ثقافة وفن

أنا حالياً بعيد عن تجسيد رواية أو مسرحية بأعمالي الفنية … أحمد الروماني لـ«الوطن»: مرحلة الطفولة هي المفتاح لما وصلت إليه اليوم

| مايا سلامي -ت: مصطفى السالم

بموهبته الفريدة وتجربته المميزة رسم طريقه الخاص في عالم الفن والنحت والذي أراد له أن يكون مرآة تعكس طروحاته وفلسفاته الخاصة عن الواقع والحياة. فأبحر بخياله الحر وتقنياته العالية إلى ما هو أعمق من جمالية الشكل ليحمّل أعماله بأبعاد درامية تعزز تجربته المسرحية. فأثبت نفسه عالمياً من خلال العديد من المشاركات التي قدمها في الخارج قبل أن يعود ويكلل سنوات خبرته الطويلة بافتتاح معرضه الفردي الأول «الناجي» قبل عدة أيام في دمشق. ليكون الفنان أحمد الروماني قيمة مضافة جديدة تحسب للفن التشكيلي السوري.

وفي حوار خاص له مع «الوطن» أخبرنا بالآتي:

• بماذا تميزت طفولة الفنان أحمد الروماني؟

يمكن القول إن مرحلة الطفولة كانت هي المفتاح لما وصلت إليه اليوم ولم أعشها وحدي فشاركني بها شقيقي التوءم سامر وفيها بدأت ملامح موهبتنا الفنية تتفتح ومن عمر صغير جداً لا أستطيع تحديده تماماً، حيث كنا نرسم معاً ونصنع الأشكال والمجسمات من أي خامة أو مادة متوافرة بين أيدينا كالورق مثلاً، وعندما كبرنا قليلاً وأصبحنا في السادسة عشرة تقريباً من عمرنا التحقنا بدورات الرسم والنحت في معهد أدهم إسماعيل بدعم وتشجيع من والدينا وهناك كان نقطة الانطلاقة في مجال الفن والنحت لكل منا.

• كيف بدأت مسيرتك بالنحت بأسلوب أكاديمي؟

مررت بثلاث مراحل أكاديمية مهمة والبداية كانت في معهد أدهم إسماعيل تلتها دراستي في المعهد العالي للفنون المسرحية بقسم التصميم المسرحي الذي يتعلق برسم وتصميم المشاهد المسرحية كما يتضمن أيضاً دراسة مواد كالرسم والنحت، ومن ثم مرحلة البحث العلمي والدراسات العليا بما فيها من تخصص ومنهجية بشكل أكبر حيث تعلمت «المؤثرات الخاصة» التي تتطلب إتقان النحت إلى حد كبير، وهي موجودة في الخارج فقط كالصين والدول الأوروبية، وفيها تم التركيز أكثر على التشريح والجسد والشخصيات بشكل عام.

• ما أبرز الأشياء التي أضافتها لك دراستك في الصين؟

من خلال دراستي للماجستير في الصين تعمقت أكثر في دراسة المؤثرات الخاصة، واستفدت من ناحية البحث العلمي لأنه كان هناك تكثيف للطاقات من أجل البحث في علاقة الأشياء ببعضها، حيث عملت على دراسة الترابط والاختلاف بين النحت والمؤثرات الخاصة، وعلى الصعيد العملي بدأت العمل هناك كنحات وفنان مؤثرات خاصة في عدد من الشركات الخاصة، كما استفدت من تجربتي في الصين بالجانب التقني أيضاً فتعلمت منهم الدقة والإصرار والاعتناء بالتفاصيل الصغيرة بالإضافة إلى الثقافة البصرية المتواجدة في الشوارع هناك والتي لها دور كبير في تغذية وتوسيع رؤى وآفاق الفنان.

• حدثنا عن تجربتك المسرحية، وكيف انعكست لاحقاً في أعمالك الفنية؟

من خلال دراستي للتصميم المسرحي وقراءة النصوص المسرحية والأدبية أصبح عندي تحليل أكبر للأشياء وبدأت أنظر إلى الموضوعات التي أعمل عليها بمنظور أعمق من الشكل وعلاقة الكتلة بالفراغ، وباللاشعور أصبحت أمنح أعمالي فكرة ودراما ليكون لها معنى، وبالتالي ديمومة أكبر، فالشكل الجميل من المحتمل أن يفقد جماليته مع مرور الوقت، لكن عندما يحمّل بفكرة فإنها حتماً ستعززه وتقويه وتحافظ على استمراريته، فأفادني المسرح في قراءتي وتحليلي للأشياء ومن خلاله بتُّ أربط ما بين الفكرة والمضمون والدراما بأعمالي. وأنا حالياً بعيد عن تجسيد رواية أو مسرحية بأعمالي الفنية على الرغم من وجود العديد من الأعمال التشكيلية المبنية على نصوص مسرحية.

• بالحديث عن المؤثرات البصرية والسينوغرافيا، ما الآلية التي تتبعها لتخلق حالة فنية منسجمة مع كل تفاصيل العمل المسرحي؟

يتم العمل على ذلك في البداية من خلال التواصل مع المخرج وقراءة النص وتحليله بناء على أسس أكاديمية وتحليل الشخصيات والمكان، وأحاول الوصول إلى صياغة بصرية قريبة لمنطق النحت أو أي شيء مشاهد بالعين وأربط الشكل بالمضمون، وفي المسرح هناك اختلافات وظيفية ومعايير بعيدة قليلاً عن النحت فلا يمكن وضع عنصر جمالي على خشبة المسرح إن لم يكن له وظيفة وفكرة تخدم النص فجماليته قد تعوق العمل المسرحي.

• ما أبرز الموضوعات التي تتناول إحساسك كفنان؟

أنا أعمل دائماً في موضوعات تعالج الواقع الذي نعيشه والأشياء التي تلامسنا، وأحاول أن أبعد موضوعاتي عن الجوانب السياسية، فأنا أعتبر القضايا الاجتماعية التي تتعلق بسوء الأوضاع الشخصية والفقر هي الأهم لكونها تطرح ما نعيشه اليوم، ولو أنني قدمت معرضاً منذ تسع سنوات كان من الممكن أن تكون أعماله أكثر دموية. وأحب دائماً أن أمنح المتلقي متسعاً من الحرية في أعمالي ليضع القصة التي يراها مناسبة بناء على مخيلته وتجاربه وذاكرته البصرية، كما أنني أعمل على بناء قصتي بأدواتي وطريقتي ألا وهي النحت، ومن المحتمل أيضاً أن تكون بالرسم، فهناك خطة مستقبلية لتكون اللوحة حاضرة في أعمالي لكن بتوقيتها المناسب لتكون ضمن المستوى الذي أريده ويلامس الأوجاع التي نعيشها.

• أبرز الفنانين الذين تأثرت بهم سواء محلياً أم عالمياً

من المؤكد أنني متطلع على تجارب أهم الفنانين العالميين والمحليين الذين أحب أعمالهم وأكن لهم كل الاحترام لكن لا يوجد لهم أثر بما أقدمه، فأنا أحاول صنع بصمة خاصة بي لتميز أعمالي، وإذا أردت الحديث عن شخص مؤثر واحد فقط فهو شقيقي سامر، حيث دائماً ما تحمل أعمالنا روحاً واحدة وإن اختلفت بمضمونها وهناك فكرة في المستقبل لنقيم معرض حواريات بين أعمالنا، لأن كلاً منا يفهم الآخر، ومن المحتمل أيضاً أن نشارك في عمل واحد، وهذا من الصعب أن يقوم به فنانان يملكان وجهات نظر مختلفة، لكن بسبب أنه توءمي فلدينا الكثير من الأفكار المتشابهة بالإضافة إلى أرواحنا المتقاربة.

• ما الخامات التي تفضل استعمالها؟

اشتغلت بمعظم أنواع الخامات حتى غير الموجودة في سورية مثل السيلكون والفوم والريزين، كما أُفضل خامة البرونز، لأنها من المواد النبيلة ولها ديمومة بالإضافة إلى الخشب والحجر.

ونتيجة للخبرات السابقة وعملي بعدد كبير من الخامات وصلت إلى هذه المرحلة المتقدمة في التعاطي مع مادة البرونز، وأصبحت قادراً على تطويع أي مادة، والسر هنا يكمن في التراكمات والخبرة التي تجعل أي فنان قادراً على التعاطي مع كل المواد، فروح الفنان هي الأساس، وليست الخامة ولكن هذا يستغرق منه وقتاً طويلاً وسنوات عدة من الخبرة حتى يصل إلى هذه المرحلة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن