلاً، ثم إن الصيف يرتبط بالسفر والعطلات وغير ذلك من الأشياء المبهجة.
لكن في الواقع أن الشتاء يرتبط بالأفكار.. فأكثر عدد الحاصلين على نوبل من البلاد الباردة وأكثر براءات الاختراع في تلك البلدان نفسها.
العدد الأكبر من المبدعين في الأدب والفن من عشاق الشتاء، وقلة لم تحب المطر مثل أبو قاسم الشابي الذي قال فيه ينطفئ السحر، على حين محمود درويش كتب قصيدة بعنوان: كنت أحب الشتاء، ويوسف القعيد قال الشتاء محفز للإبداع.
الذين يربطون بين الإبداع والشتاء يتحدثون عن أشياء محددة منها أن المطر يقلل التوتر ويساعد على التفكير كما أن ليالي الشتاء الطويلة تساعد على التأمل بهدوء. ومعظم الإلهامات تحصل في الشتاء.. من ميزاته -حسب الدراسات في مناطق الجرائم- فإنه أقل بشكل ملحوظ من عدد جرائم الصيف، ولذلك هناك تفسيرات علمية لها علاقة بالأوكسجين وسرعة الاستثارة والانفعال.
ما زلت مصراً ألا تكون هذه الزاوية في مديح الشتاء مرتبطة بالرومانسيات، فالشتاء يقدم دروساً في الحياة، فإلى جانب الأشياء الجميلة مثل الغيوم والمطر لا بد أن يترافق ذلك مع أشياء مزعجة مثل البرد والوحل.
مشكلتنا الأساسية أننا غير ملائمين للشتاء.. المشكلة عندنا وليست عند الشتاء فليس ذنبه ألا يوجد لدينا مازوت وكهرباء.. العيب فينا وليس في الشتاء.
فيا أعضاء حزب المطر استمتعوا.. رغم ورغم و.. رغم.
أقوال:
– أخبر قلبك بأنني ما زلت أحنّ، وما زلت أذهب للأماكن التي جمعتنا كلما أمطرت السماء
– فليسَ عندي وسيلةٌ أخرى للتدفئة، سوى أن أحبَّكِ أو أكتبَ لكِ قصيدةَ حبّ.
– كأنَّما الأمطار في السماءْ؛ تهطلُ يا صديقتي في داخلي.
– لا تقولي.. عد إلى الشمس. فإني
أنتمي الآن إلى حزب المطر