ثقافة وفن

الرئيس الأسد يكرّم الثقافة والأدب

| إسماعيل مروة

كان لي الشرف بأن أُدعى إلى مراسم تقليد الرئيس بشار الأسد لنائب رئيس الجمهورية نجاح العطار «وسام أمية الوطني ذا الرصيعة» في قاعة السفراء في قصر الشعب بدمشق صباح أمس الإثنين، حيث احتشد عدد من المثقفين والأدباء والفنانين لحضور تكريم الثقافة والأدب والانتماء الذي جسدته العطار في شخصها وعملها ومسيرتها.

الرئيس الأسد والسيدة الأولى أسماء الأسد يكرمان الثقافة والأدب في شخصية من أهم الشخصيات الثقافية والأدبية في تاريخ سورية الحديث، إنها العطار نائب رئيس الجمهورية للشؤون الثقافية، ويأتي هذا التكريم تتويجاً لرحلة عمر حافلة بالعطاء والثقافة، لقامة فهمت الانتماء لسورية على حقيقته، فأعطت روحها وجهدها وعمرها للثقافة السورية والعربية القومية والعالمية، واستطاعت بمقدرتها وحكمتها وبلاغتها، وقبل كل شيء، استطاعت بانتمائها، أن تمثل سورية خلال أكثر من نصف قرن خير تمثيل، وأن تدير دفة الثقافة بحكمة وبراعة، وأن تجمع المثقفين حول سورية وقضاياها، فكان ما عملت له هو سورية، وفي كل فاصلة من فواصل سورية كانت المثقفة التي تنبري من أجل الدفاع عن القضايا القومية والوطنية العادلة.

في كلمة الرئيس الأسد أكد أن العطار تمثل نهجاً منتمياً وطنياً قل نظيره، فهي إضافة إلى منجزها الأدبي والثقافي، تمثل أنموذجاً من القيم العالية التي استحقت عليها هذه المكانة، وهذا الوسام يكتسب أهميته من شخصيتها ومسيرتها، كما عرض الرئيس الأسد لمسيرة العطار ومواقفها منذ الثمانينيات من القرن العشرين عند الحصار والهجمة الكبرى على سورية، وإلى يومنا هذا.

وأشار إلى أن السنوات الست التي فصلت بين مهمة العطار وزيرة للثقافة، ومهمتها نائباً لرئيس الجمهورية، كانت سنوات عمل وتشاور لما فيه مصلحة الوطن لم تنقطع فيها العطار عن العمل العام على الرغم من أنها كانت خارج المناصب.

وتحدثت العطار عن الوطن وقائده ومسيرته المظفرة في مقاومة المشروعات الاستعمارية والإرهابية، شاكرة هذا الاهتمام والتكريم بمنحها وساماً أموياً رفيعاً من مجد دمشق.

كرمت العطار.. وكرمت الثقافة.. ولكن قد يكون من المهم الإشارة إلى ما تحدث به الرئيس الأسد بعد تقليد الوسام مع المدعوين الذين وقف معهم فرداً فرداً، وتبادل معهم الأفكار والموضوعات بكل شفافية، ليؤكد أن المقصود من هذا التكريم هو تكريم الثوابت الوطنية التي رسمتها العطار لنفسها، ولم تحد عنها أبداً، ولم تغير من جوهرها وماهيتها، وهذا لا يعني الوقوف عند نقطة محددة، بل التعامل وفق المتغيرات، ولكن من ثوابت تتطور وتتغير مع المحافظة على الجوهر، وأشار إلى أن التقدم اليوم اختصر المسافات بين الأجيال، ففي كل عدة سنوات هناك جيل جديد، وهذا يعني بالضرورة أن يتم التعامل مع هذه الأجيال بما يلائم الثوابت اللازمة من أجل الوطن وكل ما هو وطني.

وأضاف الرئيس الأسد: إن ذلك يكون بأن يحيا الجيل الجديد ما يراه من تقدم وحضارة، ولكن أن تبقى الثوابت الوطنية حاضرة في ذهنه ووجدانه وحياته، وضرب لذلك مثلاً عن الليبرالية، بأنها ليست كما يتوهم الشباب الملاذ والحل لمشكلاتهم، وكذلك كل التيارات الفكرية والسياسية، يمكن أن تكون للفرد، ولكن ضمن الثوابت الفكرية والوطنية.

هذا التكريم وهذا الوسام، يمثلان نهجاً مهماً لكل مثقف، فكل الناس كما قال الرئيس الأسد بإمكانها أن تكتب شعراً أو نثراً، وهذه ميزة، لكن الثقافة بالدرجة الأولى تعني الالتزام بالوطن وثوابته.

لقد ركز الرئيس الأسد على أن الثقافة التي تستحق التقدير والوقوف عندها، هي المرتكزة في تمثل الثقافة والكلمة والانتماء، ورسالة هذا التكريم واضحة جلية بأن الوطن أغلى، وأن الإنسان عندما يكون ثابتاً على حب وطنه، مستوعباً لكل ما يطرأ من تغيرات، قادراً على أن يكون على مسافة واحدة من الجميع، فإن ما يفعله مقدّر من المجتمع، ويصل إلى الشرائح كافة وهو في الأهمية بمكان تقف عنده القيادة لتتحدث عنه وتكرمه، وتجعله أنموذجاً يحتذى.

إنه احتفال واحتفاء يليق بمن منح التكريم ووشاح أمية ذا القلادة، ويليق بأديبة بارعة مكللة باللغة والحب والانتماء، أمضت حياتها من أجل الثقافة والأدب، أعطت، منحت، تابعت، وها هي اليوم تذرف دمعات شكر على سفوح الشام لتكريم استحقته عن جدارة، ومنحه الرئيس الأسد الذي يقدّر الأشخاص والمواطنين حقّ التقدير.

لا شك في أن شرف حضور هذا الحفل أعطاني دفعاً قوياً، وثقة بأن للثقافة الدور والأهمية، وأن المثقف الذي يملك مشروعاً وطنياً منتمياً سيجد التقدير اللائق، وخاصة عندما أشار سيادته إلى خصوصية الثقافة في سورية، التي تعتمد القيم الأصيلة المتوارثة، ولا تلتفت إلى المكتسبات الطارئة التي تحرف الثقافة عن مسارها.

إنه الرعاية الكريمة من الرئيس الأسد للكلمة ودورها، والدليل على أن سيادته يضع الثقافة في مكانتها اللائقة، فأعطاها والسيدة الأولى العناية الكبرى، فكانت مراسم تقليد الوسام احتفالاً وطنياً، كما ألمح بأن الاحتفال الوطني للشخصية الوطنية.

شكراً للرئيس الأسد الذي لم تمنعه مهامه الجسام من أن يكون مكرِّماً للثقافة والمثقفين، لإيمانه بدور الثقافة في الحرب والسلم، وشكراً للسيدة الأولى أسماء الأسد هذا التكريم الذي يليق بالثقافة ورموزها، وشكراً للدكتورة نجاح العطار التي أعطت المثال الثقافي الوطني والعروبي الناصع، ومبارك للثقافة وشاحها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن