رياضة

في قرار غريب عجيب.. إدارة نادي الثورة تحل فريق الرجال واتحاد السلة والتنفيذية متفرجان

| مهند الحسني

لم يكن أشد المتشائمين بفريق سلة رجال نادي الثورة الدمشقي يتوقع له هذا المصير المخجل والنهاية الحزينة التي وصل إليها بعد سنوات من العمل المضني بذلته الإدارة في سبيل بناء نواة لفريق لتأتي الظروف الصعبة وتنسف كل هذه الجهود وكأن شيئاً لم يحصل، هذا الحال لا يتناسب مع عراقته كناد كان في يوم مضى أهم رافد لجميع منتخباتنا الوطنية على صعيد الرجال والسيدات، وعلى الرغم من تواضع إمكاناته المادية لأنه يعد من أفقر الأندية الدمشقية نظراً لعدم امتلاكه منشأة رياضية حضارية، فالنادي الذي يلعب بدوري المحترفين ورجاء ضعوا خطين تحت كلمة محترفين لا يملك سوى مقره في منطقة القصاع وسط العاصمة دمشق وفيه ملعب باسكت بأرضية تارتانية متواضعة لا يصلح عليها التمرين سوى في أيام الصيف لأنها في الشتاء لا يمكن التمرن عليها بسبب تجمع برك المياه هنا وهناك، أما المنشأة التي تقع على أطراف العاصمة فقد باتت أشبه بضرب من ضروب المستحيل بعدما عاث فيها الإرهاب الكثير خلال الحرب الطاحنة التي شهدتها البلاد وحولت المنشأة إلى منطقة مهجورة يصعب الدخول إليها وسط النهار.

كل هذه التفاصيل جعلت المنشأة خارج حسابات الإدارة رغم الوعود التي قطعتها القيادة الرياضية الحالية والسابقة لإصلاح المنشأة غير أن هذه الوعود كانت على مبدأ (الوعد يا كمون)، فلا المنشأة طالها الإصلاح والصيانة، ولا مقر النادي شهد أي إضافة جديدة، وبقيت استثمارات النادي مكانك راوح لا بل شهدت تراجعاً كبيراً في قيمتها الاستثمارية حسب موجة الغلاء التي تجتاح البلاد، رغم كل هذه الصعوبات استمر النادي بجميع فرقه في التمارين والمشاركات وحقق نتائج جيدة على الصعيد المحلي والعربي، وبدلاً من السعي وتأمين المناخات الملائمة لهذا النادي وتوسيع استثماراته لم يلق أي اهتمام ولا رعاية وباتت منشأته في غياهب النسيان.

نهاية مأساوية

هذه الظروف المادية والاستثمارية الصعبة والمؤلمة وضعت النادي في طريق لا مفر منه وأوصلها إلى طريق مسدود واتخاذ قرار يعد هو الأصعب لها في تاريخها بعدما قررت عدم المشاركة في دوري الثانية وحل سلة الرجال هذا الموسم بسبب ضيق ذات اليد وعدم وجود إمكانات مادية جيدة تساعد النادي في إيجاد تكلفة تنقل الفريق بين المحافظات على أقل تقدير، فكان القرار الأصعب لإدارة النادي والتي ربما ستندم عليه في المرحلة القادمة لا محالة.

والشيء المستغرب الصمت المطبق من قبل القائمين على رياضتنا ومنهم اتحاد السلة المعني الأول بحل الفريق، وكان حرياً به الإسراع في تأمين ما يلزم هذا النادي بدلاً من الصرفيات العشوائية على جيش من الموظفين والعاملين الذين لم يقدموا أي إضافة جديدة لعمل الاتحاد، أما فرع دمشق للاتحاد الرياضي العام فيبدو أن الأمر لا يعنيه وكأنه غير معني بأحوال ونتائج ومصائر أنديته، وكنا نتمنى أن نرى حماسته ولهفته وغيرته على واقع الأندية كما هي في تحصيل حقوقه من العائدات الاستثمارية للأندية، ويبدو أنه اكتفى بالصمت وبات شاهداً «ما شفش حاجة».

أضغاث أحلام

عودة منشأة النادي للإدارة بعد الخراب الذي لحق بها بات أشبه بأضغاث أحلام على ضوء حالة اللامبالاة التي تبديها القيادة الرياضية في تعاطيها مع المنشأة، ويبدو أن البعض في القيادة الرياضية يعتبر بأن المنشآت الرياضية ومخصصاتها المالية هي أعطية يمن بها على من يشاء، ويحرم منها من يشاء، وبأن الأولويات لإنجاز الأندية إنشائياً ترتب وفق المصالح الشخصية فهو على خطأ شديد، لأن المنشآت الرياضية هي جزء من الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الدولة، وتدعمها بعيداً عن حسابات الربح والخسارة والعائدة المادية، فإذا كان توجه الدولة هو الوصول بالأندية الرياضية إلى أصغر قرى في وطننا الغالي، فما حال القائمين على رياضتنا، وهم يشاهدون نادياً في قلب العاصمة وهو في حقيقة الأمر معقل من معاقل كرة السلة السورية ويقفون مكتوفي الأيدي، من دون أن يمدوا له يد العون، وما زالت منشآته التي عاث فيها الإرهاب الكثير وأضحت غير صالحة لممارسة أي نوع من الرياضات، ناهيك عن أنها تقع بجانب مكب قمامة العاصمة، والذي لا يبخل عليها بروائحه الفواحة، والطريق إلى الصالة شتاء شبه مستحيل نظراً لتراكم البرك والمستنقعات والحفر، التي قد تتسبب في العديد من الانزلاقات، وفي فصل الصيف، فإن الراغب في رؤية المنشأة فعليه وضع كمامة طبية لتقيه قوة الروائح المنبعثة من مكب القمامة، إضافة إلى الكلاب الشاردة والعتمة والظلام المحيط بالصالة.

وقد قاتل الاتحاد الرياضي العام السابق ودخل حرب داحس والغبراء لاسترداد سيادته على المنشآت الرياضية في السنوات الأخيرة، واليوم كل من تبنى وجهة نظر الاتحاد الرياضي العام يشعر بالندم على ما تم من تقصير وإهمال نتيجة هذه الاستعادة التي أكدت بعدم جدوى تجريب المجرب، وبأن الاتحاد الرياضي ومكتب منشأته الحالي بالكاد يستطيع توفير دهان مكاتبه وتركيب ديكورات فاخرة لها، أما البناء والإنشاء والصيانة فهي ما زالت بعيدة عن لوغارتيمات مكتب المنشآت الحالي، لأسباب ما زالت مجهولة وغير معروفة.

وكلنا أمل في القيادة الرياضية الجديدة بأن تضع هذا النادي ضمن أولوياتها، وتعمل على إعادة بناء منشآته، وتقديم الدعم بجميع أشكاله له أسوة بباقي أندية العاصمة التي تنعم وتغنج بكل ما لذ وطاب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن