سورية

منح نائب رئيس الجمهورية نجاح العطار وسام أُميّة الوطني ذا الرصيعة … الرئيس الأسد: منح وسام لقامة وطنية هو مناسبة وطنية لا شخصية والإنجازات هي بحدّ ذاتها أوسمة

| الوطن

تقديراً لمسيرتها وعطاءاتها الكبيرة في ميدان السياسة والثقافة والأدب والعلوم الإنسانية، منح الرئيس بشار الأسد أمس، نائب رئيس الجمهورية نجاح العطار، وسام أُميّة الوطني ذا الرصيعة، بحضور وجوه الثقافة والفكر والأدب في سورية.

واعتبر الرئيس الأسد في كلمة له خلال مراسم تقليد الوسام، أن منح الوسام لقامة وطنية هو مناسبة وطنية لا شخصية، والحديث خلالها وعنها يأتي في نفس الإطار والسياق الوطنيين، مشيراً إلى أن الوطنية كشعور وانتماء وفكر، تبنى على مشاعر ومبادئ ومفاهيم المجتمع الذي يتشكل من أشخاصه فُرادى.

وقال: «ولأننا لا يمكن أن نتناول مفهوم الوطنية بشكل منفصل عن الأفراد فلا يمكن أن نفصل بين الجانب الوطني والجانب الشخصي للقامة الوطنية، حيث يندمج فيها، وفي نظرة الناس إليها الخاص بالعام».

ولفت الرئيس الأسد إلى أنه عادة ما يمنح الوسام على خلفية إنجازات قام بها الشخص تجاه وطنه ومجتمعه، «لكن الإنجازات هي بحد ذاتها أوسمة يحملها صاحبها، والوسام لا يمنح لوسام، والدكتورة نجاح العطار تحمل مسبقاً الكثير من الأوسمة التي تجسّد إنجازات كثيرة خلال مسيرتها الوطنية، والأوسمة التي يصنعها الشخص بنفسه، أثمن وأعلى شأناً من أي أوسمة تمنح له».

وأضاف الرئيس الأسد: «هذا الوسام بمناسبته وبحامله، يحمل رسائل عديدة، عميقة بمعانيها، واسعة بشموليتها، فهو يحمل رسالة الانتماء الوطني العميق والثابت، والمتجسد بالتفاني اللا محدود في العمل من أجل الوطن والقناعة المتجذرة بالمبادئ الحافظة له، والجامعة لمكوناته والتمسك الصلب بمصالحه، والشجاعة في مواجهة الملمات والنوائب حين تصيبه، ويحمل رسالة الانتماء القومي الذي يبدأ من اللغة العربية الأصيلة وصولاً إلى الهوية العربية الجامعة، محصناً بالفكر الغني العميق ومثبتاً بالمواقف السياسية المبدئية، ويحمل رسالة التحرر الفكري والمجتمعي والانعتاق من المفاهيم البالية، من دون الانسلاخ عن الجذور بمفاهيمها الصالحة لمجتمعنا، والانتماء لماضينا كمنصة انطلاق للمستقبل بدلاً من الانفصال عنه، ولتاريخنا كذاكرة نتعلم من دروسها ونستند إليها في تحديث مجتمعنا، بدلاً من التنكر له».

وختم الرئيس الأسد كلمته بالقول: «الوسام لا يقلد اليوم للدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية، ليمنحها مكانة أو احتراماً تمتلكهما سلفاً، وإنما ليستمد الوسام منها القيمة والمقام والقدر والاحترام».

بدورها اعتبرت نائب رئيس الجمهورية نجاح العطار وفي كلمة لها أن «معزة الوطن تفرض علينا أن نسعى بإخلاص مع قائد باسل يمتلك العزيمة الصادقة، والإرادة النزيهة، لتحقيق التقدم الذي نصبو إليه، وكما يمتلك الرئيس الأسد الحزم فإنه يمتلك تواضع الكبار ومحبة الناس، التي هي الرصيد الإنساني الذي نكبر به جميعاً».

وختمت العطار كلمتها بالقول: «واسمح لي يا سيادة الرئيس، أن أرفع لك الشكر العميق الصادق، والتحية المباركة، وجزيل العرفان لقاء الشرف الذي منحتني، وما أسبغت علي وأنت تقلدني هذا الوسام العربي الأموي الذي أعتز به على مدى الأيام».

وكانت رئاسة الجمهورية العربية السورية نوهت بما قدمته الدكتورة نجاح العطار التي حملت الوطن في قلبها وروحها، وناضلت من أجله قولاً وفكراً وعملاً وإنجازاً، ولذلك يستمد منها الوسام القيمة والمقام والقدر والاحترام مضيفة: إن سورية تفخر بتكريم قاماتها الذين أعطوا وطنهم من غزير إنتاجهم ومبادئهم على مدى عقود وأجيال فيصبح التكريم هنا مناسبة وطنية بامتياز.

النص الكامل لكلمة السيد الرئيس بشار الأسد في الحفل:

السيدات والسادة أيها الحضور الكرام

منح وسام لقامة وطنية هو مناسبة وطنية لا شخصية، والحديث خلالها وعنها يأتي في نفس الإطار والسياق الوطنيين، لكن الوطنية كشعور وانتماء وفكر، تبنى على مشاعر ومبادئ ومفاهيم المجتمع الذي يتشكل من أشخاصه فرادى.

ولأننا لا يمكن أن نتناول مفهوم الوطنية بشكل منفصل عن الأفراد، فلا يمكن أن نفصل بين الجانب الوطني والجانب الشخصي للقامة الوطنية، حيث يندمج فيها وفي نظرة الناس إليها الخاص بالعام.

بنفس هذا المنطق، عندما أتحدث اليوم عن السيدة الدكتورة نجاح العطار نائبِ رئيس الجمهورية، فأنا أنطلق من مزيج من رؤية خاصة بعيدة زمنياً قبل أن أكون عضواً في حقل الشأن العام، ومن رؤية عامة قريبة نسبياً بعد أن تسلمتُ سدة المسؤولية، وعملت معها بشكل وثيق لعقدين ونيف، منهما ستة عشر عاماً في منصبها الحالي.

ولا أنطلق من السبعينيات عند تسلمها لمهامها كوزيرة حينها، وإنما من الثمانينيات، في سنوات الدراسة الجامعية، وهي مرحلة تكون الفكر، والوعي الوطني، والانتماء القومي لدى الشباب، تلك المرحلة التي كانت تشغلنا فيها العناوين الكبرى، كالصمود في مواجهة الحصار، حصار الثمانينيات، وانطلاق المقاومة في وجه الغزو الصهيوني للبنان، والتصدي لبوادر الانهيارات العربية السياسية أمام إسرائيل وأمام الغرب، بعد كامب ديفيد، واتفاقية السلام في لبنان وسقوطها لاحقاً، وانتفاضات الجولان ضد المحتل، وغيرها من عناوين شغلت تفكيرنا وأسست لحواراتنا و كونت فكر جيلنا.

وإذا كان اهتمامنا بالوضع الداخلي هو من البدائه، فإنه كان محصوراً بالعناوين وتفاصيلها دون أسماء المعنيين بها والقائمين عليها، فلم يكن مثيراً للفضول بالنسبة لنا معرفة اسم مسؤول ما أو دوره أو مهامه، على الرغم من معرفتنا بأدوار المؤسسات وعلاقتها بالقضايا العامة ذات الاهتمام الشعبي، لكننا كنا نعرف أن هناك وزيرة للثقافة كسبت احترام المجتمع السوري بعكس ما هو سائد في ذلك الوقت وفي هذا الوقت وربما في كل وقت، من حالة الشك والارتياب تجاه أي مسؤول حتى يثبت العكس، لا الثقة به حتى يثبت العكس، هذا يعني أن كسب الاحترام لا يأتي مجاناً، ولا يأتي بمجرد تلافي الأخطاء على ضرورته، أو بالصفات الشخصية الحميدة وحدها على أهميتها، وإنما نتيجة جهود كبيرة وإنجازات ملموسة ومبادرات مستمرة، كسب الاحترام يأتي كنتيجة تراكمية لأعمال متصلة لا يجزئها انقطاع، ومسار متصاعد مستمر لا يتخلله هبوط.

هذا المسار الذي استمر منذ منتصف السبعينيات حتى انتهاء مهام السيدة نائب رئيس الجمهورية في شهر آذار من العام 2000 لم يبدل اتجاهه ولم يتراجع زخمه ولم يخبُ وهجه، فخلال السنوات التي فصلت بين مهمتين وطنيتين كوزيرة للثقافة وكنائب لرئيس الجمهورية، كنا نلتقي بشكل مستمر ومتواتر، نتحاور ونتشاور ونناقش العديد من المواضيع والقضايا في مختلف المجالات والقطاعات دونما استثناء، ست سنوات خارج المناصب لم تثنها عن العمل، ولم تضائل من غزارة أفكارها، أو تلجم اندفاعها للإنجاز وتكريس وقتها وفكرها وجهدها للمصلحة العامة الوطنية.

وفي هذه المقارنة العابرة وغير المباشرة بين مراحل مختلفة يكمن الفرق بين من يأخذ من المنصب ومن يضيف إليه، بين من يغيره المنصب ومن يفرض مُثلَه وقيمَه عليه، بين من يكبر بالمنصب ومن يكبر المنصب به.

وهنا يُطرح السؤال الذي قد يبدو خارج السياق أو في غير مكانه.

هل استحقت السيدة نائب الرئيس الوسام لمسيرتها المهنية والوطنية ولمسارها الثقافي والسياسي؟

قد يندهش البعض من هذا السؤال الذي يبدو بديهياً ويقول إن لم تكن كل تلك الأسباب والدوافع والمبررات، فماذا يكون إذاً؟

عادة ما يُمنح الوسام على خلفية إنجازات قام بها الشخص تجاه وطنه ومجتمعه، لكن الإنجازات هي بحد ذاتها أوسمة يحملها صاحبها، والوسام لا يُمنح لوسام. والدكتورة نجاح العطار تحمل مسبقاً الكثير من الأوسمة التي تجسدها إنجازات كثيرة خلال مسيرتها الوطنية، والأوسمة التي يصنعها الشخص بنفسه أثمن وأعلى شأنا من أي أوسمة يُمنح له.

فإذاً بعد كل ذلك لماذا يمنح الوسام أساساً؟

الوسام لا يمنح لصاحب الإنجاز زيادة في مكانته، أو مجرد تقدير لما قام به، وإنما لأهداف أبعد وأعمق، فأهمية الوسام تأتي من أهمية من يحمله أولاً، وبالرسائل التي يحملها ثانياً، وكلاهما مرتبط بالآخر، وهذا الوسام بمناسبته وبحامله. يحمل رسائل عديدة، عميقة بمعانيها واسعة بشموليتها.

يحمل رسالة الانتماء الوطني العميق والثابت، والمتجسد بالتفاني اللامحدود في العمل من أجل الوطن، والقناعة المتجذرة بالمبادئ الحافظة له والجامعة لمكوناته، والتمسك الصلب بمصالحه، والشجاعة في مواجهة الملمات والنوائب حين تصيبه.

يحمل رسالة الانتماء القومي الذي يبدأ من اللغة العربية الأصيلة وصولاً إلى الهوية العربية الجامعة، محصناً بالفكر الغني والعميق، ومثبتاً بالمواقف السياسية المبدئية.

يحمل رسالة الاستراتيجية السياسية التي يولد من رحمها التكتيك السياسي، فتكون له المرشد والبوصلة والمرجع، لا التكتيك الذي يولد من رحم الفراغ ويتبخر في الفراغ وتتبخر معه أوطان وقضايا ومصالح شعوب.

يحمل رسالة التحرر الفكري والاجتماعي والانعتاق من المفاهيم البالية دون الانسلاخ عن الجذور بمفاهيمها الصالحة لمجتمعنا.

والانتماء لماضينا كمنصة انطلاق للمستقبل بدلاً من الانفصال عنه، ولتاريخنا كذاكرة نتعلم من دروسها ونستند إليها في تحديث مجتمعنا بدلاً من التنكر له.

وألا تقدم لمجتمع أو شعب لا تستند مفاهيمه وعاداته وتقاليده إلى فكر ديناميكي حركي تقدمي انفتاحي إبداعي.

وأخيراً يحمل جوهر الرسائل ومركز مدارها، رسالة العائلة السليمة، فالأم التي أنتجت فكراً وعملاً، لم تنسَ واجبها المشترك مع شريكها في الحياة في تقديم أبناء ناجحين وصالحين للوطن، ولم تلهها مهامها الجسام عن الوقوف إلى جانب زوجها د. ماجد العظمة خلال مسيرته الغنية والمليئة أيضاً بالإنتاج الوطني المثمر، وكان لذلك التفاعل البناء دوره في رفع حجم ونوعية الإنتاج في مجالات عملهما، فكان كل منهما انعكاساً للآخر في أدائه ونجاحه، وقدما مثالاً أنموذجياً للعلاقة الصحيحة الصحية بين الرجل والمرأة، بين الأب والأم، وبين الزوج والزوجة.

وعندما تكون نواة المجتمع قويمة، ومدارات الفكر والانتماء حولها مستقرة وسليمة، يكون الوطن عندها عزيزاً منيعاً حصيناً.

أختم كلمتي، أيها الحضور الكرام بالقول: إن الوسام لا يُقلد اليوم للدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية ليمنحها مكانة أو احتراماً تمتلكهما سلفاً، وإنما ليستمد الوسام منها القيمة والمقام، والقدر والاحترام.

وشكراً لكم.

وسام أمية الوطني ذو الرصيعة

هو أرفع وسام سوري، أُحدث وسام أمية الوطني في الجمهورية العربية السورية بناء على دستور 1930 من خلال المرسوم الاشتراعي رقم 49 لعام 1943، وأطلق عليه اسم «أمية» تخليداً لذكرى الأعمال المدنية والعسكرية التي قامت بها الأسرة الأموية في ذهن الأمة وأبنائها.

يمنح الوسام بمرسوم صادر عن رئيس الجمهورية تقديراً للأعمال المدنية والعسكرية العظمى، ويحصل حامله على براءة موقعة من رئيس الجمهورية.

ويشمل الوسام على شعارين، الوسام والرصيعة، حيث يعكس الوسام النجمة الثُمانية بالميناء الأخضر والأبيض والمزدانة بالنقوش العربية تتوسطها كلمة «أمية» المحاطة بخطوط فضية متساوية الأطراف على ثلاثة منها نجوم حمر تعبر عن الثورات الثلاث ضد المحتل الفرنسي، أما الرصيعة فهي مماثلة للوسام إلا أنها أكبر حجماً بقليل.

يقلّد الوسام عند العنق فيما توضع الرصيعة على الصدر من الجهة اليمنى.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن